Quantcast
Channel: ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية
Viewing all 6793 articles
Browse latest View live

الإسلام السياسي في تركيا

$
0
0

 

المهندس هامبرسوم اغباشيان

إن المتتبع لتطور الحياة السياسية في تركيا سيلاحظ ظهور احزاب ذات خلفية دينية في النصف الثاني من القرن الماضي ووصولها الى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع، وقيام المؤسسة العسكرية المتمثلة بالجيش المبني على المبادئ العلمانية بالحد من سيطرة هذه الاحزاب على الحياة السياسية في البلد ، وذلك اما عن طريق الانقلابات العسكرية كما حدثت في الاعوام 1960م و 1971م و 1980م او التهديد بذلك كما حدث في عام 1997م.

لقد قام كمال اتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة،  بالغاء نظام الخلافة الإسلامية في عام 1924م (حيث يعتبر الخليفة ظل الله في الارض)، وارسى اسس دولة علمانية وذلك بفصل الدين عن الدولة، ويدعي خصومه من الاسلاميين على أنه لم يكتف بذلك فقط بل حارب الدين والتدين من خلال النظام العلماني الذي شرعه،  وإنه ربط تقدم البلاد وتطورها بالتخلي عن الهوية الإسلامية تاريخا وممارسة، وسيطر على الممارسة الدينية ومنع كل مظاهر التدين بإجراءات قانونية تحميها مؤسسات الدولة وأبرزها الجيش . مع بدء التعددية الحزبية عام 1945م استطاع الحزب الديمقراطي بقيادة رئيس الوزراء المنتخب عدنان مندريس، تشكيل حكومات متتالية في عقد الخمسينات، وفي عهده أصبحت الحكومة أكثر تسامحاً إزاء الممارسات الدينية فعادت تدريجياً بعض المظاهر الإسلامية للمجتمع، وتم فتح معاهد لتخريج الأئمة والخطباء وبناء المساجد. إلا أن الأمر انتهى بتدخل الجبش عام 1960م والحكم علي عدنان مندريس بالاعدام وشنقه.

بعد عقد من الزمن برز الاسلام السياسي في تركيا (الايمان بالإسلام باعتباره نظاما سياسيا للحكم) وحقق صعودا ملموسا منذ ذلك الحين حيث شهد عام 1970م أول ظهور علني للعمل السياسي الإسلامي بقيادة نجم الدين أربكان مؤسس حزب (النظام الوطني) الذي كان أول تنظيم سياسي ذو هوية إسلامية تعرفه الدولة التركية الحديثة منذ زوال الخلافة عام 1924م،  ولقد اسس اربكان حزبه بالتحالف مع الحركة النورسية  التي أسسها الشيخ سعيد النورسي (1873 – 1960م) والذي انشأ تياراً إسلامياً في محاولة منه للوقوف أمام المد العلماني  الكمالي الذي اجتاح تركيا عقب سقوط الخلافة العثمانية.

لم يصمد حزب اربكان (النظام الوطني) طويلا حيث تم حله بقرار قضائي من المحكمة الدستورية بعد إنذار من قائد الجيش بدعوى توجهه الإسلامي ومعارضته للنظام العلماني ونيته إقامة دولة دينية. وجاء انقلاب 1971م وما تبعة من الفوضى السياسية  في البلاد، والتدخل المباشر من قبل  الجيش  في الشؤون السياسية،  ليؤثر مباشرة على نشاط الاسلاميين، ولكن مع هذا استطاع اربكان من تأسيس حزب اسلامي جديد تحت اسم (السلامة الوطني) عام 1972 م والذي شارك في الانتخابات العامة وفاز بعدد من المقاعد الكافية للمشاركة في حكومة ائتلافية في مطلع عام 1974 م مع حزب الشعب الجمهوري برئاسة بولنت اجاويد. ولاحقا تراجع الحزب في الانتخابات النيابية عام 1977م وفقد الكثير من المقاعد في البرلمان لكنة ظل في الائتلاف الحكومي حبث قام اجاويد بتشكيل حكومة جديدة مع سليمان ديميريل رئيس حزب العدالة عام 1977م. وفي نهاية عام 1978م طالب المدعي العام التركي بفصل أربكان من رئاسة وعضوية حزب (السلامة الوطني) بتهمة استغلال الدين في السياسة، ولم يهدأ اريكان فلقد قدم في صيف عام 1980م  وهو خارج الحكومة  مشروع قانون إلى مجلس النواب يدعو فيه الحكومة إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، وأتبع ذلك مباشرة بتنظيم مظاهرة ضخمة ضد القرار الإسرائيلي بضم مدينة القدس. كانت المظاهرة من أضخم ما شهدته تركيا في تاريخها المعاصر، الأمر الذي اعتبر استفتاء على شعبية الإسلام السياسي.

لم يتاخر الجيش طويلا فلقد نفذ انفلاب سبتمير 1980م  بقيادة الجنرال كنعان ايفرين الذي أطاح بالائتلاف الحاكم ليعطل الاتجاه المتزايد نحو الورع الديني، وإعاد القوة للتيار العلماني وشكل مجلس الأمن القومي وعطل الدستور وحل الأحزاب وقام باعتقال الناشطين الإسلاميين ومن بينهم اربكان إلى جانب الناشطين اليساريين. إلا أن هاجس انتشار المبادئ الاشتراكية والماركسية واليسارية في المجتمع التركي دفع بحاملي راية العلمانية إلى استخدام الدين كسلاح فعال لمواجهة هذه المبادئ، فخففوا من الضفط على الحركات الاسلامية وامتنعوا عن التدخل في أنشطة الجمعيات الدينية ، وأصبح التعليم الديني إجباريا في المدارس، وصار المد الإسلامي في الحياة الاجتماعية التركية ملحوظاً، وانتشرت المعاهد الدينية التركية التي يطلق عليها اسم “معاهد إمام ـ خطيب” التي درس فيها العديد من السياسيين ومنهم الرئيس الحالي اردوغان. ولم يلبث تورغوت أوزال ، عند تسلمه رئاسة الوزراء عام 1983م أن تبنى سياسة إسلامية معتدلة ، فسمح بارتداء الحجاب وبقيام مؤسسات الأوقاف، كما فتح المجال أمام مزاولة نشاط رابطة العالم الإسلامي في تركيا. وفي إطار موجة الانفتاح على الحريات تم اطلاق سراح العديد من السياسيين المعارضين ومنهم اربكان الذي قام  بتاسيس حزب (الرفاه) كامتداد لحزب (السلامة الوطني) الذي ألغته المؤسسة العسكرية في عام 1981م، وحرص حزب الرفاه على التمسك بالخيارات التي تجمعه مع الإسلام السياسي في العالم العربي والإسلامي والمتمثلة في مواجهة النموذج الغربي وثقافته. وبعد تقوية التيار الاسلامي وتوسع نشاطاته في الحياة السياسة التركية، شكل نجم الدين أربكان في حزيران 1996م حكومة برئاسته وبالائتلاف مع حزب الطريق القويم برئاسة سليمان ديميريل ليصبح بذلك أول إسلامي يصل لقمة السلطة السياسية في تاريخ الدولة التركية الحديثة.

بدأت الحكومة بتبني الخطاب السياسي الاسلامي ولكنها انخرطت في قواعد اللعبة السياسية وسعت للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبفيت تركيا في حلف شمال الأطلسي، وخفف الاسلاميون لهجة انتقاداتهم لأوروبا والولايات المتحدة، ولم يعترضوا على تطور العلاقات العسكرية التركية الإسرائيلية (مع العلم بانهم طالبوا الحكومة سابقا عندما كانوا هم خارج الحكم بقطع العلاقات مع اسرائيل). ومارس الاسلاميون اللعبة السياسية بانتهازية واضحة مع تغطية دينية للحفاظ على الرصيد الشعبي والسياسيى. ولكن  الجيش والأحزاب العلمانية كانوا لهم ولزعيمهم نجم الدين أربكان بالمرصاد ، فقدم الجنرالات إلى أربكان بعد التهديد بانقلاب عسكري مجموعة طلبات لغرض تنفيذها على الفورمن ضمنها وقف كل مظاهر النشاط الإسلامي في البلاد سياسياً كان أم تعليمياً أم متعلقا بالعبادات، فكان أن اضطر أربكان إلى الاستقالة من منصبه في حزيران 1997م لمنع تطور الأحداث.  أصدر بعدها مجلس الأمن القومي جملة من الإجراءات الصارمة ضد التيار الإسلامي، ومنع نجم الدين أربكان وقياديين اخرين من حزبه من ممارسة اي نشاط سياسي لمدة 5 سنوات، وهدفت هذه الإجراءات إلى القضاء على أدنى احتمال لعودة الحركة الاسلامية الى الحياة السياسية وثم حظر حزب (الرفاه) في عام  1998م. ولقد تحول حزب (الرفاه) بعد الحضر إلى حزب الفضيلة بزعامة احد معاوني اربكان والذي تم حله أيضا في 2000م ، ثم استقر أخيراً على اسم حزب السعادة عام 2003 بعد انتهاء الحضر على اريكان الذي حكم علية لاحقا بتهمة اختلاس اموال من حزب الرفاه المنحل، وحكم عليه بالسجن وانتهت حياتة السياسية، وسجل التاريخ بكونه احد ابرز قادة الاسلام السياسي في تركيا الحديثة.

في عام 2001م تم تاسيس حزب (العدالة والتنمية) من قبل مجموعة من الشباب الذين ترجع جذورهم الى حزب الرفاه الإسلامي وبنيته الفكرية الإسلامية، ولكنهم انشقوا عن تياره، بقيادة عبد الله غول ورجب طيب أردوغان واخرين وكونوا حزبهم الجديد، وانتخب رجب طيب أردوغان لقيادة الحزب وهو خريج معاهد (إمام – خطيب) شأنه شأن معظم قادة الحزب، وكان اردوغان  قد خرج من السجن بعد إدانته بتهمة التحريض على التعصب والنيل من العلمانية، حيث قضى عدة أشهر في السجن عام 1999م بسبب خطبة سياسية اعتبرتها المحكمة تحريضية لما أورد من أبيات شعرية قال فيها )أن المساجد ثكناتنا، والقبب خوذنا، والمآذن مدافعنا، والمؤمنون جنودنا وهذا الجيش يحمي ديننا(، كما صدر حكم بحظر نشاطه السياسي مدى الحياة غير أنه ألغي بمقتضى عفو عام صدر في ديسمبر 2001م .

ظفر حزب العدالة والتنمية في عام 2002م بحق تشكيل الحكومة بعد حصوله على أغلبية برلمانية متمثلة بـ 363 مقعداً من أصل 550 مقعد في الانتخابات التي جرت في تشرين الثاني من نفس العام وقام عبد الله غول بتشكيل الحكومة من دون الحاجة الى دعم بقية الاحزاب ، وقد عدّ ذلك بمثابة مؤشرا على وجود اتجاه شعبي عارم يرغب باستعادة الوجهة الإسلامية لتركيا. وفي عام 2003 م اصبح عبد الله غول رئيسا للجمهورية ليشكل اردوغان وزارتة الاولى عام 2003م والثانية عام 2007م والثالثة عام 2011م وليكمل بعدها مسيرتة السياسية وينتخب رئيسا للجمهورىة في عام 2014م ، وهو منصب يفترض أن يكون شرفيا وفقا للدستور التركي، ولكن طموحات اردوغان لم تقف عند هذا الحد فازاح رفيق الامس الاستاذ الجامعي والسياسي المحنك احمد داود اوغلو من رئاسة الوزارة التي عينه فيها، وعين بدلا منه بن علي يلدرم المتوافق معه في تنفيذ ما عكف داود اغلو عن تنفيذه، وبذلك مهد اردوغان الطريق لتحويل نظام الحكم الى نظام رئاسي عن طريق التصويت حيث صوت 53.1% من المشتركين بنعم  ليكون اردوغان الحاكم بامره بعد كل تلك الصلاحيات التي حصل عليها.

لقد قدم اردوغان نفسه في البداية كسياسي منفتح على الغرب ومستعد لقيادة بلده ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية والليبرالية الغربية وبذلك اعتبره الغرب النموذج المطلوب لقيادة الدول الاسلامية وقرر مساندته. ولكن لم يدم ذلك طويلا اذ كشر اردوغان عن انيابه واعلن بأن الإسلام والعلمانية لا يمكن أن يتعايشا معاً، وبدأ بالحد من مظاهر العلمانيه وقاد البلاد نحو الاسلمة. ولقد أثارت طريقة تعامله بالقوة المفرطة مع المعارضين ومطاردة الصحفيين وسجنهم واستخدام القضاء لإسكات خصومه السياسيين استياء المراقبين في الداخل والخارج. وفي نفس الوقت بدأت العلمانية بفقدان مواقعها وتاثيرها على الشارع السياسي التركي وكان من الطبيعي ان يتحرك الجيش للدفاع عن العلمانية والحد من التطرف الاسلامي الذي بدأ يتحول اليه سياسة البلد، ولكن تحرك اردوغان بسرعة وقام بتقليم اظافر الجيش مبكرا وحاكم مجموعة كبيرة من العسكريين وزج بالعديد منهم في السجون بتهمة التامر على النظام ،(حركة ارجينيكون)، وادى ذلك الى استقالة قادة الجيش والقوات البحرية والجوية، واطلق اردوغان العنان لأجهزة الدولة عام 2013 كي تخمد احتجاجات واسعة في اسطنبول والتي تركزت في حديقة غيزي، وامتدت الاحتجاجات إلى مدن أخرى، وشارك فيها أتراك علمانيون تساورهم شكوك بشأن الميول الإسلامية لحزب العدالة والتنمية.

ويجدر بالذكر هنا بانه مع بزوغ نجم حزب (العدالة والتنمية) وتوليه زمام السلطة، نشأ حلف غير معلن بينه وبين جماعة الداعية فتح الله غولن، التي يطلق عليها اسم (هزمت – الخدمة) المتجذرة في المجتع التركي منذ عشرات السنين، وحصلت من خلاله الأخيرة على الكثير من الامتيازات، من نواب ووزراء وحرية عمل وانتشار في مقابل تصويت أعضاء الجماعة لحزب العدالة والتنمية. إلا أن شهر العسل هذا لم يدم طويلا، وبدأ ظهورالخلافات بين الطرفين واعتبر البعض بان حزب (العدالة والتنمية) تقصد مواجهة الجماعة وإضعافها لشعوره بانتشارها في مفاصل الدولة وقوتها المتزايدة واعتبرتها (التنظيم الموازي) لسلطتها، بينما اعتبر اخرون أن جماعة فتح الله غولن هم الذين استعجلوا هذه المواجهة من خلال مواقفهم التي أغضبت أردوغان وحزب (العدالة والتنمية) واعتبرت هذه المواقف بمثابة تحضير لانقلاب من قبل فتح الله غولن وجماعته على الحكومة ورئيسها.

واخيرا تحرك الجيش وشهدت تركيا في 15 حزيران 2016 محاولة انقلابية عسكرية فاشلة اخمدت بسرعة مما دعى المراقبين للسؤال عن من اعطى الضوء الاخضر للجيش هذه المرة للتحرك ؟

اتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حليفه السابق فتح الله كولن بتدبير الانقلاب الفاشل  فيما نفى كولن هذه التهمة وأعلن رفضه للانقلاب. ولقد صرح كمال كليجداراوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض وحسب موقع (www.al-monitor.com) في 8 اب 2017، بان الانقلاب كان ( مسيطرا عليه) ويقصد انها كانت تحت سيطرة الحكومة، بينما صرح عضو البرلمان  واحد اعضاء حزب الشعب الجمهوري مصطفى اكايدن وحسب نفس المصدر بان الانقلاب الفاشل كان عرضا مسرحيا.وبالرغم من كل الذي قيل ويقال في هذا الموضوع فان اردوغان ضرب عدة عصافير بحجارة واحدة، فمع تصفية عناصر حليفه السابق كولن ، استطاع تصفية خصومه العقائديين في الجيش وعين ثلاثة من انصاره في القيادات الرئيسية ( البرية والبحرية والجوية)، واستطاع تخفيف معارضة حزب الشعوب الديمقراطي وذلك بزج قياداتة في السجون وطالت عقوباتة اخيرا حزب الشعب الجمهوري، ويبدوا انة سيستمر في تصفية معارضيه واسكات خصومه ليصفى الجو له تماما وسينتعش الاسلام السياسي حسب اجتهادات اردوغان واتباعه، وفي المقابل سوف يلملم الجيش جراحاته ويتهيا من جديد وستكمل المعارضة مسيراتها الاحتجاجية، واذا نجحت في توحيد صفوفها واستغلال اخطاء اردوغان ونهجه الدكتاتوري فسوف تستطيع اسقاطه عبر صناديق الاقتراع وبدعم من الجيش ليبزغ من جديد فجر العلمانية وينتصر على الاسلام السياسي.

لوس انجلوس – كاليفورنيا

آب 2017

 


تحرير الجرود انتصار للبنان واللبنانيين…بقلم النائب هاكوب بقرادونيان

$
0
0

إن الحرب التي أطلقها الجيش اللبناني في الأيام الماضية ضد الإرهاب التكفيري تقترب من نهايتها في الأيام المقبلة ليخرج من المعارك القتالية منتصراً، خاصة في جرود رأس بعلبك والقاع. وقبل أيام تفصلنا، تم تحرير جرود عرسال بتضحيات مقاتلي المقاومة.

وإن كانت الاصطفافات السياسية في الساحة الداخلية اللبنانية تتحفظ بعض الشيء حيال انتصار المقاومة، فإن شهداء الجيش اللبناني والانتصارات التي سطرها الجيش كان مرحباً بها من قبل الجميع وبدعم لامتناهي، على مستوى التصريحات على الأقل.

بغض النظر عن المواقف المعلنة مما يجري، من الضروري تسجيل التأكيدات التالية:

أولاً: إن الجيش اللبناني والقوات المسلحة يبقى حجر الأساس للوحدة الوطنية والسيادة والاستقلال والحفاظ على الأمان.

رغم الكثير من الصعاب، إلا أن الجيش برهن على أنه القوة الموحدة التي تتسلح بالعقيدة الوطنية اللبنانية، ومستعد لتقديم التضحيات من أجل الدفاع عن الوطن. وأفضل دليل على ذلك نهر البارد، ثم عبرا، والآن سلسلة جبال لبنان الشرقية.

ثانياً: يحق للجيش اللبناني وفق الدستور الحفاظ على وحدة الأراضي. ورعاية القوى السياسية تسهل مهمته تلك. وهنا يكمن معنى وجود رئيس للجمهورية منتخب بتمثيل حقيقي وصحيح. وبذلك، فإن الجنرال ميشيل عون أثبت بجدارة شخصية الرئيس القوي، وكقائد عام للقوات المسلحة أدرك وضعية البوصلة باتجاهها الصحيح. لقد كان ومازال محور اهتمام كل لبناني، ومصدر آماله، ومركز رعايته.

ثالثاً: إن انتصارات الجيش اللبناني وفي الوقت نفسه المقاومة، تبعد فعلياً عن لبنان خطر الإرهاب المتصاعد. هذا الانتصار هو انتصار سطّر بالدم، وهو مهداة للبنان وللشعب اللبناني ولكل مواطن لبناني. وسيعتبر اللبناني نفسه منتصراً مرفوع الرأس بفضل التضحيات الكبيرة التي تحافظ على الوطن ووجود المواطن.

رابعاً: ما جرى، ويجري، هو نتيجة بناء الثقة بشكل أكبر في فترة النظام الحالي، والاعتراف المتبادل، والجو العام من القبول والاحترام.

وينبغي أن يتطور هذا الجو، ويسهم في تعزيز الوحدة الداخلية، من أجل إمكانية إنقاذ لبنان والقوى اللبنانية المختلفة من التدخلات الخارجية تدريجياً.

لقد دخل لبنان مرحلة جديدة.

ومن الضروري اللحاق بهذه المرحلة.

الشهداء الذين سقطوا على أرض المعركة هم شهداؤنا جميعاً، أما الجرحى، فهم أخوتنا.

نحن فخورون بهذه الانتصارات.

أرمن لبنان يدعمون الجيش اللبناني ويتبرعون بالدم

$
0
0

 

أزتاك العربي- بادر الأرمن في لبنان الى الدعوة التي أطلقتها اللجنة المركزية في حزب الطاشناك بلبنان للأرمن بين 18-45 عاماً للمشاركة في حملة التبرع بالدم، لدعم الجيش اللبناني الذي يحارب الإرهاب، ويحرر الأراضي اللبنانية المحتلة، ويقدم الشهداء والجرحى في سبيل المهمة المقدسة.

وقد جرت حملة التبرع بالدم يوم الجمعة في 25 آب الجاري، صباحاً من الساعة 9 والنصف حتى 3 بعد الظهر، في ساحة برج حمود.

حيث قام النائب وأمين عام حزب الطاشناك في لبنان هاكوب بقرادونيان بزيارة الى الساحة، وأعرب أن الدعم هو التعبير الطبيعي لشعبنا. وقال: “نحن نؤمن بوحدة لبنان واستقلاله ونضال الشعب اللبناني ضد الارهاب. إنه أقل واجب ان نقوم نحن اليوم بهذه الحملة وان ندعم الجيش ونساعد اخوتنا وأولادنا الجرحى في المستشفيات الذين هم بحاجة الى نقطة دم”.

وأعرب عن شعوره بالارتياح أمام هذا المشهد حيث يأتي الأرمن للمشاركة في حملة التبرع. واعتبر أن هذا أمر طبيعي، لدعم الجيش والوطن الحر والمستقل والموحد.

ومن جهته أشار وزير السياحة أفيديس كيدانيان الى أن هذه المبادرة هي أقل شيء نقدمه. وأكد أن الجيش اللبناني سجل انتصارات كبيرة خلال السنوات الماضية. ودعا الجميع للمشاركة في المبادرة ودعم الجيش الذي يحارب الإرهاب وداعش.

بدوره قال عضو اللجنة المركزية فيكين أفاكيان إن الجميع يدرك أنه من خلال هذه الخطوة يبدي امتنانه  للجيش، وهي مبادرة سياسية لدعم البلاد، وأن الأرمن يدعمون المؤسسة التي تجمع كل الطوائف في لبنان.

كما زار الساحة وشارك في الحملة رئيس بلدية برج حمود مارديك بوغوصيان، والوزير السابق فريج صابونجيان وشخصيات أخرى.

برقيات مجازر الأرمن…من مذكرات نعيم بك (5)

$
0
0

ونتيجة للويلات، والبؤس، والأمراض، كان يموت كل يوم ما بين سبعمائة وثمانمائة أرمني. وكانت جثثهم تترك على الطريق، في الوحل، وفريسة للطيور الكاسرة. وكان ضباط ألمان ونمساويون، وهم شهود عيان لهذه المناظر الرهيبة، يصورونها ويبعثون بالصور إلى بلدانهم.

برقية رقم 502، إلى ولاية حلب.

(نوصيكم بإخضاع النساء والأطفال أيضاً إلى الوصفات التي سبق أن أبلغت عن إخضاع ذكور الأشخاص المعروفين لها »الأرمن«، وأن تكلفوا بهذا العمل أشخاصاً موثوقين.

3 أيلول 1915

وزير الداخلية طلعت.

برقية رقم 537، إلى ولاية حلب.

(علمنا بأن بعض أبناء الشعب والموظفين يتزوجون النساء الأرمنيات. ومع منعي ذلك منعاً باتاً، أصر على التوصية بإرسال النساء من هذا النوع إلى الصحراء بعد طلاقهن.

29 أيلول 1915

وزير الداخلية طلعت.

برقية رقم 691، إلى ولاية حلب.

(أبيدوا بوسائل سرية كل أرمني من المقاطعات الشرقية قد تعثرون عليه في منطقتكم.

23 تشرين الثاني 1915

وزير الداخلية طلعت.

إثر هذه البرقية أجرت مديرية شرطة حلب تحقيقات واعتقلت الأرمن الذين أشير إليهم وسلمتهم إلى دائرة مساعد المدير العام للمنفيين. وقد قتلوا حتماً بالطريق بعد رحيلهم من حلب.

برقية رقم 820، إلى ولاية حلب.

(أوصيكم بصورة عامة بأن ترسلوا بعد الآن مباشرة إلى منفاهم كل الأرمن الذين يأتون من الشمال دون أن تسمحوا لهم بالبقاء في مدينة أو في قصبة.

4 كانون الثاني 1916

وزير الداخلية طلعت.

إن الغرض من هذه البرقية هو زيادة عذاب السكان من أجل إبادتهم بشكل أكيد أكثر. وإذا استطاعوا التوقف في مدينة، فبإمكانهما الاستراحة قليلاً والحصول على بعض السلع للرحلة.

وكانت هناك مسألة النفي تحت الحراسة. وبالنسبة لأولئك الذين كانوا معرضين لهذه المصيبة، لم يعد هناك أي أمل أو أي احتمال ببقائهم على قيد الحياة. وقد كانوا بصورة عامة شباناً اعتقلوا كمشبوهين، وكان يقذف بهم في البداية، في غرفة قذرة وضيقة في فناء سجن حلب، حيث ترفض الكلاب أن تعيش. وبعد إبقائهم مدة عشرة أو خمسة عشر يوماً نصف جائعين، كان يجري سوقهم مكبلي الأيدي يرافقهم دركيون. وحيث أنه كان لدى الدرك الأمر بقتلهم، كانوا يعدمون بالطريق في مكان مقفر، ومن ثم كان يجري تبليغ ذلك إلى إدارة المنفيين بالشكل التالي: »إن المدعوين… المنفيين بتاريخ… قد وصلوا إلى المكان الذي أرسلوا إليه«. إن أولئك الذين كان يصدر أمر بأن يرافقهم دركيون كان محكوماً عليهم حتماً بالموت.

برقية رقم 75، إلى المديرية العامة لتوطين القبائل والمنفيين.

(ثبت، بعد التحقيق، أن عشرة بالمئة على الأكثر من الأرمن الخاضعين للنفي العام قد وصلوا إلى منفاهم، وأن الآخرين ماتوا في الطريق بسبب الجوع، والأمراض، وغير ذلك من الأسباب الطبيعية المماثلة. آمل تحقيق نفس النتيجة بالنسبة للباقين على قيد الحياة بمعاملتهم بشدة.

10 كانون الثاني 1916

عبد الأحد نوري.

إن الهدف من نقل الأيتام إلى سيواس كان قتلهم. وقد أعطيت لي أيضاً تعليمات بصدد نقلهم. وتحت إشراف موظف كلف بذلك خصيصاً، كان هؤلاء الأيتام سيرسلون إلى أريغلي وسينقلون من هناك إلى سيواس بعربة. وكان مطلوباً مني أن أبقى في أريغلي. وفي ذلك الوقت، كان المبلغ المخصص لسوق المنفيين قد نفد. وكان ينتظر وصول تخصيصات جديدة، ولكنها تأخرت ولم تتحقق العملية. وبعد سبعة أو ثمانية أشهر اتخذ قرار جديد، وأرسل الأطفال إلى الصحراء.

إن البرقية التالية المرسلة بالشيفرة من مصلحة المنفيين في حلب إلى استانبول هي دليل قاطع بهذا الصدد:

برقية رقم 63، إلى المديرية العامة لتأمين إقامة القبائل والمنفيين.

(في الوقت الذي يستفحل فيه البرد، فبإرسال الأيتام الموجودين تحت تصرفنا إلى المكان المعين »سيواس« سنؤمن راحتهم الأبدية. ونطلب بالتالي إرسال التخصيصات المطلوبة.

عبد الأحد نوري.

برقية رقم 603 إلى ولاية حلب،

(علمنا بأن أطفال الأشخاص المعروفين “الأرمن” المنفيين من ولايات سيواس، ومعمورة العزيز، ودياربكر، وارضروم، الذين تيتموا وأصبحوا دون معيل نتيجة لموت ذويهم، وقد تبنتهم عائلات مسلمة أو أخذتهم كخدم. ونهيب بكم البحث عن كل الصغار الذين هم في هذا الوضع وإرسالهم إلى منفاهم، ومن ثم تحذير السكان بهذا الصدد بالطريقة التي تجدونها مناسبة.

5 تشرين الثاني 1915

وزير الداخلية طلعت.

إن عائلة من مدينة مرزيفون، في منطقة أماسيا، قد اعتنقت الإسلام قبل أيام من بدء عملية النفي في مدينتها، وأبلغت برقياً رئيس العائلة الذي كان يوجد آنذاك في تشوروم. وحين علم هذا الرجل بأن امرأته وأولاده اعتنقوا الإسلام، أسلم هو أيضاً، لكنه لم يستطع تفادي النفي. وحين وصل إلى حلب قدم استدعاء ذكر فيه أن عائلته في مرزيفون، وهو شخصياً، قد أسلموا، وطلب السماح له بالعودة إلى بلده. ولدى مراجعة مرزيفون، وتشوروم، تحقق في الواقع بأن هذا الرجل قد أسلم وأن اسمه أصبح يوسف ضياء. ولكن بالرغم من ذلك، فإن عبد الأحد نوري بك كتب بهذا الصدد: “بالرغم من إسلامه، وحيث أنه لا يمكن أن يكون هناك استثناء في النفي، يجب أن يذهب إلى دير الزور مع المنفيين الآخرين ويجب أن تلحق به عائلته”. ووافق الوالي على القرار.

إن البرقية التالية من وزارة الداخلية تثبت أن سلوك عبد الأحد نوري بك وموافقة الوالي قد أملتها تعليمات خاصة وردت من استانبول.

برقية رقم 762، إلى ولاية حلب.

(جواب على برقيتكم بتاريخ، كانون الأول 1915.

أبلغوا الأرمن الذين يطلبون، رغبة منهم في تجنب النفي العام »نحو الصحراء« اعتناق الإسلام، أنهم لا يمكن أن يسلموا أبداً إلا بعد ذهابهم إلى منفاهم.

17 كانون الأول 1915

وزير الداخلية طلعت.

…حين كانت ترتكب هذه الجريمة، كان طلعت باشا يبحث عن وثائق تؤمن إفلاته من العقاب، وكان قد خصص لجميع هذه الوثائق بعض الموظفين، وكان ينفق من مال الخزينة. وكان يريد تبرير جريمته بتصوير بعض الأسلحة والبنادق، التي قيل زعماً بأنها وجدت في بيوت الأرمن. ومع الأسف! فإذا كان وجود الأسلحة دليل تحريض وتمرد، فإن كل أجزاء تركيا الأخرى كان يجب أن تعتبر بؤر تمرد. اذهبوا إلى أية قرية تركية وستجدون فيها مئات قطع الأسلحة من الـ»مارتيني« و»الموزير«. وهذه الأسلحة ليست من أجل إحداث اضطرابات وأعمال تمرد، لكن الفلاحين يحتفظون بها، لكي يدافعوا، حين الضرورة، عن حياتهم وممتلكاتهم ضد الأشقياء. وتتبين من هذا الواقع حقيقة أن الحكومة قد حكمت على شعبها بانعدام الأمن.

رقم 563، برقية بالشيفرة من وزارة الداخلية مرسلة إلى ولاية حلب.

(أعدوا وأرسلوا إلينا من الآن حتى أسبوع، الأوراق المطلوبة بموجب الأمر السري رقم 1923 بتاريخ 25 أيلول 1915.

12 تشرين الأول 1915

وزير الداخلية طلعت.

(»حاشية«، استفسار من المصلحة العامة للمنفيين.

23 تشرين الأول  الوالي مصطفى عبد الخالق).

في هذا الأمر السري توصية بالعثور على بعض الأرمن من حاجين، ودورت يول، ومرسين، وإكرامهم، وتدليعهم، ودفعهم للموافقة على أن يكتبوا بأيديهم وبتواقيعهم وثيقة يعلنون فيها أن الداشناقتسوتيون يقوم باستعداد لتفجير تمرد في وقت الحرب، وأنه أمن في كل مكان الحاجات الضرورية لهذا التمرد. وأعطي التوجه أنه فضلاً عن ذلك، فإن الموقعين على هذه الورقة يجب أن يكونوا أصحاب وضع مرموق.

وإثر هذه البرقية تحققت أشياء كثيرة لتنفيذ هذا الأمر، ولكنني أجهل كيف وبأية وسيلة. ولهذه الغاية اعتقل وسجن بعض الأشخاص. وجمعت لجنة تتألف من ضابط في المحكمة العرفية، وموظف قضائي، ومستشار المنفيين أيوب بك، عددا من الاعترافات من هؤلاء الأشخاص. بل وقد جرى تصويرهم، لكنني أجهل النتيجة.

 

المصدر: من مذكرات نعيم بك، سكرتير أول لدى مدير عام مساعد لشؤون المنفيين ، مقطتفات من كتاب (مجازر الأرمن شهادات ووثائق) إعداد باروير يريتسيان، بيروت، 1986. (5)

مقتطف من كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق) بمناسبة ذكرى مرور مئة سنة على الإبادة الأرمنية (1915-2015)”، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

 

مقتطفات من (القصارى في نكبات النصارى) حول إبادة الأرمن

$
0
0

مؤلف كتاب »القصارى في نكبات النصارى«، الذي هو العلامة الاب اسحق ارملة السرياني ، وكما يبدو امتنع عن كشف اسمه وشخصيته لأسباب أمنية، خاصة وأن هذا العمل الهام والقيم جداً صدر لأول مرة في عام 1919 باللغة العربية مباشرة بعد انتهاءالحرب العالمية الأولى وهزيمة الأمبراطورية العثمانية فيها ثم ظهور الكماليين على مسرح التاريخ في تركيا.

من قراءة خمس أجزاء الكتاب يمكننا أن نستنتج بكل تأكيد أن العلامة الاب اسحق ارملة السرياني ماشهد من جرائم أصابت الشعوب المسيحية من كنائس مختلفة من أرمن وكلدان ويعاقبة وبروتستانت، وهو ينتمي الى طائفة مسيحية في منطقة بلاد الرافدين خاصة مدينة ماردين، حيث عاشت وتعرضت كل الطوائف المسيحية ومن بينهم الأرمن لمخاطر جمة ولمجازر مستمرة من قبل السلطات العثمانية.

إن التهديد والاضطهاد العرقي والطائفي الوحشي الذي جرى بعد الحرب العالمية الأولى في عصر الكماليين أيضاً أدى إلى تشريد ونزوح العناصر المسيحية الباقية على قيد الحياة إلى مناطق الجنوب أي إلى سورية والعراق سعياً للخلاص من العنف التركي.

هذا ويجب الإشارة إلى أن هذا الكتاب، بلا شك، ألف في أعوام الحرب العالمية الأولى، كما يكتب المؤلف في مقدمته الفرنسية المرفقة، ويدل على ذلك معلومات أو يوميات المؤلف عن المجازر والجرائم الشنيعة في المناطق المذكورة من قبل القادة العثمانيين. ويمكننا القول أن المؤلف، كما ذكرنا، رجل روحاني مسيحي مثقف ولديه معلومات عميقة وموثقة عن تاريخ المنطقة وانتشار المسيحية فيها وعن أحوال ومعاناة الطوائف المسيحية. الكتاب، كما يذكر في تعريفه »وثيقة تاريخية نادرة تسجل بشمول وتفصيل ما لحق بالمسيحيين في تركيا وبلاد ما بين النهرين ولا سيما في ماردين من الظلم والتعدي والخطف والنفي والسبي والذبح والقتل وسائر الفظائع وذلك في سنة 1895 وفيما بين سنة 1914 وسنة 1919«.

ويعير المؤلف انتباهاً بالغاً لتاريخ شعوب المنطقة ومدنها وحضارتها من القدم حتى أيامه. وضمن سرد الحوادث والوقائع التاريخية خصص الكاتب فصولاً كاملة لتاريخ أرمينيا وكنيستها العريقة ومعاناة شعبها في العهد العثماني وتعرضه للمجازر والمذابح والويلات من قبل السلطات التركية في النصف الثاني من القرن التاسع وأوائل القرن العشرين.

ويثير الاهتمام خاصة معلومات المؤلف المفصلة عن مذابح الطوائف المسيحية في مدن وقرى بلاد ما بين الرافدين وتعرض رجال الدين المسيحيين للظلم والقتل الشنيع والتعامل غير الإنساني من قبل الدوائر التركية الرسمية والحكام في تلك المناطق.

آخذاً بعين الاعتبار الكم الهائل للمعلومات التي أوردها المؤلف، اكتفينا بنقل مقتطفات بسيطة فقط من كتابه الغني بالمواد النادرة عن تلك الحقبة الرهيبة ومظالم الأتراك وأدواتهم، والتي تنشر لأول مرة، لإعطاء القارئ صورة عامة تفوق التصور الإنساني عن الأعمال الشنيعة التي ارتكبت ضد العرق البشري.

المصدر: من فصل (القصارى في نكبات النصارى، للعلامة الأب اسحق أرملة السرياني، الطبعة الأولى- 1919) (1).

مقتطف من كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق تاريخية)، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

شهادة أرنولد ج. توينبي حول إبادة الأرمن

$
0
0

من هو أرنولد توينبي؟

 

ولد (Arnold Joseph Toynbee) في لندن، في عام 1889، عمل كمدرس للغتين اليونانية واللاتينية في أكسفورد، وتقلَّب في عدَّة مناصب، منها: أستاذ الدراسات اليونانيَّة والبيزنطيَّة في جامعة لندن، ومدير دائرة الدراسات في وزارة الخارجية البريطانية؛ توفي في 22 تشرين الثاني عام 1975.

بدأ دراسة الاقتصاد السياسي في جامعة أكسفورد، ثم ذهب للتدريس بعد تخرجه في عام 1878. له محاضرات عن تاريخ الثورة الصناعية في القرنين 18 و19، كان أول من استخدم ونشر مصطلح “الثورة الصناعية” في  الأقاليم الناطقة بالإنجليزية وألمانيا وأماكن أخرى.

يُعتبر توينبي أحدث وأهم مؤرخ بحث في مسألة الحضارات بشكل مُفصَّل وشامل، ولاسيما في موسوعته التاريخية “دراسة للتاريخ” التي تـتألَف من اثـني عشر مجلداً، استغرق في تأليفها واحداً وأربعين عاماً. وهو يرى خلافاً لمعظم المؤرخين الذين يعتبرون الأمم أو الدول القومية مجالاً لدراسة التاريخ، أنَ المجتمعات (أو الحضارات) الأكثر اتساعاً زماناً ومكاناً هي المجالات المعقولة للدراسة التاريخيَّة.

وهو يُفرق بين المجتمعات البِدائية والحَضارية، وهذه الأَخيرة أقل عدداً من الأولى، فهي تبلغ واحدًا وعشرين مجتمعاً اندثر معظمها، ولم يبقَ غير سبع حضارات تمر ست منها بدور الانحلال، وهي  الحضارة الأرثوذكسية المسيحية البيزنطية، والأرثوذكسية الروسية، والإسلامية، والهندوكية، والصينية، والكورية-اليابانية؛ أمَّا السابعة، أي الحضارة الغربية، فلا يُعرف مصيرُها حتَّى الآن.

ويفسر أرنولد توينبي نشوء الحضارات الأولى، أو كما يسميها الحضارات المنقطعة، من خلال نظريَّته الشهيرة الخاصة بـ”التحدِي والاستجابة”، التي يعترف بأنَّه استلهمها من علم النَفس السلوكي، وعلى وجه الخصوص من كارل يونغ 1916- 1987، ويقول هذا العالم إن الفَرد الذي يتعرَض لصدمةٍ، قد يفقد توازنه لفترة ما، ثمَّ قد يستجيب لها بنوعين من الاستجابة: الأولى النكوص إلى الماضي لاستعادته والتمسك به تعويضاً عن واقعه المر، فيُصبح انطوائيا؛ والثانية، تقبُّل هذه الصدمة والاعتراف بها، ثمَّ مُحاولة التغلُّب عليها، فيكون في هذه الحالة انبساطياً. فالحالة الأولى تعتَبر استجابة سلبية، والثانية إيجابية بالنسبة لعلم النفس. (لاحظ أن ذلك ينطبق على حالة العرب، فإنَّهم تعرَّضوا لصدمة الحضارة، فلجؤوا إلى النكوص إلى الماضي دفاعًا عن النفس.

أرنولد توينبي يعادي الحروب، ويعتبر اختلاف القوميات هو السبب الرئيس لنشوب الحروب، بالنسبة له الحروب هي من أكبر الجرائم، ودليل على فشل الإنسان الخلقي، فهي ظهرت من بداية حضارة الإنسان، عندما أصبح لدى الإنسان فائض من الوقت والطاقة والإنتاج وقوة التنظيم والإدارة، لإعداد مجموعة قادرة على القتل وتعريض نفسهم للموت من غير تردد.

“ارتكبت كل هذه الأعمال الوحشية بحق الأرمن على الرغم من أنهم لم يفعلوا أي شيء يدعو لذلك”.

أرنولد توينبي، 1915

كان لتوينبي بعد الحرب العالمية الثانية مشاركات عديدة ومقالات عن المجازر الأرمنية وتنديد لسياسة حكومة تركيا الفتاة والعديد من الخطابات.

وفي كتابه معاملة الأرمن في الأمبراطورية العثمانية 1915 كتب: بذلت الحكومة العثمانية قصارى جهدها لمنع نبأ تسريب وتهجير الأرمن إلى العالم الخارجي، فأنشأت رقابة صارمة على كل الحدود وقطعت الاتصالات الخاصة بين القسطنطينية والمحافظات، وتم عزل المحافظات، والمحافظات نفسها كانت معزولة عن بعضها بعضاً، وقد تم الحصول على المعلومات التي لدينا من الشهود الذين نجحوا في الخروج من تركيا بعد وقوع المجازر وعمليات الترحيل. والمذكورة تجاربهم في هذا الكتاب.

ومن التوطئة التي كتبها توينبي ” للكتاب الأزرق” الذي نشرته الحكومة الإنكليزية في آب 1916، والذي يحتوي على شهادات شهود عيان كثر حول المجزرة الأرمنية، وعلى تحليلات مؤرخين محايدين تتمتع بصفة علمية وأكاديمية لا غبار عليها ذكر:

“يجب في البداية تحديد عدد الأرمن القاطنين في الإمبراطورية العثمانية في الفترة التي بدأت فيها عمليات الإبعاد. كل الأرقام الأخرى تعتمد في النهاية، على هذا الرقم الأول الذي يصعب الحصول عليه، لأنه ليس لدينا أي تقدير نابع من مصدر أجنبي مستقل، وتناقض التقديرات الآتية من تركيا واسع.  وبحسب البطريرك الأرمني الذي قام بإحصاء عام 1912، يبلغ عدد الأرمن في الإمبراطورية العثمانية مليونين ومئة ألف نسمة. والحكومة التركية في إحصاءاتها الرسمية الأخيرة تقدم رقم المليون ومئة ألف نسمة ليس أكثر. من الجهتين هناك مصلحة رسمية بالمبالغة بالأرقام، ولكن هناك مجال للاعتراف بأن الأرمن يحترمون أكثر من الآخرين دقة الأرقام، أو أن لديهم على الأقل الشعور بلا جدوى تزوير الأرقام. وحتى نكون محايدين في هذه الظروف، فإننا سوف نقسم الفرق إلى اثنين، فنقدم مؤقتاً رقم المليون وستمئة ألف نسمة مع الاعتراف بأن الرقم الحقيقي يقع على الأرجح بين هذا الرقم ورقم المليونين، وبأنه يقترب من هذا الأخير على الأرجح. والأرقام الأخرى التي نحتاج إليها سوف يمكن أخذها، لحسن الحظ، من شهادات أجنبية حيادية يندر وجود تناقضات فيها.

من أشهر مؤلفاته:

الفظائع الأرمنية:  قتل أمة هودر و ستوكتون 1915

الجنسية والحرب (دنت 1915)

معاملة الأرمن في الإمبراطورية العثمانية 1915

أوروبا الجديدة (دنت 1915)

دمار بولندا (دراسة في الكفاءة الألمانية 1916)

الإرهاب الألماني في بلجيكا (هودر وستوكتون 1917)

الإرهاب الألماني في فرنسا (هودر وستوكتون 1917)

تركيا: الماضي والمستقبل (هودر وستوكتون 1917)

دراسة في التاريخ 1935

حضارة في التجربة 1946

انظر: نعمان ناجي، مئة … وتستمر الإبادة، بيروت، 2015، ص 148-150.

موسوعة القضية الأرمنية (باللغة الأرمنية) يريفان، 1996، ص 140-141.

https://en.wikipedia.org/wiki/Arnold_Toynbee

http://armeniangenocide100.org/en/

 

المصدر: (مختارات من بعض الكتابات التاريخية حول إبادة الأرمن عام 1915، ترجمة: خالد الجبيلي، اللاذقية – 1995)- شهادة أرنولد ج. توينبي، مقتطف من كتاب (شهادات غربية عن الإبادة الارمنية في الإمبراطورية العثمانية)، إعداد ومراجعة ودراسة: البروفيسور-الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق – 2016)

الفخر والألم..ضمن رؤية عسكرية وسياسية

$
0
0

 

كتب رئيس تحرير صحيفة “أزتاك” شاهان كانداهاريان في افتتاحيته أن لبنان والشعب اللبناني يعيش الفخر والألم في آن معاً، حيث يطهر الجيش اللبناني الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا من العناصر الإرهابية.

وأشار الى بعض المظاهر الهامة من وجهة نظر عسكرية سياسية ينبغي الوقوف عليها.

وركز في البداية على سرعة العمليات العسكرية لدى جبهة النصرة وداعش، وهذا يفسر من وجهة نظر كانداهاريان تأثير عمليات رد الفعل من قبل المقاومة والجيش العربي السوري، وحقيقة الاندحار والتقهقر السريع للمجموعات الاهابية.

وقال: “إن نهاية المعارك كانت قناعة بالنسبة للبنان كاملاً وليس فقط للبنان، برسائلها التي أرسلتها من خلال حرب قصيرة”. وكان لها طابع مراحلي، مؤكداً أن الحرب في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع والمعارك التي جرت هناك لم تكن تعمل بعامل المفاجأة، بل كانت تلامس إمكانات تأمين عودة الجنود المختطفين والجنود الذين راحوا ضحية الإرهاب.

وقال كانداهاريان: “إن إنهاء هذه العمليات بتطهير الشريط الحدودي وبأقل خسائر ممكنة قد زاد من هيبة الجيش اللبناني، ورفعوا من سمعته أمام الرأي العام العالمي والدول العديدة التي مازالت تشعر بتهديد الإرهاب الديني”.

وأضاف: “إن شهادة الجنود اللبنانيين وإنجاز الجيش اللبناني هي حقائق تسهم في تعزيز الوحدة اللبنانية داخلياً، بل وهي مؤشر مهم يحدد دور الدولة اللبنانية في النظام العالمي الجديد”.

وأشار الى وجود إشارات دولية واتفاقات لتوزيع الأدوار والاشراف على العمليات الحربية.

ولم يعتبر كانداهاريان أنه من المبالغ اذا تم اعتبار أن الأدوات الإرهابية قد تعرضت الى تطهير مصيري من قبل الجيش اللبناني.

وختم قائلاً أن هذا الدليل يقنعنا بأن الجيش اللبناني الذي يعتبر ضمان وجود لبنان أخذ على عاتقه الدور الأهم في المراحل القادمة المنتظرة.

المطران أغناطيوس مالويان

$
0
0

 

أبصر النور في ماردين في 15 نيسان 1869 ودرس العلوم في دير بزمار. ونصبه الرئيس قبل ارتقائه إلى الدرجة المقدسة مرشداً للأخوية وارتسم كاهناً في 6 آب 1896 ومكث بالدير سنة ونصف سنة ثم سار إلى الاسكندرية ومصر وخدم الطائفة فيهما. واستدعاه البطريرك بولس صبّاغيان إلى الأستانة وجعله كاتب سرّه. وعام 1910 شخص إلى ماردين وصحبه الأب يعقوب نسيميان فتم اتفاق الجماعة قاطبة على انتخابه مطراناً للأبرشية. وفي 22 تشرين الاول 1911 ارتسم مطراناً في عاصمة الكثلكة وقفل راجعاً إلى أبرشيته وطفق يرعاها بالخرم والغيرة. وكان مضطلعاً بالأمور ريَّان من المعارف الدينية والعلوم الأدبية خبيراً بالأرمنية والفرنسية والعربية والتركية والانكليزية وكان ذا المام باللغات الشرقية كالعبرانية والسريانية. وكان موصوفاً ببلاغة المنطق يلقي الخطب الارتجالية النفيسة مستقياً المناهل الطيبة من الكتاب الكريم ومؤلفات ابآء الكنيسة المشهورين.

واعلم أن أبرشية ماردين الأرمنية تشمل الموصل ودير الزور وبغداد والبصرة ولها بماردين كنيستان الواحدة قديمة على اسم جرجس الشهيد يرتقي عهدها الى القرن الخامس والثانية حديثة كرّسّت سنة 1894 على اسم مار يوسف. وفي غربي ماردين قرية تل أرمن عمّرها النصارى على أنقاض دُنيسر (قوجحصار) كان أهلها كلهم أرمن ولهم كنيسة على اسم مار جرجس. وللأرمن دير على اسم بربارة الشهيدة في شمالي ماردين وهو من آثار السيد ملكون طازباز الطيب الذكر يقصده الزوّار كل سنة في الأحد الأول من شهر أيار ولهم كذلك دير على اسم يوحنا المعمدان في قرية الموسكية غربي ماردين تعهده السيد اغناطيوس المذكور في الخير وعثر فيه على بعض الحجار القديمة والآثار الحريّة بالذكر. ولهم كذلك كنيسة في دارا وجماعة معدودة وعُرفت مذ عام 1856 كان لهم كاهن يدبر شؤونهم الروحية. وكان لهم أيضاً كنيسة على اسم مار يوحنا في ويران شهر وجماعة معتبرة وورتبيت يسوس نفوسهم. وكان لهم في ديركه كذلك كنيسة وجماعة وكاهن يرعاهم. واغلب هذه الرسالات ان لم نقل كلها قد تضعضعت في هذه الأيام النحسة ولم يبق فيها سوى أنفار قلائل.

واعلم أن عدد الأرمن الكاثليك في ماردين وضواحيها بلغ قبل النكبة الهائلة زهاء خمسة عشر الفاً. وكانوا بأجمعهم كاثوليكيين قحّين لا يدرون التكلم بالأرمنية بتة. واشتهروا بالمروءة والسخاء والرسوخ في الدين القويم. وكان المسلمون يحبونهم ويعزّونهم ويترددون اليهم ويبيعون ويشترون معهم. ولا ندري كيف تبدلت الحال في هذه الأيام الأخيرة حتى أنه لم يبق منهم في البلد عند شبوب النيران سوى بعض عيال لا تتجاوز عدد الأنامل.

ومن أشهر العيال الأرمنية بماردين وأكبرها أسرة بوغوص وكسبو وطازباز وكجو ومالو وجنانجي وآدم وترزباشي وكندير ونسمه وقره زوان وعين ملك وبطاني وشلمي وجاندري وتازا ومناظر وشد وخوجا يونان وقبلو وحنجو ومرشو وجرو وترزي واحمراني الخ الخ … ومنها ما يبلغ عدد أفرادها مائتي نسمة بنيف.

فهؤلاء بأجمعهم قد سيقوا خارج وطنهم كالخراف الوديعة وأودي بحياتهم لغير سبب ولم ينج منهم إلا من انهزم أو اختفى. ويجدر بنا أن نختم هذا الفصل بما كتبه البابا غريغوريوس الثالث عشر في رسالته المسطرة سنة 1854 قال: »إن طائفة الأرمن لا يحصى عددها ولا يستصقى حدها مشهورة بالقدم والاسم مستحقة بليغ الثناء لحبها للديانة المسيحية وثباتها فيها دون سائر طوائف المشرق«.

المصدر: من فصل (القصارى في نكبات النصارى، للعلامة الأب اسحق أرملة السرياني، الطبعة الأولى- 1919)،  السيد اغناطيوس مالويان، ص 29-31 (2).

مقتطف من كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق تاريخية)، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

 


وزير الإدارة المحلية الأرميني يستقبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي

$
0
0

 

أزتاك العربي- افاد موقع وزارة الإدارة المحلية في جمهورية أرمينيا أن وزير الإدارة المحلية الأرميني دافيد لوكيان استقبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي عبد الرزاق عبد الجليل العيسى والوفد المرافق له.

ورحب لوكيان، وهو رئيس اللجنة الحكومية المشتركة الأرمنية العراقية، بالوفد العراقي، وجرى الحديث حول العلاقات بين أرمينيا والعراق.

وأعرب لوكيان عن اهتمامه بتعزيز التعاون مع العراق، في مجال الإدارة المحلية، وأوضح عن اهتمام أرمينيا بالتعاون التجاري مع العراق. وقال إن أرمينيا يمكن أن تكون شريك العراق في الخروج الى السوق الأوروآسيوية.

وبدوره أشار الوزير العراقي الى تطوير العلاقات بين البلدين، خاصة في المجال التعليمي، وإيجاد أفق جديدة للطلاب العراقيين في أرمينيا. مع العلم أنه هناك حوالي 200 طالب عراقي يدرسون في أرمينيا.

وأشار لوكيان الى أن العلاقات مع العراق يمكن أن تتطور في مجال العلوم الأساسية والري وإدارة المياه وغيرها من المجالات.

يذكر أن جلسات الدورة الرابعة من اللجنة الحكومية المشتركة ستعقد بين 25-26 أيلول المقبل في يريفان.

ديار بكر

$
0
0

 

في غرّة تشرين الثاني 1895 شبّت نيران الاضطهاد على المسيحيين عموماً وعلى الأرمن خصوصاً في بلاد أرمينية. فشمَّر وجهاء المسلمين بدياربكر كجميل باشا واولاده وبهرم باشا وعبد القادر باشا ابن الحاج جرجيس آغا المارديني وبكر افندي محرّم زاده ونظيف بك ابن سعيد باشا ونيازي مأمور الشعبة وعارف برنج وابراهيم افندي صاحبه والحاج مسعود نقيب الأشراف وغيرهم وكتبوا إلى جميع الأكراد والعشائر يستعدّونهم على النهب والقتل. ووعدوهم أن حين حضورهم إلى دياربكر يدفعون لهم الأسلحة الكافية ليفتكوا بالنصارى ويحتووا على أموالهم. ثم صرّحوا لهم أن يوافوا عند الظهيرة إلى جامع ولي جامي ويُطلقوا البنادق وينادوا “محمد صلوات” فيخرج من بالجامع وينضمون إليهم ويقصدون كنائس النصارى ودورهم وأسواقهم ليقتلوا ويسبوا. فما كان من الأكراد إلا أن لبّوا الطلب واقبلوا بلفيفهم طبقاً للمؤآمرة. وقصدوا الجامع المرقوم واطلقوا البنادق فخرج المسلمون واستبشروا بقدومهم وراحوا يرومون الأسواق والمنازل. فبادر الأرمن ليقفوا على الخبر فلما لمحهم المسلمون والأكراد صوبوا نحوهم الرصاص فقتلوا منهم قسماً صالحاً وادعوا انهم هم الذين هجموا عليهم غفلة ليفتكوا بهم في الجامع. ثم ساروا الى المخازن والدكاكين وقتلوا من بها ونهبوا قدر ما أطاقوا وعند غروب الشمس قلبوا زيت البترول على مابقي بها من البضائع واحرقوها كلها فأمست دياربكر كلها عبارة عن اتون عظيم لا ترى سوى الدواخن صاعدة في الجو.

فلما رأى ذلك النصارى أيقنوا بالهلاك والتلف واستحوذت عليهم الرعبة فقصد منهم كنيسة الكبوشيين ودار القنصل الفرنساوي حتى انه اجتمع في اوجز مدة عند الأب يوحنا الكبوشي زهاء أربعة آلاف نسمة واستمروا لديه ثلاثة ايام بلياليها كان يرسل اليهم الخواجا جبور قزازيان وجيه الأرمن الكاثليك ما افتقروا إليه من القوت وواصل ذلك العمل مدة عشرين يوماً فاستوجبت أريحيته الأثنية الكريمة وخلف الذكر الطيب في قلوب جميع المنكوبين.

أما القنصل الفرنساوي فلما شاهد المسلمين والأكراد هائجين صعد الى سطح القنصلية وتناول الراية واخذ يرفعها ويخفضها طالباً النجدة والمغوثة. فأوفد انيس باشا الوالي إلى داره عشرين جندياً ليحموه. وثابر المسلمون والأجلاف يقتلون وينهبون حتى صباح الاثنين رابع تشرين الثاني. فخرج عند ذاك الوالي والمطران عبدالله في نفر من الجند وطافوا أزقة المدينة يحرجون الضرب والسلب على المشغبين. أما الأرمن فلزموا بيوتهم يضربون من تعرَض لهم. وخرج الخواجا اوسيب قزازيان كبير الأرمن الكاثليك الى دار الحكومة يسأل الوالي أن يلقي القبض على أصحاب الفتنة لتسود الطمأنينة. فلقيه الوالي بأنف طويل ولم يكترث لطلبه. وما عتم أن أرسل في استدعائه وزجه في السجن وأوقف معه الورتبيت ايزاكيل مرخص الأرمن الغريغوريين وهاكوب آغا كوبنكيان وميناسيان ومنديلجيان وظلوا في السجن حتى 20 كانون الثاني.

وسبق الوالي فأرسل في طلب البطريرك عبدالمسيح من ماردين فركب من ساعته وقصد الولاية وما كاد يصل حتى سمع صوت اطلاق البنادق فاستدعى شاباً سريانياً دفع اليه رسالة ليوصلها الى الوالي يعلمه بقدومه. فتناول الشاب الرسالة وسار وما ان  وصل إلى سوق ميليك أحمد جتى تعرض له الأجلاف وقتلوه ووجدوا الرسالة في عبّه فمضوا بها إلى الوالي لايدرون ما مضمونها. ولما طالعها الوالي أمر الفريق بإرسال شرذمة من العسكر إلى كنيسة السريان ليحموها. فسارع كثير من النصارى إلى الكنيسة المذكورة حتى احتشد فيها ثمانية آلاف نسمة في برهة يسيرة وانهزم أيضاً قوم من القرى المجاورة وأتوا فانضموا إليهم.

ثم أوفد الوالي في طلب البطريرك فسار إليه في حاشيته وكانوا يطأون جثث القتلى بأقدامهم. وألفوا دار الحكومة غاصةً بالعشائر وهم محترطون السيوف المضرّجة بدماء البشر. وكان عند الوالي اذ ذاك كبار المسلمين يتشاورون. فما سمعوا بقدوم البطريرك حتى أرفض المجلس وانصرف كلّ إلى محله. فدخل البطريرك فاستقبله الوالي باكرام وقال له اصدر الأمر إلى عامة المسيحيين ليدفعوا للحكومة ماعندهم من الأسلحة فوعده البطريرك بذلك. وعند عودته أوفد معه نظيفاً وبكراً أفندي فاقبلا إلى الكنيسة في جماعة من العسكر وبحثوا عن الأسلحة فلم يجدوا شيئاً فانقلبوا راجعين وباغتوا هم والأكراد دور الوجهاء ونهبوها وقتلوا من شاؤا واستحيوا من شاؤا وكسروا صناديق الجواهر واختلسوها وسلبوا البضائع والأمتعة وظلوا كذلك ثلاثة أيام.

أما أهالي ماردين المتوطنين بدياربكر فإن بطريرك السريان جال الخانات والبلد في طلبهم وأحضرهم إلى الكنيسة وعين لهم الغذاء. وبعد أيام حضر البريد إلى ماردين مع عشرين ضابطاً حاملين الرسائل من وجهاء دياربكر إلى المسلمين يقولون لهم »لو كنتم حقيقة مسلمين لافتعلتم بماردين ما افتعلنا بدياربكر« فنشِّم المسلمون في الشر طبقاً لمشورتهم كما سترى.

واستمر نصارى دياربكر في الأخطار والمخاوف حتى 18 كانون الأول 1895 فحضر من العاصمة ثلاثة مفتشين وهم سامي بك وعبدالله باشا الفريق ويوسف رشدي. فسار الرؤساء الروحيون لزيارتهم فاستقبلوهم بالإكرام. ثم اندفع سامي بك يطمئنهم ويؤمنهم ونشر ورقة يقرأ فيها ما نصه بتصرف »لقد تحقق لجلالة مولانا السلطان ما جرى من الوقائع المزعجة في بعض انحاء الأناضول كسامسون وسيواس ومعمورة العزيز ودياربكر لسبب ثورة الأرمن وبناءً على طلب رؤساء الولايات من الأعتاب الشاهانية قد صدرت الإرادة السنية بإرسالنا للتفتيش عما جرى واتخاذ الوسائل الفعالة لاصلاح الولايات وارجاع الراحة والطمأنينة إليها. فغادرنا العاصمة وطفنا تلك الولايات فرأينا أن ما حدث فيها من الفظائع يفوق ما جرى في دياربكر فتأسفنا لذلك مزيد الأسف«. ولا يخفى أن ما حدث حدث بدسائس البعض من الدول الأجنبية وفي مقدمتها الدولة الانكليزية فإنها ألقت الفساد في قلوب الأرمن فهاجوا في العاصمة وهجموا الباب العالي ظانين أنهم يفوزون بخبيث مأربهم.

ولم يكُ ذلك لمنافع الأرمن بل لمنافع الانكليز اذ كانوا يحاولون ابتلاع البلاد دون غيرهم. فالذين اصاخوا لهم ركبوا طرقاً خشنة وصمموا على سحق عرش الدولة العلية خلافاً لإرادة مولانا السلطان وأوامر انجيل سيدنا عيسى كما هو مقرّر في كتبكم “إن من قاوم أوامر السلطان قاوم أوامر الله” فأعداء الدولة ألقوا المشاغب في بعض المماليك المحروسة ليسببوا الأضرار لعموم التبعة. فتأتي من ذلك أن الضرر شمل الدولة والملة معاً وتناول عامة المسلمين والمسيحيين. مع أن الدولة لاترغب إلا راحة عموم المنتمين إليها. على أن الرعية كلها في نظر الحكومة متساوية لافرق عندها بين المسلم والمسيحي طبقاً للشريعة الإسلامية والنظامات السنية. ومما يؤيد ذاك انعامات جلالة مولانا السلطان عبدالحميد خان الثاني على المسيحيين بالرتب السامية والأوسمة الشريفة. لأن المسلمين والنصارى في نظره هم على حد سوى. ولا فرق بين مال المسلم والنصراني.

واعلموا أن ماقلناه منقول عن لسان الذات الشاهانية وها أننا بفضلها متخذون الاحتياط اللازم لراحة العموم. ولا يغلب على ظنكم أن الحقوق تُهضَم. كلا » بل لابد من أن يعود لكل حقه«.

ثم استتلى سامي بك يقول: أننا قبل حضوركم أرسلنا في طلب وجهاء المسلمين وبلغناهم الأوامر وصرحنا لهم بأنهم هم والنصارى في عين الدولة ملة واحدة. وأن المعتدي والجسور لابد من معاقبته. وأوصيناهم أن ينبهوا سائر المسلمين ليحجموا عن الثورة. وأملنا أن المسلمين والنصارى منذ الآن فصاعداً يعودون إلى ما كانوا عليه من الألفة والسلام. ونرغب اليكم أنتم أيها الرؤساء الروحيون أن تبلِغوا أفراد طوائفكم ما بلغناكم. وترفعوا الأدعية لمولانا السلطان ليزداد اقبالاً وانتصاراً على الدوام.

وبعد هذا رجع الرؤساء الروحيون إلى كنائسهم. أما الخواجا اوسيب قزازيان وأصحابه المسجونين فإنهم رفعوا الى إلمفتشين عريضة ليخرجوهم من السجن فآتاهم الأمر في 20 كانون الثاني 1916 بالذهاب إلى العاصمة فاستصحب الخواجا اوسيب ابنه اوهنيس وحنا ابن أخيه وسافر معهم أربعة من وجهاء دياربكر المسلمين في شرذمة من الجند لمحافظتهم.

وحضر بعد هؤلاء ثلاثة مفتشين آخرين وهم شاكر باشا وماردو قردادو الرومي وتحسين بك عرب وحلُّوا ضيوفاً في دار بهرم باشا عند باب الجبل. ووافى إلى دياربكر في خامس شباط 1896 مفتشان آخران أحدهما روم ملكي اسمه اغوب باشا ونزلا في دار الحاج جرجيس آغا فأفادهما أن عارف افندي برنج وأحزابه كانوا أصل الفتنه. وفي 13 شباط شدَّ المسلمون على اكوب خانجي في خان العباجية ومضوا به إلى دجلة فقتلوه والقوه في النهر وعادوا. فاستحضرت الحكومة جثته إلى الولاية ولما سمعت امرأته قصدت المفتشين وبلّغتهم أن ياسين آغا هو قاتل زوجها فلم يكترثوا لمدعاها وفي 29 آذار شخص إلى دياربكر معاون للوالي يقال له وغلهري وكان رومياً.

وعند ذاك أطلقت الحكومة للنصارى الحريّة في السفر إلى حيث يشاؤون. فغادر الولاية زهاء ثلاثمائة بيت في مدّة شهر ونصف. وباعوا أموالهم ودورهم بأبخس الأثمان . وفي 15 نيسان توجه إلى الأستانة اوهنيس وعبد المسيح قزازيان في أسرتيهما.

أما المفتشون فبعد أن مكثوا زماناً في دياربكر سار عبدالله باشا أحدهم إلى الموصل وتوجه الاثنان إلى خربوط وظلّ القومندان بدياربكر. وفي السادس من  أيار خرج انيس باشا الوالي إلى القرى المجاورة يتعهدها وينظر ماحل بها. وفي 15 حزيران وافى إلى ماردين عارف افندي برنج ونزل ضيفاً في دار سرّي افندي رئيس البلدية ثم نُفي إلى الموصل وعاد إلى العاصمة.

السعديّة

السعديّة قرية إلى شرقي دياربكر تبعد عنها ساعتين كان أهلها أرمناً وسرياناً يبلغ مجموعهم ثلاثمائة نسمة. ويوم الجمعة غرّة تشرين الثاني 1895 وثب عليهم أعلاج الأكراد وقتلوا الرجال والأطفال وسبوا النساء والبنات ونهبوا الدور والدكاكين أما بقية المسيحيين فانهزموا إلى الكنيسة وأغلقوا الأبواب فدمر الأكراد والجنود ونقبوا سطح الكنيسة وصبّوا عليهم زيت البترول وأحرقوهم قاطبة. أما الذين انهزموا من الأبواب فأحتفُّ بهم الأكراد وثاوروهم بالخناجر والسيوف وذبحوهم. ولم يبق من النصارى سوى ثلاثة رجال فقط لبثوا تحت جثث القتلى حتى انكشف عنهم الأعداء فخرجوا الى دياربكر ونجوا من القتل.

ميافرقين

ميافرقين بلدة قديمة أورد ذكرها المؤرخون البيعيون في القرن الرابع للمسيح واشتهر فيها خاصة مطرانها القديس ماروثا 421 تقريباً. وأهلها أرمن وسريان وبزتستان يبلغ مجموعهم زهاء ألف نسمة. ويوم الجمعة عينه ثار الأكراد بنصاراها وقتلوهم ونهبوا أموالهم وسبوا نساءهم ولم يفلت منهم سوى اثني عشر رجلاً وثلاث نساء. وكان في تلك القرية ثلاثة ماردينيون فرّ الاثنان إلى الولاية أما الثالث وهو ايليا مورو فانه جاهر بالإسلامية ونجا من القتل.

واحتشد في الكنيسة زهاء سبعمائة نسمة فانقضّ عليهم الأعلاج وأحرقوهم بزيت البترول. غير أن أولاد بدويل توماس الثلاثة لاذوا بمغارة داخل الكنيسة وظلوا ثلاثة أيام صائمين ثم خرجوا. وشدَّ الأكراد على بيت صادفوا فيه امرأةً حسناء فافترشوا عرضها وركبوا منها الفاحشة بحضور زوجها فرفع الزوج يده ليضربهم فأوثقوه وقطعوا يديه ورجليه وفتكوا به وانقلبوا الى المرأة فبتروا يديها ورجليها واستحيوها وكان لها رضيع في المهد تعذّر عليها أن ترضعه فمرّ بها رجل خير وأحضرها إلى الولاية وكانت تعضّ بنواجذها على طفلها وترضعه الحليب. وظلّت كذلك حتى تصرمت حياتها.

المصدر: من فصل (القصارى في نكبات النصارى، للعلامة الأب اسحق أرملة السرياني، الطبعة الأولى- 1919)، ديار بكر، ص43-55 (3).

مقتطف من كتاب “شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية (مجموعة وثائق تاريخية)، إعداد وإشراف ودراسة: البروفيسور الدكتور آرشاك بولاديان، دمشق-2014، حيث ينفرد موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر مقتطفات منه.

 

تسليم المرآة الخاصة بالعائلة الأرمنية الى متحف الإبادة الأرمنية

$
0
0

 

أزتاك العربي- أوضح متحف ومعهد الإبادة الأرمنية في يريفان أن المرآة المودعة عند العلويين الذين يعيشون في تركيا قبل مئة عام عادت الى أرمينيا. حيث قام المواطن الذي يعيش في ألمانيا حسن تفين بتسليم مرآة وجدت لدى جده عام 1915 الى متحف الإبادة في يريفان.

وحسن تفين هو علوي من يرزنكا، وقد أودع الأرمن الجيران لأجداده مرآة خشبية لدى جده على أمل العودة يوماً ما واستعادة أغراضهم. ومن المعروف أنه تم تهجير وقتل كل الأرمن في يرزنكا.

وكان حسن يدرك أنه هناك أغراضاً للأرمن محفوظة في بيتهم، وتم توزيعها على أفراد العائلة، ووصلته هذه المرآة الخشبية ذات النقوش الأرمنية. وعندما جاء الى ألمانيا أخذ المرآة التي احتفظ بها.

وعند زيارته الى أرمينيا، زار متحف الإبادة وقام بتسليم المرآة.

نائب رئيس مجلس النواب الأندونيسي يزور متحف الإبادة الأرمنية

$
0
0

 

أزتاك العربي- خلال زيارته الرسمية الى جمهورية أرمينيا قام نائب رئيس مجلس النواب في جمهورية أندونيسيا فضلي زون والوفد المرافق له بزيارة الى مجمع ومتحف الإبادة الأرمنية، برفقة سفير أندونيسيا في أرمينيا يودي كريستانت.

ووضع أعضاء الوفد الورود على ضريح الشهداء الأرمن، ووقفوا دقيقة صمت أمام الشعلة الأبدية.

كما جال أعضاء الوفد في أرجاء المتحف وتعرفوا على مقتنياته. وسجل رئيس الوفد كلمة له في سجل الزوار.

بحث تفعيل التعاون العلمي بين أرمينيا والعراق

$
0
0

 

أزتاك العربي- خلال الزيارة التي يقوم بها الوفد العراقي الى أرمينيا، استقبل وزير التعليم والعلوم في أرمينيا ليفون مكرديتشيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي عبد الرزاق العيسى، وجرى الحديث حول آفاق التعاون التعليمي بين البلدين، ولاسيما انضمام العراق الى نظام بولونيا بروسس، وتفعيل برامج التوأمة بين الجامعات العراقية ونظيراتها الارمينية.

وخلال لقائه وزيري التنمية، والتعليم والعلوم الأرميني، قال العيسى إن العراق ساع الى توطيد علاقاته العلمية والاكاديمية مع الدول المتقدمة في مجالات البحث العلمي، وان وزارة التعليم العالي حريصة على تعزيز افق التعاون العلمي مع جمهورية ارمينيا وجامعاتها من خلال عقد مذكرات تفاهم ثنائية بين البلدين، وتنفيذ برامج التوأمة العلمية وتبادل الخبرات الاكاديمية لا سيما في التخصصات النادرة.

واضاف وزير التعليم بعد اطلاعه على التجربة الارمينية في نظام بولونيا بروسس، أن لدى الوزارة امكانية في ارسال وتدريب اساتذة عراقيين على هذا النظام بغية تهيئة مستلزمات ومقومات انضمام العراق ومؤسساته التعليمية اليه، مبينا أنه سيتم ارسال طلبة عراقيين الى بعض الجامعات الارمينية لتطوير مستويات دراسة بعض التخصصات النادرة والطبية وفتح مجال الافادة منها في العراق.

وفي السياق نفسه ناقش العيسى خلال الاجتماعات أهمية دعم البحوث التطبيقية وتعزيز سياسة الانفتاح بين المؤسسات البحثية العراقية والارمينية وامكانية الافادة من الخبرات الارمنية في تطوير مستوى مخرجات الجامعات بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل.

من جانب اخر اطلع وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عبد الرزاق العيسى خلال زيارته جامعة يريفان الحكومية على طبيعة البرامج التعليمية والتدريسية التي تعتمدها الجامعات على مستوى الدراسات الاولية والعليا.

واستمع وزير التعليم العالي الى استعراض قدمه مسؤولو جامعة يريفان بشأن  الامكانات المتاحة للتعاون مع الجامعات العراقية لاسيما في اطار برامج الابتعاث وتبادل الخبرات بين الملاكات التدريسية .

يوميات كاراباخ …مكان اللقاء الأوبرا

$
0
0

كانت ساحة الأوبرا -وأصبحت الحرية لاحقاً- تشكل مركزاً لتجمع الشعب الأرمني في الأسبوع الأخير من شباط عام 1988، وكانت الساحة تجذب الأرمن كالمغناطيس من يريفان والمدن والقرى الأخرى، غيّر الأسبوع الأخير من شهر شباط حياة المخرج السينمائي ديكران خزماليان كلياً، فلم يعد الشاب العاشق للروك أند رول والسينما الفرنسية والأدب الروسي يستمر في العمل في جامعة يريفان الحكومية، لأن العالم من حوله كان يتغير، ويقول خزماليان: “حتى سومغاييت كانت حفلة أرمنية راقصة خاصة، كتبت لاحقاً في أفلامي ومقالاتي أن شعارات الثورة الفرنسية: الحرية والعدالة والأخوة قد تحققت في القرن العشرين، بدا الأسبوع الأخير من شهر شباط لنا ثورة حقيقية، دخلنا في المعمعة، انصقلنا، وخرجنا أناساً مختلفين تماماً”[1].

يعد رافايل غازاريان العضو المؤسس في لجنة “كاراباخ” شهر شباط عام 1988 والعامين التاليين من الصفحات المشرقة في تاريخ الشعب الأرمني، كان الناس المتجمعون في ساحة الحرية يرون أن قضية كاراباخ ستحل عاجلاً، وأن موسكو ستفصل الإقليم من أذربيجان، وتنقله لأرمينيا، وبذلك تعود العدالة التاريخية.

ويقول غازاريان: “منذ البداية أخذ إيكور موراديان القيادة كاملة، وتجمع حوله أشود مانوتشاريان وهامبارتسوم كالسديان وألكسان هاكوبيان وآخرون، منذ البداية كنا مندهشين من أن مئات الآلاف يستمعون إلى خطاباتنا، ويؤمنون بها، وينتظرون الحلول والمقترحات والتوصيات”[2].

في 18 شباط جرت تظاهرة لعمال أحد المعامل في مدينة أبوفيان، حين انطلق عدة مئات من الأشخاص باتجاه يريفان سيراً على الأقدام احتجاجاً على مشكلات تتعلق بمضار التكنولوجيا والمطالبة بإغلاق المعمل.

غادر رئيس الحزب الشيوعي في أرمينيا كارين ديميرجيان مع زوجته إلى موسكو، يومها جرت مظاهرة حماة البيئة، فقال كارين بأن مظاهرة كاراباخ ستنطلق غداً، لم يكن هناك شيء مفاجئ له، كان يقول إن القضية لن تحل الآن، لم تنضج بعد، كان يفكر في رفع وضع كاراباخ لتصبح جمهورية ذات حكم ذاتي، وتشير مذكراته إلى أنه اتفق مع ليكاتشوف على ذلك”[3]، تقول ريما ديميرجيان زوجة رئيس أرمينيا السوفيتية.

يتذكر رئيس وزراء أرمينيا حينها فادي سركيسيان، ويقول: “بدأت التجمعات الكبيرة الأولى حول معمل أبوفيان، ومن الواضح أن المنظمين استخدموها حجة. في 18 شباط عدت من موسكو، وقابلت المتظاهرين عند مدخل مبنى الحكومة، وكان نائبي فلاديمير موفسيسيان يلتقي بممثليهم في القاعة في الداخل، كان عددهم بين 50 و60 شخصاً، جلست وشاركت شخصياً في اللقاء”[4].

وافق المتظاهرون على اقتراح تشكيل لجنة اختصاصية لدراسة الوضع، وفي الأيام المقبلة بدأت في ساحة الأوبرا التجمعات التي لا تمت إلى مشكلات البيئة بأي صلة، الموضوع المركزي كان كاراباخ.

أما زوري بالايان، أحد قادة الحركة، فيصف الموضوع على النحو التالي: “تجمعنا في ساحة الأوبرا بشعارات تخص البيئة فقط، بينما كان أحدهم يقول مثلاً: “كاراباخ هي أرض أرمينيا التاريخية”، لم يعره أحد أي انتباه، وفي التجمعات التالية ازدادت بعض الشعارات المشابهة. عندما كان إيكور موراديان يقود الناس إلى الساحة كان يحمل معه صور كورباتشوف، وكان شعاره الذي اخترعه بنفسه: “لينين، الحزب، كورباتشوف”. وبعد ثلاثة أسابيع اخترع شعاراً جديداً: “ستالين، بيريا، ليكاتشوف”، وبهذا المنحى تأقلم الناس مع فكرة أنه عدا مشكلات معمل (نايريد) الكيميائي وبحيرة سيفان، يمكنهم الحديث عن مسائل وطنية أيضاً، بعد شهر كانت عبارات معمل (نايريد) وبحيرة سيفان تذكر مدة 5 دقائق فقط”[5].

أول مرة في الاتحاد السوفيتي بدأت حركة وطنية جماعية، وعدّت تحدياً للنظام السوفيتي والحزب الشيوعي الأحادي السلطة، كتب ليفون دير بيدروسيان أول رئيس جمهورية لأرمينيا: “أول مرة في تاريخ البلاد اتخذت المجالس الإقليمية والعليا في كاراباخ الجبلية وأرمينيا من الأسفل وبإرادة الشعب، وليس بأوامر تنزل من الأعلى، وجرت تجمعات بمئات الآلاف في كاراباخ الجبلية وأرمينيا فاقت بتعدادها وتنظيمها وتواردها الاتحاد السوفيتي والعالم كله”[6].

في مساء 22 شباط عام 1988 رن الهاتف في مكتب كارين برودينتس المستشار الأرمني من كاراباخ لرئيس الاتحاد السوفيتي، إنه ميخائيل كورباتشوف. يذكر برودينتس الكلمات الأولى لقائد الدولة: “يا كارين، عليك الذهاب إلى استيباناكيرد، فالشعب يغلي هناك، لقد خرج عن السيطرة، خذ معك من تريد وانطلق، ما نشر من معلومات شحيحة في الصحف حينها تذكرنا اليوم بالنزاع، حينها كانت حقاً أحداثاً ثورية”، كتب برودينتس[7].

كانت الصحافة السوفيتية المركزية أحادية الطرف فيما يخص توضيح الأحداث في كاراباخ، كتبت “برافدا” و”إزفيستيا” بعض الأسطر فقط بأن مجموعة من المتطرفين والقوميين نظموا تجمعاً في يريفان.

يصف أحد أعضاء لجنة “كاراباخ” المرحوم هامبارتسوم كالسديان الأيام الثورية بقلمه الحاد والساخر كالتالي: “لقد شعر شعبنا النبيل بالإهانة كثيراً من الكلمتين: القومية والتطرف، وتضاعف عدد المشاركين في التجمعات أكثر فأكثر”[8].

كانت التجمعات اليومية، التي بدأت في يريفان، تأتي بأناس جدد إلى الساحة، في 25-26 شباط جرت أضخم مظاهرة في تاريخ الاتحاد السوفيتي، وفي بعض الإحصاءات طالب نحو نصف المليون والمليون أرمني بضم كاراباخ الجبلية إلى أرمينيا، واستقبل رئيس أرمينيا السوفيتية كارين ديميرجيان حينها عدداً من المشاركين في المظاهرات، ومنهم سيلفا كابوديكيان، واقترحت الشاعرة على رئيس أرمينيا أن ينضم إلى الشعب في الساحة، وعن الوضع المأساوي في تلك الأيام كتبت كابوديكيان: “بدا على وجه ديميرجيان القلق بدلاً من السخرية، وقساوة الوضع المتأزم، كان يعرف أكثر منا جميعاً، دام اللقاء عدة ساعات، وحدد التجمع ثانية في الصباح التالي، كان وجه الكاراباخيين يشع نوراً من السعادة، علموا أنه في اجتماع المجلس في استيباناكيرد في المساء جرت الموافقة بالإجماع، عدا الأعضاء الأذريين، على قرار الانضمام إلى أرمينيا. سأل الكاراباخيون: هل تعلمون عن ذلك، يا رفيق ديميرجيان؟. لم يتقبل ديميرجيان، وأجاب بقلق: “نعم أعلم، فذلك القرار سيغير الأحداث”[9].

ناقش المكتب السياسي في موسكو الأمر، وكتب كورباتشوف التالي: “أكد رئيس أذربيجان كيامران باغيروف أنه ينبغي أن تضمن موسكو وضع كاراباخ الجبلية غير المتغير، أما رئيس أرمينيا كارين ديميرجيان فقد اقترح أن تجري مناقشة طلب مجلس إقليم كاراباخ الجبلية في المجالس العليا في أذربيجان وأرمينيا والاتحاد السوفيتي، وتبين أنه ينبغي لموسكو تسوية حجج باكو ويريفان، قال نيكولاي ريجكوف إنه ينبغي العمل وفق الدستور، وأبلغ فيكتور تشيبريكوف أن هذه الأحداث ستؤثر سلباً في الجمهوريات الأخرى في اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية.

كان الشعور بالانفصال عن اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ينمو في أستونيا، وطاجكستان تناقش طموحها في بخارى وسمرقند، كنت أرى أنه يجب تسوية المسألة بطرق سياسية، حيث يجب على اللجنة المركزية أن تعلن عدم موافقتها على أي تغيير في الحدود، ونحن بحاجة إلى مشروع اقتراحات اقتصادية واجتماعية وثقافية من أجل تحسين وضع كاراباخ الجبلية، علينا أن نترك الأرمن والأذريين يقررون وضع كاراباخ الجبلية، من الضروري قبول القرارات التي يتخذونها”[10].

من كان يقود حركة كاراباخ والتجمعات في يريفان واستيباناكيرد؟، هل كانت حركة شعبية تلقائية؟، أم كان لها مركز قيادة؟، في أيلول عام 1987 انتقد الشخص الثاني في الاتحاد السوفيتي إيكور ليكاتشوف الغرب لتشجيعه على القومية في الجمهوريات السوفيتية، أما فيكتور تشيبريكوف رئيس وكالة الأمن القومي فيتهم بعض الجهات الغربية الخاصة بحثّ الصدامات بين القوميات في الاتحاد السوفيتي[11].

وهناك رأي يقول إن قضية كاراباخ كانت أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي، وقد رأى فلاديمير كروتشوف، الذي خلف تشيبريكوف، أن “الأسباب كثيرة، ولا أفصل أي حدث، هناك أسباب داخلية وخارجية، فقد أدت الأسباب الخارجية عملاً معيناً، ولكن، في كل الأحوال، الأساسي هو الأسباب الداخلية، لم يكن هناك ضرورة موضوعية لانهيار الاتحاد السوفيتي. طبعاً، أدت الأحداث في كاراباخ عملاً مصيرياً، ولكن في تلك العملية، أي انهيار اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، لم تكن حاسمة، لقد انهار الاتحاد السوفيتي لأسباب موضوعية، نتيجة لعمليات قام بها شخصيات واضحة مثل كورباتشوف وألكسندر ياكوفليف وآخرين، كانوا في قيادة السلطة”[12].

أعلن أحد أعضاء لجنة “كاراباخ” أشود مانوتشاريان خلال أحد التجمعات أن وكالة الأمن القومي بدأت حركة كاراباخ لدفع الصادمات، وتشويه سمعة كورباتشوف، والتشكيك في قبول الخطط السياسة التي يتبناها، قال مانوتشاريان: “هذا يعني أن أحد الطرفين في السلطة في الاتحاد السوفيتي الذي كان ضد إعادة البناء والخط السياسي لكورباتشوف، كان يحث على الصدامات بين القوميات، إنه أمر آخر، لم يتوقعوا بدء العمليات الجماعية وخروج الشعب إلى الشارع في أرمينيا، وأنهم بعد ذلك سيفقدون السيطرة على العملية[13].

في النصف الثاني من الثمانينيات كان هناك تناقضات بين قطبين في الكرملين؛ الإصلاحيون ومنهم كورباتشوف وياكوفليف، والمحافظون مثل ليكاتشوف وكروتشكوف، وقيادة مؤسسات السلطة. ولكي يظهر هؤلاء الأخيرون تهديدات البريسترويكا والكلاسنوست في البلاد السوفيتية كانوا يثيرون مسائل وطنية من خلف الستار، وبذلك وفق هذه النظرية فإن الطرف المحافظ هو الذي أثار حركة كاراباخ، لأنه لولا الدعم لما تجرأ الشيوعيون في أرتساخ على إرسال وفود إلى موسكو، والدعوة إلى جلسة في مجلس الإقليم لقبول قرار جريء استثنائي للمطالبة بفصل كاراباخ الجبلية عن جمهورية أذربيجان السوفيتية، ونقلها إلى جمهورية أرمينيا السوفيتية.

اتهم ياكوفليف، وهو من مدافعي الإصلاحات، كروتشكوف بإثارة النعرات في سومغاييت وريكا وفيلنوي بين عامي 1988 و1990، وبهذا، جرى تنظيم مجازر الأرمن في مدينة سومغاييت الأذرية في أواخر شباط 1988 بموافقة وتشجيع من المحافظين، وذلك ليبينوا لكورباتشوف أن البريسترويكا يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة ومأساوية عند إدراج الديموقراطية في الاتحاد السوفيتي.

والنظرية الثانية التي انتشرت هي مشاركة قوى خارجية، وخاصة ما يتعلق باستقدام الخدمات الغربية الخاصة، وأساس هذا الرأي ليس فقط إصرار الطرف المحافظ للقيادة السوفيتية، بل الموقف الإيجابي لوسائل الإعلام الغربية من حركة كاراباخ والأرمن في البدايات.

لكن كاراباخ لم تكن قضية اصطناعية، تلك العقدة تعود إلى العقود الأولى في القرن العشرين، وكانت محط المناقشة في السنوات السوفيتية على كل المستويات، حتى الشخصيات الأولى في أرمينيا وأذربيجان، أي إن قضية كاراباخ كانت دائماً على جدول الأعمال.

يعد منسق لجنة كاراباخ وأول رئيس وزراء في أرمينيا فاسكين مانوكيان أن ظهور الحركة طبيعي، مع أنه في البداية ترك انطباعاً أن موسكو هي التي تثير الحركة، “أنا لم أفهم حتى اليوم بماذا يرتبط ذلك، لكن أول ثلاثة وفود كاراباخية عادت من موسكو متأملة، واستلهم الشعب في كاراباخ، وبدا للناس أنه يمكن حل القضية في الأحوال الجديدة، مهما بحثنا عن مصادر خارجية، وفي كل الأحوال كانت قضية كاراباخ من الداخل وطبيعية”[14].

أما ممثل الحزب الثوري الأرمني (الطاشناك) هراير ماروخيان فإن حركة كاراباخ هي أرمنية، وليس لها أي علاقة بالخارج، “إنها حركة لا بد منها في الأحوال الحالية، حتى إنه لو كان شعبنا يعيش في ناخيتشيفان في الأحوال نفسها لكانت هناك حركة مشابهة أيضاً”[15].

هل الأقوال قريبة من حقيقة أن وكالة الأمن القومي جنّدت عدداً من أعضاء لجنة كاراباخ؟، بعد عدة سنوات أجاب كروتشكوف عن هذا السؤال قائلاً: “أتعلمون، أنا لا أتذكر عن السنوات التي تتحدثون عنها، أتفهمون؟، أنا لا أستطيع أن أقول كل ما أعرفه، الجزء الأكبر مما أعرفه سآخذه معي إلى العالم الآخر”.

لا داعي للإصرار المعلن عن التعاون الممكن بين وكالة الأمن القومي وعدد من أعضاء لجنة كاراباخ، لأنه لا أدلة على ذلك، ولم يفتح أرشيف وكالة الأمن القومي لأعوام 1988-1991، لقد أخذ سجل وكالة الأمن القومي إلى روسيا عام 1988 وأعيد عام 1991، ما الجدوى من ذلك؟، أجاب كروتشوف أن ذلك لم يضر موسكو ولا يريفان.

إن أعضاء لجنة كاراباخ الذين أتوا إلى السلطة لاحقاً اعتقلوا في نهاية عام 1988، وقضوا نصف عام في سجون موسكو (مادروسايا ديشينا) و(بوديريان)، والحقيقة أن أعضاء اللجنة كانوا يعاملون بالحسنى، وفتح الباب على الكثير من التعليقات، منها أنهم أو بعضهم جرى تجنيده من وكالة الأمن القومي.

كان إيكور موراديان أحد قادة حركة كاراباخ يعطي أهمية لتفعيل يريفان وتوفير أمن السكان في كاراباخ الجبلية، “من أجل تنفيذ ذلك يتطلب الأمر التعاون بين السلطات في أرمينيا ووكالة الأمن القومي ووزارة الداخلية والشركات والمؤسسات الكبرى من أجل الضغط على السلطات الشيوعية في أرمينيا، كانت الحركة القومية المحلية وتحت السيطرة تصب في مصلحة السلطات في أرمينيا، وعلى رأسها كارين ديميرجيان، حرم ديميرجيان خصم البريسترويكا من ودّ كورباتشوف، كما كانت الحركة تحت السيطرة تلائم جداً القائد القادر على جعلها محلية في رأي موسكو، لم يكن ديميرجيان يتعاطف مع الكاراباخيين، ولم يكن ينوي قط طرح قضية كاراباخ جدياً في منابر موسكو”[16].

أما ريما ديميرجيان فهي ترفض قطعياً التعليق، وتقول: “لم يفعل أحد من قادة أرمينيا أي شيء من أجل تحسين وضع كاراباخ وسكانها، كما فعل ديميرجيان، ولم يتضرر أحد، كما تضرر ديميرجيان. كانت كاراباخ دائماً في ذهنه، كان يفعل كل شيء لكي لا تفرغ كاراباخ من سكانها الأرمن، كان كارين يعارض إعطاء الكاراباخيين مناصب في أرمينيا، وقد ترجم ذلك على نحو آخر، وكانوا ينقلون إلى الكاراباخيين أن ديميرجيان لا يحبهم، كان دائماً يقول: الكاراباخيون يتركون كاراباخ ويأتون إلى هنا، من سيبقى هناك؟”.

لا يتفق فادي سركيسيان مع موراديان أيضاً، ويؤكد أن ديميرجيان كان مهتماً جداً بحل قضية كاراباخ، “كانت خطاباته في جلسات المجلس السياسي الأعلى في موسكو، التي كنت أحضرها، حادة وجريئة، وكان هناك ضغط كبير على ديميرجيان من اللجنة المركزية، وخاصة ليكاتشوف. في شباط عام 1988 دعا ليكاتشوف ديميرجيان وباغيروف، وقال لهما إن “مسألة تقرير مصير كاراباخ وضمها إلى أرمينيا لا يمكن أن تحل إيجابياً، ويجب إنهاء الحديث عن ذلك”.

لم يتأخر جواب موسكو عن التجمعات التي بدأت في يريفان واستيباناكيرد، وكذلك عن قرار مجلس إقليم كاراباخ الجبلية في 20 شباط، وفي 21 شباط رفض المجلس السياسي الأعلى الحركة التي بدأت، أما المشاركون فيصفهم بأنهم “متطرفون ومتشددون”.

ومن أجل الأخذ بزمام الأمور وتهدئة الشعب أرسل كورباتشوف وفوداً إلى باكو واستيباناكيرد ويريفان، ووصل مسؤولون من موسكو إلى كاراباخ الجبلية مثل كيوركي رازوموفسكي وبيدر ديميتش، كان إيكور ليكاتشوف يعمل في باكو، وسارع إلى الإعلان أن كاراباخ الجبلية جزء لا يتجزأ من أذربيجان، وأن حدود الاتحاد السوفيتي لا تنتهك، كما أعلن رازوموفسكي في استيباناكيرد أن كاراباخ الجبلية جزء من أذربيجان، وأن أي محاولة لضم الإقليم إلى أرمينيا غير مقبول وغير مسموح به.

ويقوم أناتولي لوكانوف وفلاديمير دولكيخ بزيارة يريفان، ينشر خبر زيارة مسؤولي الكرملين في ساحة الأوبرا، وبعد عدة ساعات جرت محاصرة مبنى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أرمينيا على شارع باغراميان، ونشأت حالة معقدة للقيادة الأرمنية، خاصة في أثناء وجود مسؤولين من الكرملين. طلب كارين ديميرجيان السكرتير الأول للحزب الشيوعي اللقاء بأحد ممثلي التجمع، وجرى اختيار هامبارتسوم كالسديان، بعد أربع سنوات كتب كالسديان: “عرفت ديميرجيان وفادي سركيسيان فقط من بين الجالسين، بدأ ديميرجيان الكلام، فعرفت عن نفسي، وسألني عن اختصاصي، أجبت بأن اختصاصي التاريخ، ثم سألني عن سبب تجمع الناس وعما يريدونه، واستمر في الحديث من دون أن يسمع جوابي، وقال إنه وكل شخص من المجتمعين ليسوا ضد ضم كاراباخ الجبلية إلى أرمينيا، ولكن هناك مشكلات، ثم عاد وسألني عن مطالب المتجمعين، وكيفية إعادة الناس إلى بيوتهم وعملهم، أجبت بأنه لا يمكن إعادة الناس إلى بيوتهم إلا بعد إعلان قرار عن دعوة لجلسة المجلس الأعلى لأرمينيا السوفيتية، كنت أجيبه كالتلميذ الخلوق، طرح ديميرجيان سؤالاً، سبب سخرية البيروقراطيين الحاضرين المحتجين وضحكهم، كان السؤال عن سبب عدم فهمي مع اختصاصي بالتاريخ أن المشكلات لا تحل بالجلسات”[17].

واتفقوا على أن يشكل كالسديان وفداً من المتجمعين للقاء مسؤولي الكرملين وطرح مشكلاتهم، وحالاً أعطت سيلفا كابوديان عدداً من الأسماء، سيرو خانزاتيان، وهنريك إيكيتيان، وفلاديمير بارخوداريان، وأشود مانوتشاريان، ومانويل سركيسيان، وخلال اللقاء أكد دولكيخ أنهم يفعلون كل شيء لكي يجري حل قضية كاراباخ في أحوال جيدة، وأنه من الضروري إجلاء الناس من الساحة وعودتهم إلى أماكن عملهم، يقبل لوكيانوف بوجود قضية كاراباخ، ولكن الحل يختلف عما يفكر فيه الذين في ساحة الأوبرا في يريفان، ورأى أنه من غير المنطقي التفكير في حل المشكلة بالجلسات.

أول من تحدث من الأرمن هو الكاتب خانزاتيان، ثم كابوديكيان، وذكّرا مسؤولي الكرملين أن الشعب الأرمني وأرمينيا كانا مخلصين جداً بلا حدود لروسيا على مر السنوات، وقدم مانويل سركيسيان قضية كاراباخ من الناحية التاريخية والأخلاقية.

في 26 شباط تمت الدعوة إلى الجلسة المكتملة للجنة المركزية للحزب الشيوعي في أرمينيا، حيث شارك فيها أيضاً دولكيخ ولوكيانوف، قدم دولكيخ طلب كورباتشوف الموجه إلى عمال أرمينيا وأذربيجان، وفي الجلسة المكتملة قبل مقترح ديميرجيان لتشكيل لجنة خاصة لدراسة قضية كاراباخ، لكن في رأي الجموع الثائرة كان ذلك قليلاً، عشرات الآلاف من المتجمعين في الساحة وأكثرهم لم يزوروا كاراباخ، ولا يعرفون سوى القليل عن هذه المناطق الأرمنية، كانت لا تطالب إلا بضم كاراباخ إلى أرمينيا.

وخرج ديميرجيان إلى الساحة، وأعلن رداً على التوبيخات أن كاراباخ ليست في جيبه، مهما كانت كلمات القائد المحبوب حقيقة مرة، فقد كانت قديمة، ومضى عليها الزمن، ما أدى إلى رد فعل عنيف من الثوار المتجمعين، قالت ريما ديميرجيان: “خرج ديميرجيان بين الجموع، وأعلن أنهم يطالبون موسكو بإنشاء لجنة خاصة بشأن كاراباخ، ولكن لم يقبل الناس، فطالبوا حالاً بضم كاراباخ الجبلية إلى أرمينيا، عندما أبدى الناس استياءهم قال كارين: “كاراباخ ليست في جيبي، كي أعطيكم إياها، أنا أعدّ هذا كلاماً تاريخياً، فنحن اليوم ما زلنا ننتظر ماذا سيقول المجتمع الدولي، وكيف ستتطور الأمور، وكاراباخ الآن ليست في جيب أحد، كي يخرجها ويعطيها”.

المصدر: كتاب “يوميات كاراباخ، أخضر وأسود-لا حرب، لا سلم” للصحفي طاطول هاكوبيان، ترجمة د. نورا أريسيان، الطبعة الأولى للترجمة العربية، لبنان – 2012، الفصل الثاني.

[1]   حوار مع خزماليان، 3 تموز، 2006.

[2] حوار مع غازاريان، 25 نيسان، 2006 في يريفان. توفي غازاريان في 3 تشرين الثاني، 2007. أما هامبارتسوم كالسديان، عضو لجنة كاراباخ ومحافظ يريفان السابق، فقد قتل في 17 كانون الأول، 1994.

[3] حوار مع ديميرجيان، 16 تشرين الأول، 2006.

[4] حوار مع سركيسيان، 22 أيار، 2006.

[5]    Tomas de Waal, Black Garden; Armenia and Azerbaijan through Peace and War, New York University Press, New York and London, 2003, pp. 22-23.

[6] “هايكاكان جاماناك”، 5 تشرين الأول 2006، العدد 175. نشر الموضوع في منشورات باسم (لجنة أرمينيا لحركة كاراباخ) في 25 تموز، 1988.

[7]                                        Карен Брутенц, Тридцать лет на Старой площади,

Международные отношения, Москва, 1988, сс. 505-506.:

[8] هامبارتسوم كالسديان، (مقالات، مذكرات، حوارات)، يريفان، 2002، ص 335.

[9] سيلفا كابوديكيان، (صفحات من حوارات مغلقة)، يريفان، 1997. توفيت كابوديكيان في 25 آب 2006.

[10]       Mikhail Gorbachev, Memoirs, New York and London, 1996, pp. 333-340.

[11] The Armenian Reporter, New York, September 17, 1987, The Karabagh File: Documents and Facts on the Region of Mountainous Karabagh 1918-1988,

Editor-Gerard Libaridian (Cambridge, Toronto, March, 1988):

 [12] توفي فلاديمير كروتشكوف في 25 تشرين الثاني 2007     Интервью Лусика Гукасяна с Владимиром Крючковым, журнал Армения и мир, # 11, 2004 г.:

[13] حوار مع مانوتشاريان، 19 نيسان، 2006.

[14] فاسكين مانوكيان، “إنه زمن الطيران من القطار”، مجموعة مقالات، يريفان، 2002، ص 36.

[15] “تروشاك”، 4 كانون الثاني، 1989، العدد 19.

[16] مقالات إيكور موراديان في صحيفة “هايوتس أشخار” (عالم الأرمن)، العدد 6-10، 20-24 كانون الثاني 1998.

[17] هامبارتسوم كالسديان، ص 339.

أرمينيا والعراق …اتفاق في زمالات دراسية

$
0
0

 

أزتاك العربي- أكدت مصادر إعلامية عراقية أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق أعلنت عن منح العراق زمالات دراسية لأرمينيا، وأشارت إلى الاتفاق مع الجامعة الأميركية في أرمينيا على منح العراق زمالات في الاختصاصات العلمية النادرة.

وأكد وزير التعليم العالي عبد الرزاق العيسى خلال لقاءاته المسؤولين في أرمينيا ضرورة التعاون الثنائي ولاسيما في المجالات العلمية، لافتا الى منح العراق زمالات دراسية للجانب الأرميني في اختصاصات مختلفة .

وأشارت الصحف الى أن وزير التعليم العالي عبد الرزاق العيسى زار الجامعة الأميركية في العاصمة يريڤان واتفق على إقامة برامج علمية مشتركة، ومنح العراق زمالات في الاختصاصات التقنية والعلمية النادرة، والإفادة من تجربتهم في مشروع تأسيس الجامعة الامريكية في بغداد.

يذكر أن الوفد العراقي التقى رئيس جامعة يريفان الحكومية ووزير التعليم في أرمينيا.


رئيس البرلمان الأرميني يستقبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي

$
0
0

 

أزتاك العربي- استقبل رئيس البرلمان الأرميني آرا بابلويان وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي عبد الرزاق العيسى والوفد المرافق له.

وأكد بابلويان بعد ترحيبه بالوفد العراقي على ضرورة تطوير العلاقات مع الوطن العربي، ومع العراق في كافة المجالات، كما أكد على تعزيز العلاقات من خلال جمعيات الصداقة البرلمانية.

وأعرب عن تقديره للمبادرة العلمية، مشيدا بدور العراق الحضاري والمعرفي، وأن العراق هي ضمن اهتمام رجال الأعمال الأرمن، وأبدى استعداده مناقشة مشاريع استثمارية في مجالات عديدة.

من جانبه أعرب العيسى عن أمله في تطوير العلاقات العلمية بين المؤسسات العلمية بين البلدين. وأبدى رغبته في أن يستكمل الطلاب العراقيون تعليمهم في أرمينيا. كما أكد أهمية العلاقات البرلمانية وتطوير التعاون بين البرلمانين.

في الختام اتفق الجانبان على التعاون المتبادل بين الطرفين من أجل ايفاد طلاب من العراق الى أرمينيا وبالعكس.

رئيس أرتساخ: “العالم المتقدم سيعترف قرار الشعب العادل والشرعي في أرتساخ”

$
0
0

 

أزتاك العربي- في رسالته التي وجهها في عيد استقلال جمهورية أرتساخ (كاراباخ الجبلية) في 2 أيلول الجاري، أكد رئيس جمهورية أرتساخ باكو ساهاكيان أن الشعب الأرمني في أرتساخ تبنى قبل 26 عاماً قراراً مصيرياً من أجل بناء دولة ذات سيادة، وديموقراطية وحرة ومستقلة.

وقال: “نجحنا سوياً مع الأرمن في أرمينيا والشتات الأرمني لتنفيذ مشاريع استراتيجية كبيرة لتقوية جمهوريتنا. وأنا متأكد أن العالم المتقدم سيعترف قرار الشعب العادل والشرعي في أرتساخ، وسيعترف بالحقائق التي تشهد على القيم الإنسانية، وإخلاصنا للقوانين والمبادئ الدولية”.

وأوضح أن الشعب في أرتساخ طوال السنوات الماضية عمل بجد وبتضحيات أبناءه من أجل بناء دولة مستقلة والدفاع عنها.

يوميات كاراباخ….انفجار في كاراباخ الجبلية

$
0
0

عصفت رياح كورباتشوف للبريسترويكا والكلاسنوست في هادروت في نهاية عام 1985، عاد أرتور مكردجيان من يريفان، وعيّن مديراً لمتحف هادروت، وأصبح في عام 1992 أول رئيس منتخب في كاراباخ الجبلية، ولكنه قتل بعد ثلاثة أشهر.

في ليلة باردة من شهر شباط عام 2008 في هادروت تتذكر نيللي كاسباروفا وكاكيك أفانيسيان تلك الأيام، حيث كانوا يجمعون التواقيع لانضمام كاراباخ الجبلية لأرمينيا، وعندما جرى الحديث عن أرتور مكردجيان بدت ملامح الحزن على وجه كاكيك، أما السيدة نيللي فأنهت ابتسامتها المشعة، ووضعت وجهها بين يديها، وبدأت تجهش بالبكاء.

كرست ابنة الطيار بطل الاتحاد السوفيتي أشود كاسباروف ثلاثين عاماً من عمرها في تربية الأطفال، إنها معلمة للغة الروسية في مدرسة هادروت، وكانت بين مجموعة شباب مثقفين، الذين وجهوا رسائل إلى كورباتشوف في الكرملين عن قضايا وطنية.

بدأت حملة التواقيع في هادروت أول الأمر، ربما لأن الشخصيات الأولى للحركة كانت جذورها أو مسقط رأسها من تلك المنطقة، أمثال الاقتصادي إيكور موراديان، والمؤرخ أرتور مكردجيان، والمهندس مانويل سركيسيان، والرسام إيميل أبراهاميان، وانضم إليهم بعد فترة قصيرة كريشا هايرابيديان، وكاكيك أفانيسيان، ونيللي كاسباروف وغيرهم، كان القادة الشيوعيون المحليون قلقين من أن تعلم الجهات العليا في باكو بالأمر، وتقيلهم من عملهم، ولهذا السبب كانوا يضغطون على نشطاء الحركة، وأحياناً يغضون النظر بأنهم لا يعلمون بما يحصل.

في تشرين الثاني عام 1985 اقترح إيميل أبراهاميان على كاكيك أفانيسيان البالغ من العمر 23 عاماً للمساعدة في حملة جمع التواقيع، كانت هناك رغبة في وضع هوائي للتمكن من اصطياد تلفزيون أرمينيا، لم يوضع الهوائي، وعوضاً من ذلك استطاعت مجموعة المتطوعين في هادروت اصطياد نفس البريسترويكا، ويروي أفانيسيان: “كانت حملة جمع التواقيع من أجل وضع الهوائي صعبة، جمعنا 250 توقيعاً خلال أشهر قليلة، كنا نقنع الناس بأنه لا شيء يعارض السوفيتية أو القومية، أتى موراديان إلى هادروت بعد عام، وكنا قد سمعنا عن إيكور، وعلمنا أنه رفع دعوى ضد حيدر علييف، واتهمه بانتهاج سياسة معادية للأرمن، وهكذا بدأنا بجمع تواقيع لضم كاراباخ الجبلية إلى أرمينيا، لم يكن ذلك صعباً، كان الناس يقتنعون على نحو أسهل، لأنه لم تجر معاقبة أحد على التواقيع في الحملة السابقة”[1].

خلال حوار دام ثلاث ساعات أو أربع، لم تقل السيدة نيللي شيئاً عن تلك الأيام السعيدة، ولكن حضور السيدة الموقر وحماسة كاكيك نقلانا على نحو غير واع إلى الماضي، حيث كانت الوطنية تشتعل في قلوب الشباب، وفي عقولهم الفكرة التي لا يمكن تصحيحها في رؤية كاراباخ الجبلية ضمن سيادة أرمينيا.

لم تتطرق صحيفة “كاراباخ السوفيتية” في الإقليم إلى الأحداث الجارية في أرتساخ إلا في 21 شباط عام 1988، ونشرت على صفحتها الأولى القرار الذي اتخذه الأعضاء الشعبيون في إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي في الجلسة الاستثنائية في اليوم السابق، فقد صوت 110 نواب أرمن في الإقليم بالموافقة، بينما لم يشارك 30 نائباً أذرياً، واقترح النواب الأرمن فصل إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي عن سيادة أذربيجان، وضمها إلى أرمينيا.

تحاول باكو الحد من توسع حركة كاراباخ، يصل السكرتير الثاني للجنة المركزية في الحزب الشيوعي في أذربيجان فاسيلي كونوفالوف إلى استيباناكيرد، ولم يمض وقت طويل على جلسة المجلس الأعلى لمجلس الإقليم، التي انتهت في ليلة 11 شباط في استيباناكيرد، حيث اتخذ القرار بعقد اجتماعات حزبية في مراكز الإقليم ومناطقه، وإدانة الأحداث الجارية في كاراباخ الجبلية بجمع تواقيع الوفود الكاراباخية إلى موسكو، والسعي لضم إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي إلى أرمينيا.

في الاجتماع الحزبي في 12 شباط قام فاسيلي كونوفالوف وبوريس كيفوركوف السكرتير الأول للجنة الإقليم بإدانة حركة كاراباخ والانفصاليين المتطرفين الذين يدعمونها، هدد كيفوركوف أن الانفصاليين لا مكان لهم في كاراباخ، وأن الإقليم كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من أذربيجان، وأعلن كونوفالوف أنه يعرف أسماء جميع الانفصاليين الذين ينبغي عزلهم عن محيطهم، ولكن الجلسة المكتملة لم تعقد كما جرى تصوره في باكو، فقد قام قادة المؤسسات في استيباناكيرد خلال خطاباتهم بإدانة سياسة التمييز، التي تتبعها باكو ضد كاراباخ باستمرار خلال عقود من الزمن.

في 12 شباط شعر الرسام إيميل أبراهاميان ورفاقه أن الشعب أصبح إلى جانبهم، لقد قام الكثير من الموظفين في الإقليم بزيارة إلى مناطق كاراباخ الجبلية لمحاولة إيقاف ثورة الشعب، ويتذكر أبراهاميان: “جاء فلاديمير أوسيبوف رئيس اللجنة التنفيذية في مجلس الإقليم (رئيس وزراء الإقليم) إلى هادروت لوقف الحركة، وتسجيل حدوث عمليات غير مقبولة، قررنا عدم السماح، لأنه كان يمكن نشر عدم الثقة بين الشعب، وتأويل الأمور في منحى آخر، تجمع يومذاك ما يقارب ألف شخص، وهذا أمر غير مسبوق في هادروت”.

في عام 1987 وحتى وصول الوفود إلى موسكو كتبت مجموعة الشباب المثقفين في هادروت رسالة إلى كورباتشوف، وذكرت في الرسالة أنه لا يمكن حل القضايا الوطنية للأرمن في أرتساخ إلا بالانضمام إلى أرمينيا.

بعد هذه الرسالة بدأت السلطات في الإقليم بالضغط، ويروي أبراهاميان: “لقد حسمت نخبة الشبان في الإقليم موقفها حالاً، أما الموظفون الحزبيون الكبار في السن فكانوا متعلقين على نحو قوي بسلطات أذربيجان، لم تكن باكو مدينة غريبة عنهم، ومن الصعب جداً عليهم أن يقرروا في أمور وطنية، فالأمر غير مفهوم، فقسم منهم في السلطة في كاراباخ الجبلية اليوم لم يكونوا معنا آنذاك، أنا لا أقول إنهم كانوا ضدنا ضمنياً، لكن سياسياً لم يكن باستطاعتهم أن يكونوا إلى جانبنا”[2].

أخفقت الاجتماعات الحزبية في 12 شباط في استيباناكيرد وهادروت ومناطق أخرى في كاراباخ الجبلية، والتجمع الذي بدأ في هادروت انتقل في اليوم التالي إلى استيباناكيرد، لتصبح الحركة لا رجعة فيها.

طبعاً، جرى إعلام باكو بالأحداث التي بدأت في كاراباخ الجبلية، كان فاليري أتاجانيان أحد الموظفين الرسميين من كاراباخ، الذين يعملون في اللجنة المركزية في أذربيجان، كان في شهر كانون الثاني قد عاد إلى وطنه عدة أيام. “كنت على تواصل مع شقيقي ومع ماكسيم ميرزويان، عندما علمت أن العمليات تقام سراً، اقترحت أن تعطى طابعاً رسمياً، لكني لم أؤيد مشاركة أرمينيا في تلك العمليات، لأن ذلك سيخلق متاعب أخرى، والمسألة ستتحول إلى جدال بين الجمهوريتين، اقترحت أن تحل في البداية مسألة فصل إقليم كاراباخ ذي الحكم الذاتي عن أذربيجان”[3].

يتذكر فاسيلي شقيق فاليري، وهو الذي يدير معمل الأحذية في استيباناكيرد: “تحدث أبيل أغانبيكيان في باريس عن كاراباخ، أما كورباتشوف فقد تقبل وجود أخطاء في التاريخ السوفيتي ينبغي إصلاحها، وهذه نقطة ماء على أرض قاحلة، عندما أتى شقيقي تجمعنا في منزل ماكسيم ميرزويان، وتحدثنا أن حملة جمع التواقيع لا تمثل قيمة كبيرة، ويجب الدعوة إلى جلسة، لأن الدستور السوفيتي يسمح بذلك”[4].

ويروي الكاتب فارتان فارتانيان، الذي كان ضمن الوفد الكاراباخي، الذي زار موسكو في بداية شباط لتقديم طلب ضم كاراباخ الجبلية إلى أرمينيا، ويقول: “عدنا ورأينا أن أرتساخ قد انتفضت، والساحة تغلي، كان كل خبر يأتي من موسكو إلى الساحة يدفع موجة جديدة بين الشعب، ويجعلهم أكثر ثباتاً على قرارهم، وكان أركاتي مانوتشاروف يقود الحركة في كاراباخ، وأنشئ برئاسته فريق للمبادرة بعقد الجلسة[5].

كان رئيس إقليم كاراباخ الجبلية ذات الحكم الذاتي كيفوركوف على اطلاع على الأحداث، وكانت قيادة الحركة اقترحت عليه الانضمام إلى النضال الشعبي، وفي أحد اللقاءات في منتصف شهر شباط أعلن كيفوركوف إنهاء التجمعات وإعادة الناس إلى بيوتها، وخلال فترة قصيرة فقدت السلطات في الإقليم والجمهورية السيطرة على الوضع، وحذر أسادوف عضو اللجنة المركزية في أذربيجان في جلسة المجلس الأعلى في لجنة الإقليم من أن مئة ألف أذري على استعداد لاجتياح كاراباخ وتنفيذ القتل فيها.

وصل السكرتير الأول في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في أذربيجان كامران باغيروف إلى استيباناكيرد لإيقاف حركة كاراباخ وعرقلة عقد جلسة مجلس الإقليم، بينما كان باغيروف والموظفون الأرمن، الذين يدعمونه، يحاولون إقناع نواب الإقليم بإيقاف خطوة عقد الجلسة، كانت الجموع في الساحة تصرخ: (جلسة، جلسة)، فأخلى القائد الأذري القاعة يائساً.

يروي فاليري أتاجانيان مبتسماً: “عقدت الجلسة في 20 شباط، وبعد يومين أُرسل مفتشو اللجنة المركزية، وكانوا أساساً من أرمن وروس، وأرسلوا مع ديميتشيف وكونوفالوف على الطائرة نفسها من باكو إلى استيباناكيرد من أجل عقد جلسة لجنة الإقليم وإبعاد كيفوركوف، كنا نرى من الطائرة تجمع الناس بالقرب من أسكيران، وسيارات محروقة بالقرب من معمل البيرة، منذ ذلك اليوم لم أعد إلى باكو”.

المصدر: كتاب “يوميات كاراباخ، أخضر وأسود-لا حرب، لا سلم” للصحفي طاطول هاكوبيان، ترجمة د. نورا أريسيان، الطبعة الأولى للترجمة العربية، لبنان – 2012، الفصل الثالث (1).

[1] حوارات مع أفانيسيان وكاسباروفا، 1 شباط، 2008.

[2] حوار مع أبراهاميان، 25 تشرين الأول، 2006 في يريفان. شغل إيساكولوف لسنوات طويلة حتى عام 2007 منصب وزير داخلية، ورئيس الشرطة في كاراباخ الجبلية.

[3] حوار مع أتاجانيان، 12 حزيران، 2006.

[4] حوار مع أتاجانيان، 13 حزيران، 2006.

[5] حوار مع هاكوبيان، 10 كانون الأول، 2006.

سفير سوريا الجديد في أرمينيا يسلم أوراق اعتماده

$
0
0

أزتاك العربي- أفادت وزارة الخارجية الأرمينية أنه في 5 أيلول الجاري استقبل وزير الخارجية الأرميني إدوارد نالبانديان سفير سوريا الجديد في أرمينيا محمد  أحمد حاج إبراهيم، وذلك من أجل تسليم أوراق اعتماده.

وأعرب نالبانديان عن أمله بأن يسهم منصبه الجديد في تطوير علاقات الصداقة بين البلدين.

وجرى الحديث عن الوضع في سوريا، ومساعدة أرمينيا للاجئين السوريين في أرمينيا، وكذلك إرسال المساعدات الانسانية الى سوريا بقرار من رئيس الجمهورية. كما أعرب عن أمله أن تفتح المفاوضات في استانا وجنيف السبيل لتسوية الوضع في سوريا.

وبدوره نقل السفير إبراهيم تحيات وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وأكد أنه سيبذل قصارى جهده من أجل تطوير العلاقات في كافة المجالات، واستعرض الجهود التي تبذلها سوريا من أجل محاربة الإرهاب. كما تقدم بالشكر لأرمينيا للمساعدات التي ترسلها للشعب السوري.

دراسة أرمنية: ضابط كردي أنقذ مئات الأرمن في أحداث 1915

$
0
0

قامت مجموعة من الباحثين الأرمن، بالتعاون مع مثقفين كورد، بإعداد دراسة لتسليط الضوء على شخصية كوردية ساهمت في “إنقاذ مئات المواطنين الأرمن خلال المجزرة التي تعرضوا لها على يد الدولة العثمانية”، ونُشرت برعاية صندوق “هرانت دينك”، كما أقيمت ندوة بهذا الخصوص.

الشخصية التي أجريت عليها الدراسة، هي جميل بحري كونه باشا، من أهالي قرية “هوبكا” التابعة لمنطقة عفرين بكوردستان سوريا، وبحسب الدراسة، فقد ولد جميل باشا عام 1892 في مدينة حلب، حيث توفي والده في سن مبكر، وتكفلت والدته بتربيته، وبعد بلوغه درس في الأكاديمية البحرية العثمانية وأصبح ملازماً، ثم التحق بكلية الحقوق، وبعد إنهاء الدراسة فيها التحق بالجيش العثماني.

وعندما وقعت مجازر الأرمن عام 1915، كان جميل باشا قائد الجيش العثماني في منطقة رها بكوردستان تركيا، وبنفس الوقت مسؤولاً عن مصنع السفن العثمانية، وفي ذلك الوقت قام الجيش العثماني بإشراف جمعية الإتحاد والترقي، بارتكاب عمليات قتل ومقابر جماعية بحق الأرمن على الجانب الآخر من نهر الفرات، بالقرب من مدينتي الرقة وديرالزور بسوريا.

وبحسب الدراسة التي أعدها باحثون أرمنيون، فإن جميل باشا أنقذ المئات من الأرمن الذين جاء بهم الجيش العثماني من جهة ديلوك أوعنتاب كرهائن إلى منطقة رها، حيث قام جميل باشا برعايتهم، ولم يرسلهم إلى الجانب الآخر من نهر الفرات، كما أمن فرص العمل للكثير منهم في المصانع التي كان يديرها، ثم أرسلهم إلى مناطق ومدن أخرى، مثل منبج، سري كانييه، جرابلس، وحلب، إضافةً إلى تأمين الطعام لعدد كبير من الأرمن عن طريق الهلال الأحمر الدولي.
وتزوج جميل باشا من إبنة راهب أرمني اسمها “ديكرانوهي كوليزيان”، ومن المثير للإهتمام أنه على الرغم من أن جميل باشا كان مسلماً، فإن زوجته حافظت على دينها المسيحي، وأنجبا فتاتين وولدين.

وبحسب الدراسة ذاتها، فإن جميل باشا استقر في مدينة حلب بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وافتتح عدداً من المدارس هناك، كما كان يتقن اللغات الكوردية، التركية، العربية، الأرمنية، الإنكليزية، والألمانية، ولديه العديد من القصائد الشعرية باللغة التركية، وفي عهد الإنتداب الفرنسي في سوريا، شارك جميل باشا في المقاومة المسلحة بحلب، وتم اعتقاله.

توفي إبن مدينة عفرين ونقل إلى مثواه الأخير في حلب يوم 25 أيار/مايو من عام 1967، ويقول الباحثون الأرمن الذين أجروا الدراسة عن جميل باشا في نهاية دراستهم، إنه كما تم إنتاج فيلم عن حياة رجل الأعمال الألماني، أوسكان ستشيندلر، الذي أنقذ المئات من المقابر الجماعية، وحصد الفيلم الذي أخرجه، ستيفن سبيلبيرغ، 7 جوائز أوسكار، فإن من الضروري أن يتم إنتاج فيلم يتناول حياة جميل باشا.

أحمد عكاش

ووداو – أربيل

Viewing all 6793 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>