Quantcast
Channel: ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية
Viewing all 6788 articles
Browse latest View live

مئويّة «الإبادة الأرمنيّة» والتلفزة العربيّة

$
0
0

بخلاف الإعلام العربي المقروء، تجاهلت أبزر قناتين إخباريتين عربيّتين، «العربيّة» و«الجزيرة»، الذكرى المئويّة للمجازر الأرمنيّة التي ارتكبتها السلطة العثمانيّة في الفترة الفاصلة بين 1915 و1918، وراح ضحيّتها نحو 1,5 مليون أرمني، ومئات الألوف من السريان، الآشوريين، اليونانيين، الكرد، الترك والشركس أيضاً، وفق العديد من المؤرّخين والمصادر.

الإعلام المقروء، رصد هذه الذكرى وتفاعلاتها، عبر التقارير الإخباريّة والتحقيقات ومقالات الرأي، التي تناولت هذا الحدث التاريخي من زوايا مختلفة، وأحياناً متباينة، لجهة الميل إلى تبنّي الرواية الأرمنيّة أو التركيّة، أو الوقوف على الحياد، والتناول الموضوعي للحدث. بينما «العربية و «الجزيرة» لم تتناولا هذا الحدث التاريخي المأسوي، لا عبر برامج الحوار ولا عبر الأفلام الوثائقيّة، التي اعتدنا عليها، أثناء مرور ذكرى حدث سياسي معيّن، كأحداث 11 أيلول، أو احتلال العراق وسقوط نظام صدام حسين، مثلاً!

وبالتوازي مع هذا التجاهل، ركّزت قنوات التلفزة التابعة لمحور «الممانعة» في سورية ولبنان، على ذكرى هذه المجازر، على خلفية الخصومة السياسيّة مع الحكومة التركيّة، بسبب دعم الأخيرة المعارضة السياسيّة والعسكريّة السوريّة التي تسعى إلى إسقاط نظام الأسد. ورأى مراقبون أن تغطية إعلام «الممانعة» لمئوية المذابح الأرمنيّة، وإدانة ارتكاب هذه المجازر، وشجب إنكار الحكومة التركيّة لها، لم تكن حبّاً في الأرمن وتضامناً مع ضحايا هذه الإبادة، بمقدار ما كانت كرهاً في الحكومة التركيّة والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

«بي بي سي العربية» تناولت الحدث الكبير، عبر تقرير، يرصد احتفال أرمينيا بهذه الذكرى. كما بثّت تقريراً آخر، يرصد احتفال تركيا بذكرى مئويّة معركة «جناق قلعة» أو «غاليبولي»، مشيرة إلى مشاركة ولي العهد البريطاني تشارلز وإبنه الأصغر هاري في هذا الاحتفال، إلى جانب قادة ومسؤولي 20 دولة، من ضمنها قطر، اسرائيل، نيوزيلندا وأستراليا. وبالتالي، لم يأخذ هذا الحدث حيّزه في برامج الحوار بالمقدار الكافي واللائق في «بي بي سي العربيّة»، باستثناء برنامج «بي بي سي إكتسرا» الإذاعي الذي تطرّق الى هذه المجازر، عبر اتصال هاتفي. علماً أن بريطانيا، لم تعترف حتى الآن بهذه الإبادة.

ويرى مراقبون أن تعمّد الأتراك الاحتفال بذكرى معركة «جناق قلعة»، التي انتصروا فيها على الحلفاء، في يوم الاحتفال ذاته بمئويّة المذابح الأرمنيّة، هو لصرف أنظار العالم عن إحياء أرمينيا مئويّة الإبادة الجماعيّة.

كما اخذت قناة «فرانس 24» منحى «بي بي سي العربية» في تناول الحدث في شكل محايد ومتواضع، على رغم مشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في الذكرى المئويّة للإبادة الأرمنيّة، وإلقائه خطاباً في هذا الاحتفال.

وسط هذا التراخي من جهة القنوات الإخباريّة الناطقة بالعربيّة، وتجاهل القنوات الإخباريّة العربيّة المذكورة أعلاه، برزت تغطية قناة «سكاي نيوز عربية» لمئويّة الإبادة الأرمنيّة، لجهة الجودة والمساحة والحياديّة والتوازن في التناول والمعالجة، بخاصة في برنامج «عن قرب» سواء عبر تقرير دارين الحلوة، المتوازن والرصين، أو استضافة البرنامج الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجيّة محمد عبدالقادر. ودار الحوار حول الخلفيّة التاريخيّة للأحداث، وأسباب رفض تركيا الاعتراف بهذه الإبادة، وما يترتّب على هذا الاعتراف من تبعات قانونيّة وسياسيّة واقتصاديّة.

أياً يكن الأمر، إذا كان مفهوماً تجاهل قناة «الجزيرة» لمئويّة المذابح الأرمنيّة، بسبب العلاقة التركيّة – القطريّة الاستراتيجيّة، وحضور أمير قطر احتفاليّة ذكرى معركة «جناق قلعة» إلى جانب الرئيس التركي أردوغان، فمن غير المبرر تجاهل «العربيّة» لها، حتى ولو كانت هذه القناة مشغولة ومنهمكة في تغطية معارك اليمن.

هوشنك أوسي 

الحياة


القضية الأرمنية قيد المراجعة

$
0
0

نظمت الجاليات الأرمنية في بلاد الشتات الأرمني نشاطات متنوعة بمناسبة مرور قرن على ما وصف «باعمال ابادة جماعية نظمها الاتراك العثمانيون ضد الأرمن». وكررت المنظمات الأرمنية في هذه النشاطات الانتقادات التاريخية التي توجهها عادة الى الاترااك ومطالباتها حكومات العالم بالتضامن مع الأرمن واصدار اعلانات تدين فيها “اعمال الابادة” المنسوبة الى الاتراك. ومن الملاحظ ان هذه النشاطات آخذة في الازدياد جنبا الى جنب مع الصعود التركي على النطاقين الاقليمي والدولي. ولا غرابة في ذلك, اذ ان النخبة التركية الحاكمة تأمل في تبوؤ تركيا مكانة عالمية تضاهي تلك التي وصلت اليها خلال القرن السادس عشر. فقبل اردوغان المتهم بالطموح الجامح، كان رئيس الجمهورية الاسبق تورغوت اوزال عرضة لنفس الاتهامات والانتقادات, خاصة عندما قال ان لتركيا مصالح استراتيجية تمتد من الاناضول الى اسوار الصين.

في خضم هذه التطورات، تزداد اهمية «القضية الارمنية»، للأسباب الثلاثة التالية:

الأول، يتصل بالأوضاع السياسية العامة في المنطقة العربية، وخاصة علاقات المجموعة العربية بدول الجوار الاقليمي. إن مسألة الأرمن تستخدم اليوم كوسيلة من وسائل الضغط في الصراعات شرق الأوسطية التي تشمل اطرافا عربية وتركية وايرانية. كما تستخدم ايضا كوسيلة من وسائل الضغط بين اطراف دولية تشمل روسيا والولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي. ورغم ان هذا الوضع قد يخدم القضية الأرمنية وانصارها لأنه يضعها في واجهة الاحداث الدولية والاقليمية, الا ان هذا الوضع له مضاره، من وجهة نظر أرمنية بحتة. فانصار هذه القضية يعرفون ان الذين يستخدمون قضية من نوع القضية الأرمنية مستعدون لتبديل مواقفهم اذا ما رضخ الاتراك للضغوط ولبوا ما تطلبه الجهات الدولية المعنية منهم. اذا وافق الاتراك، مثلا، على التوقف عن دعم بعض الجماعات الاسلامية في المنطقة، او على تخفيض حجم الدعم مقابل تراجع مماثل من الجهات الضاغطة عن احتضان «القضية الارمنية»، فان الاهتمام الدولي بهذه القضية يتراجع على نحو ملموس. بتعبير آخر ان هذا النوع من التبني والدعم لا تسيره الرغبة في مساندة الأرمن بل في اضعاف الاتراك.

والثاني. هو «القضية الأرمنية» في حد ذاتها. والتوقف عند هذه القضية لا يعني الموافقة على نظرة الأرمن او الاتراك الى هذه القضية، ولكنه ينطلق من التأكيد على اهمية اتخاذ موقف سليم من قضية ذات ابعاد انسانية وتاريخية. تتمحور هذه القضية حول ما عاناه الأرمن ورعايا الامبراطورية العثمانية من المصائب الانسانية الكبرى التي رافقت الحرب العالمية الاولى. وتبرز هنا وجهتا نظر متناقضتان, فالأرمن يحملون الاتراك مسؤولية ابادة او اختفاء ما يقارب المليون ونصف ارمني وارمنية كانوا يقطنون الأراضي العثمانية. وهم يرون ان هؤلاء لم يكونوا ضحايا للحرب الكارثية ولم يكونوا جنودا محاربين في الجيوش التي ارتكبت مجازر مرعبة خصوصا في حرب عبثية ذهبت بالملايين من المجندين الاوروبيين، بل كانوا مواطنين مسالمين من رعايا الامبراطورية العثمانية.

تميل بعض المراجع العربية الى تصديق الرواية الأرمنية. وفي هذا السياق يشير د. محمد رفعت الأمام، الاستاذ المساعد في التاريخ الحديث في جامعة الاسكندرية في ورقة قدمها الى مؤتمر حول الابادة الأرمنية والقانون الدولي انعقد في بيروت عام 2009 الى شهادة ادلى بها ضابط عربي في الجيش العثماني جاء فيها «ان ما قرأتموه وسمعتموه عن مصائب الارمن ليس الا نقطة من بحر، وان الاتحاديين فتكوا بالمتعلمين والمتنورين الأرمن».

وليس نتيجة سياسة ابادة شاملة و متعمدة نفذتها الحكومة التركية، كما يقول الدكتور سادي سايسي، الباحث الرئيسي في مؤسسة البحوث الأرمنية في مركز الدراسات الاستراتيجية الأوراسية. ويعتقد الاتراك، كما يتردد في الكثير من الروايات الرسمية حول المسألة الأرمنية ان بعض الأرمن اختار، وبتحريض من الروس حمل السلاح ضد الدولة العثمانية اما سعيا وراء مكاسب شخصية وفئوية، واما توخيا للانفصال عن الدول العثمانية. فضلا عن ذلك، يقول الاتراك ان تركيا توصلت اكثر من مرة الى اتفاق مع الحكومة الأرمنية او مع الحكومة السوفييتية بالنيابة عن ارمينيا على تناسي الماضي. ولا ينفي الأتراك ما يكرره الأرمن حول ما لحق بهم على يد العثمانيين من مصاعب نفيا باتا, ولكنهم يعتبرون ان جزءا كبيرا من هذه المصاعب كان بسبب الحرب نفسها.

الثالث، هو الثغرات في النظريات القومية التي كانت رائجة في اوروبا خلال المرحلة التي سبقت ورافقت الحرب العالمية الأولى والتي كان لها اثر على النخبة التركية الحاكمة. كان الجناح الحاكم من هذه النخبة المتمثل بحزب الاتحاد والترقي يتبنى النظرية القومية التي تقول بأنه لكل قومية دولة, وفي كل دولة قومية واحدة فقط. في ظل هذه النظرية مارست القومية الغالبة عملية» القومنة «من فوق، اي عبر الدولة التي استولت عليها جماعات كانت تنتمي الى قومية معينة. واستخدمت هذه الجماعات التربية والتعليم من اجل نشر لغة واحدة في المجتمعات المعنية. فعلى سبيل المثال كان نصف الايطاليين ونصف الفرنسيين يتحدثون بلغات مختلفة غير الايطالية والفرنسية. وحتى يصهر اليعاقبة، وهم كانوا من القوميين الفرنسيين المتعصبين، بقية الفرنسيين من فوق، فقد مارسوا الاستبداد والارهاب. وكان كافور موحد ايطاليا يتصور ان جنوب ايطاليا ليس ايطاليا ولم يكن مهتما بضمه الى مناطق الوسط والشمال وسكان صقلية هم من العرب والناطقين باللغة العربية، وهذا ما جعل دخول الجيوش الموالية للقوميين الايطاليين الجنوب اقرب الى الفتح منه الى التوحيد.

لقد كانت النظريات القومية التي تبناها الليبراليون الاتراك ومعهم العرب والأرمن والألبان والشعوب الأخرى في الامبراطورية العثمانية اقرب الى الفكر السياسي الصحيح, اذ طالبوا بالتعددية داخل الدولة الواحدة العثمانية. ودار الصراع بين الاتحاديين الاتراك الذين كانوا يدعون الى دولة طورانية «تصهر» كافة القوميات الأخرى، وبين العثمانيين الذين كانوا يضمون الأرمن والعرب والاتراك ايضا. هنا كانت المشكلة الحقيقية التي تتكرر باشكال مختلفة في القرن الواحد والعشرين. ولقد وضع احد الباحثين يده على هذه المشكلة حينما توصل الى ان بين دول العالم اليوم التي تقارب المئتين، هناك عشرين دولة فقط تضم قومية واحدة اما الدول الباقية فكلها دول متعددة القوميات. ان اثارة القضية الأرمنية تجدد النقاش حول التعددية القومية. اذا لم تحقق الحملة التي يقودها الأرمن ضد ارتكابات الاتحاديين الطورانيين الا تجديد هذا النقاش، فانها تكون قد حققت خدمة جلى للانسانية.

رغيد الصلح

الخليج” الاماراتية 

كم هو عمر الشعب الآذري …الهوية الخرافية العجائبية لهذا الشعب (2)

$
0
0


من الكسندر دوما الى جوزيف ستالين: آثار التحول من التتار الى آذريين:

مؤلف الفرسان الثلاثة والكونت دي مونت كريستو الكاتب الكسندر دوما عاش في روسيا القيصرية في الفترة من حزيران 1858 ولغاية شباط 1859 منها الاشهر الثلاثة الاخيرة في القوقاز وخاصة في تبليسي عاصمة جيورجيا وفي المناطق الداغستانية وباكو. وقد سجل يومياته في كتابه “قوقاز” الذي صدر في فرنسا ربيع 1859 وبشكل مختصر في روسيا عام 1861.

كانت الشرطة الروسية تتابع تحركاته وتنقلاته وترسل عنه التقارير والبرقيات الى بيترسبورغ. وهنا لا نجد لا في يوميات وكتابات الكسندر دوما ولا في تقارير الشرطة القيصرية كلمة أذربيجان أو أذري. مثلاً يذكر تقرير مرسل في 14 ت1 1858 أن السيد استروفيه زار منزل حاكم منطقة استراخان وهناك شاهد أرمن وتتار وإيرانيين وهم يعيشون معاً ويلبسون أزياءهم الخاصة.

هذا الكتاب ومحتواه أوقع الأذريين في حالة صعبة وشائكة. فالكاتب من المشاهير العالميين الذين يثق بهم العالم لصدقهم فيما يقدمونه من حقائق. ونظراً لشهرته كان من المرغوب لدى ازيربروب أن تقدم للاجيال الاذرية يوميات الكاتب عن أذربيجان. ولكن كيف التعامل مع حقيقة دامغة لا يصح فيه التأويل وهو أنه قبل 170 عام لم ير الكاتب في القوقاز لا أذربيجان ولا أذري. بل رأى فقط أرمن وجيورجيين وتتار وإيرانيين وحتى ليزكيين. هنا دخلت سياسة التحوير على الخط. فقد قامت الدكتورة الأذربيجانية أيكون أيوبوفا بكتابة مقالة عن كتاب قوقاز ذكرت مقالة عن كتاب “قوقاز” ذكرت فيها بأن الكسندر دوما كان قد أحب أذربيجان. وقد أوصى شعوب القوقاز أن يثقوا بالأذربيجانيين فقط. وكانت الدكتورة تتعذب عند تحريف حقائق الكتاب خاصة عندما قال الكاتب بأن باكو هي مدينة ذو وجه إيراني. فكتبت بأنه كان (يقصد) الآذريين بدلاً من الإيرانيين أو التتار (ولم تذكر الارمن والجيورجيين وغيرهم) وأن الكاتب لم يهتم في الحقيقة لما كتبه. (عجيب أمرك يا الكسندر دوما بانك لا تهتم لما تكتبه. يا عيب الشوم).

الكسندر دوما لم يأت الى أرمينيا. ولكن من زار أرمينيا هو الرحالة الألماني اوغوست فون كاكستهاوزن (1792-1866) الذي عاش في يريفان والمناطق الشمالية من أرمينيا وهو يكتب: منطقة شاشاتين التابعة لمحافظة اليزابيتبول كانت مسكونة بالارمن والتتار. الأرمن كانوا يعيشون في الجبال أما التتار والذي كان عددهم اكبر يعيشون في السهول والهضاب الغنية. كان الأرمن يعملون كمزارعين أو في البساتين والكروم أما التتار يعملون بتربية المواشي والأحصنة. التتار أغنياء ولكنهم كسالى. أما الأرمن فهم نشيطون وعاملون جيدون. (لا يوجد أي ذكر لأذربيجان أو آذري).

وهكذا نرى بأنه أكان في الموسوعات المذكورة أو كتابات الكتاب والرحالة والمؤرخون لا نجد فيها عن فترات القرنين 19 و20 أي ذكر ولو بشكل من الاشكال عن كلمات اذري، أذربيجاني، أذربيجان.

عام 1913 في مقال الماركسية وقضايا الأمم لجوزيف جوغاشفيلي ستالين ذكر التتار القوقازيين 11 مرة ولم يكتب في أي مكان كلمة أذربيجاني. وبعد ثورة اكتوبر وبتاريخ 20 ت2 1917 وفي ندائه للمسلمين في الشرق لم يذكر فلاديمير لينين الأذربيجانيين، بل كتب عن الاتراك والتتار. في نفس الوقت وفي الصحافة الامريكية كانوا يسمون المسلمين بالتارتار. وفي مقالة لنيويورك تايمز بعنوان (أرمن باكو يتم إفناؤهم) يذكر كلمة هارار. وكذلك كان قائد الحرس الابيض الجيورجي (المنشفيك) اندون دينيكين يسمي أذربيجان الموساواتي بالدولة المصطنعة.

عام 1926 جرى أول تعداد سكاني في الاتحاد السوفياتي. ففي قسم الشعوب لا يوجد أي ذكر للأذربيجانيين بالرغم من وجود أسماء شعوب اقليات صغيرة جداً مثل الياقوتيين والموردوفيين والبوريات والفانياخ والبيرماك ولا وجود أي أثر للأذربيجانيين. في الجدول نرى أيضاً اسم الشعب التركي والذي تحول في المستقبل في احصائية أخرى الى أذربيجاني.

وفي احصائية رسمية صدرت في تبليسي عام 1929 بعنوان القوقاز بالارقام نرى أيضاً غياب اسم الشعب الأذربيجاني. في 21 ك2 1936 وباستقباله لوفد أذربيجان السوفياتية كان رئيس الوزراء السوفياتي فياتشيسلاف مولوتوف يذكر بأن الشعوب الذين يسكنون في أذربيجان هم روس وأرمن وأتراك. فرئيس الوزراء في ذلك الوقت لم يكن يعرف كلمة آذري.

اسم أذربيجان ظهر فقط في الاحصائيات السكانية عام 1939 وما بعدها. وقد ساعد تفكك الاتحاد الاشتراكي لجمهوريات القوقاز (التي كانت تتألف من أرمينيا وجيورجيا وأذربيجان) عام 1937 بظهور اسم أذربيجان الى العلن. وهنا نراها أصبحت جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفياتي والذي بعكس البلدين الآخرين أرمينيا وجورجيا لم يكن لها تاريخ. وهنا يجب أن نسرع لاختراع واختلاق تاريخ وثقافة وحضارة و… خاص بأذربيجان.

من هو أول مشاهير الأذربيجانيين:

الطرف الأذربيجاني يعاتب الطرف الأرمني بأنه يحور أصول مشاهير أجانب على أنهم من أصل أرمني. يجب ان نعترف بأنه وبصورة عامة يوجد هذا البحث لدى جميع الشعوب. والأرمن يبحثون عن هذا خارج أرمينيا. ولكن هل هو بدون اساس. فخلال قرون مضت كانت هناك هجرات كثيرة من أرمينيا باتجاهات الكرة الأرضية الاربعة. وهؤلاء ببقائهم في المهجر وعلى مر السنين اختلطوا مع شعوب تلك البلدان وذابوا في مجتمعاتها أكان ذلك في بولونيا أو سنغافورة أو هنغاريا أو الولايات المتحدةالامريكية وغيرها. في السابق كان الاختصاصيون يطالبون بأبحاث دقيقة جداً من اجل معرفة أصل ذلك الشخص. ولكن حالياً فقد اصبح ذلك سهلاً جداً بسبب فحوص الـ DNAمما يعطي نتائج حقيقية للبحث الذي يقولون به. وآخر مثال مدوي على ذلك بخصوص الاميرة البريطانية ديانا وابنها ولي العهد وليم بأن إحدى جدات الاميرة كانت أرمنية الاصل. وبعد الآن سيرى العالم وكل الشعوب أمثلة مدوية خاصة عندما تتطور فحوص الـ DNA.

التحقيق الدقيق والأمثلة الكثيرة تبرهن بأن تحوير الأصول المتأصلة أكثر لدى الأذربيجانيين والسبب معروف بصورة جلية. فهم عدا عن مدحهم لأنفسهم بما ليس لهم يحاولون بواسطة التحوير تحقيق جزء من سياسة ايجاد تاريخ لهم خلال آلاف السنين الماضية. وكما راينا الأمثلة كثيرة التي قدمناها سابقاً إن كان ما احتوته الموسوعات أو كتبه المؤرخون وغيرهم فإنه حتى في الأزمنة الحديثة لم يكن هناك شعب باسم أذربيجاني وبالنتيجة فإن محاولات اكتشاف أذربيجاني في الأزمنة التي يرغبون بها ستكون منافية للحقيقة.

لنأخذ مثالاً واحداً عما يقدم كمشاهير أذربيجانيين، وهو الشاعر الإيراني نظامي.

من ناحية الشاعر نظامي كيانجيفي (1141-1209)، اذا كان الاثبات الوحيد بأنه أذربيجاني هو أنه عاش في كانجا (كانتساك الأرمنية) فهذا يحير حتى الشخص الذي لا علم له عن حياة نظامي. إذاً وبنفس الأسلوب والفهم يجب عليهم اعتبار المؤرخ الأرمني كيراكوس الذي عاش في كانجا في نفس الفترة الزمنية (1203-1271) بأنه أذربيجاني بالرغم من أنه أرخ كتاب “تاريخ الأرمن”.

بطبيعة الحال الشاعر نظامي لم يكن أذربيجانياً، وهذا لم يمنع سفير أذربيجان في الولايات المتحدة الأمريكية أيلين سليمانوف الإعلان أثناء محاضرة له في واشنطن في كانون الثاني 2013 بأنه حتى الآن لم يستطع العلماء أن يوضحوا إن كان الشاعر الأذربيجاني نظامي تأثر من شكسبير أم أن شكسبير قد تأثر من نظامي. وهذا ما يدعو الى السخرية والضحك ملء الشدقين لأنه كما هو معلوم شكسبير عاش بعد نظامي بأربعة قرون وبذلك نرى أن نظامي وبأي حال من الأحوال لم يكن على اطلاع بكتابات شكسبير وبالعكس أيضاً فإن شكسبير لم يكن على اطلاع باللغات الشرقية لكي يقرأ ويتأثر بها لأن إنتاج نظامي لك يكن مترجماً للغة الإنكليزية ولم يكن هناك برنامج Google لتتم الترجمة الفورية لأشعاره.

وكذلك قبل 120 عاماً من هذه المحاضرة أصدر الباحث الهنغاري اليهودي الأصل ويلهلم باكر (1850-1913) بحثاً عن نظامي. ففي عام 1870 حصل باكر على الدكتوراه من جامعة لايبزيغ بموضوع نظامي. ترجم هذا البحث الى اللغة الإنكليزية عام 1873. يعتبر باكر الشاعر نظامي بأنه إيراني ووالدته كانت كردية وأن الشاعر أهداها بعض الأسطر، وترجمتها:

أمي كردية، أصولها من الأمراء

توفيت، مثلما مات كثيرون

أمام عيني ابنها ذهبت

لمن أحكي ألمي الذي ذهب.

هذا ما كتب نظامي بنفسه، وحتى هذا لم يمنع ازيربروت من متابعة ادعاءاته بأن نظامي أذربيجاني. وقد أصدر باكر كتاباً جديداً عام 1876 بعنوان “شعر فارسي من أجل القارئ الإنكليزي” وفيه أيضاً ذكر بأن نظامي شاعر إيراني.

جرى امتلاك نظامي من قبل الأذربيجانيين في نهايات 1930 بتوصية من جوزيف ستالين الذي عين الحقوقي بيرتلس وصياً على تنفيذ هذه الغاية، بالرغم من أنه قبل مدة طويلة وبالتحديد أيام القيصرية كان بيرتلس قد نشر بعض الأعمال التي تؤكد فيها بأن نظامي إيراني.

للتذكير فقط بأن الموسوعة الإسلامية أيضاً تعتبر نظامي إيرانياً، وكذلك نقرأ في الموسوعة البريطانية بأن الإيراني نظامي وحسب إحدى الدلائل لم يولد في كنجا، بل في بلاد فارس في مدينة قم التي تقع في الجنوب الغربي من طهران بـ125 كم ومن ثم انتقل الى كنجا.

وكان مسقط رأسه وعلى الأقل منزل والده يقع في مرتفعات قم ولكنه عاش القسم الأكبر من حياته في كنجا، ولهذا استهر باسم نظامي كنجا. ومن المثير أيضاً بأن كنجا (كانتساك) حسب الموسوعة تقع في منطقة آران وليس في أذربيجان.

ونذكر أيضاً بعض الأسماء بدون تفسيرات اختصاراً:

مسلم ماكوماييف، موسيقي تتري من الشيشيان، وازكي اصلانوف، قائد كتيبة مدفعية طاليشي.

أما قمة هذه الادعاءات الهزلية الداعية للسخرية والضحك هو تحوير أصل المغني الأرمني ساياط نوفا، واسمه الحقيقي هاوتيون ساياطيان من قبل الصحفي الأذربيجاني ألتشين علي بايلي، ولكنه لم يوضح عن كيفية وجود قبر وضريح ساياط نوفا في باحة كنيسة القديس كيفورك الأرمنية في عاصمة جيورجيا تبليسي!.

بعد كل هذا وعندما لم نجد أي أذربيجاني شهير نستطيع القول بأن أول أذربيجاني يمكن أن يتعرف عليه العالم وبصورة شرطية هو حيدر علييف.

وبغض النظر عن هذه الألاعيب والحركات البهلوانية فإنه لا يوجد أي رجل أذربيجاني شهير (ولو سيء السمعة) قبل تاريخ حياة حيدر علييف.

الخلاصة:

لنعود الى عنوان المقال، ما هو عمر الشعب الأذربيجاني؟، فبحسب التعداد السكاني السوفياتي فهو 75 عام، أما تقارير المخابرات تقول 74 عام.

ومن الطبيعي بأنه لايمكن أن يخلق شعب بواسطة تعداد سكاني واحد. إلا أنه من الممكن اعتبار المراسلات بين ستالين وبيريا (رئيس جهاز المخابرات السوفياتي بين 1939-1940)، وبصورة خفية هي شهادة ميلاد الشعب الأذربيجاني.

فمن المعروف أن ستالين أصر على إهداء منطقتي أرتساخ وناخجيفان الى أذربيجان بالرغم من معارضة مجلس السوفيات الأعلى، كما أصبح الشاعر نظامي أذربيجانياً بقرار منه.

في الأعوام 1937-1938 قامت المخابرات السوفياتية باعتقال وإعدام ونفي أعداد كبيرة من مشاهير وكتاب شعوب الطاليش والليزكي والعودي. فأغلقت مدارسها وصحافتها وحولت مئات الآلاف منهم الى أذربيجانيين. فمنذ انحلال اتحاد جمهوريات القوقاز وبقبول الدستور الستاليني في نفس العام بدأت تظهر تشكيل الهوية المصطنعة المنفوخة للآذربيجانيين. وأخيراً ومن تشكيل ضمن مجموعة المخابرات هذه بدأ حيدر علييف يخطو خطواته الأولى بشكل متسارع. وكان زاردوشت علي زادة يعتبر علييف بأنه آخر ممثل لوريثي السياسة الستالينية. إذاً لما لن نسجل هذه المدة الزمنية بأنها تاريخ ولادة الأذربيجانيين.

لقد لقب ستالين أثناء حكمه الديكتاتوري بأبو الشعوب. وفي أيامنا الحالية وعلى الأقل هناك شعب واحد فقط يمكن أن يعترف ويقبل بذلك وهو الشعب الأذربيجاني.

في عام 1764 قام الباحث الألماني كارستن نيبور بنقل ماهو مسجل باللغة المسمارية على حفريات جبل بيهيتسون في إيران وجلبها الى ألمانيا، وبعد فك شيفرتها وفي المقطع 26 منه قرأوا: لقد أرسلت خادمي الأرمني تاتارسي الى أرمينيا. وهذا ماهو مسجل قبل 2500 عام من أيامنا الحالية وهي إحدى أقدم الثبوتيات المعروفة والمسجلة من الأرمن.

إذاً لا وجود للأذربيجانيين في منطقة القوقاز إلا قبل 75 عاماً فقط. فكيف يسمحون لأنفسهم المطالبة بمنطقة أرتساخ على أنها لهم منذ آلاف السنين، بل عليهم إعادة منطقة ناخجيفان الى الأرمن، أصحابها الأصليين.

بعد كل هذا الطرح بعض الأسئلة:

-بهذا البيان بضاعة من تأخذون وتعطونها لمن؟

-تبين الحقائق التاريخية بأن الأذربيجانيين خلقوا بواسطة ستالين قبل 75 عاماً، إذاً فمنطقة أرتساخ لم تكن لهم طوال التاريخ.

-هل تعلمون بأن الأذربيجانيين وبعد بدء حكمهم على أرتساخ وناخجيفان قاموا بتخريب كل المعالم الأرمنية التاريخية الموجودة في هاتين المنطقتين بالرغم من اعتراض اليونسكو والمؤسسات العلمية والثقافية في جميع أنحاء العالم. وأخص بالذكر تخريب عشرات الآلاف من الصلبان الحجرية المسماة خاتشكار. فمن عادات الأرمن أن يضعوه على واجهات البيوت والكنائس وحتى على الأضرحة. للعلم بالرغم من كون عددهم عشرات الآلاف فإنه لا يوجد خاتشكار يشبه الآخر.

-هل تعلمون بأن التنقيبات الأثرية قد كشفت عن مدينة ديكراناكيرد في أرتساخ؟ هذه المدينة أسسها الامبراطور الأرمني ديكران الثاني الذي حكم منطقة الشرق الأوسط من بينها سورية ولبنان وشمال فلسطين قبل الميلاد بـ70 عاماً؟.

-ألا تعلمون بأن أجداد الأذربيجانيين هم التتار والمغول الذين أتوا الى الشرق الأوسط من أواسط آسيا بعد عام 1071 ومن بعدهم أتى الأتراك الذين احتلوا البلاد التي لا يزالون يستعمرونها حتى الآن (تركيا الحالية)؟ وأنتم لا تتفوهون بالحقيقة.

-ألم تقرأوا عن المجازر التي قام بها الأذربيجانيون بحق الأرمن في باكو وسومغاييت؟

-ألم تروا في الخرائط العربية القديمة اسم أرمينيا وموقعها، ولم يذكر في هذه الخرائط اسم أذربيجان؟ وهذه من أقدم الثبوتيات على حقيقة كلامنا هذا.

-ألم تبحثوا وتتعمقوا بالخريطة التي رسمت بناء على طلب عصبة الأمم وبإشراف الرئيس الأمريكي ويلسون إبان الحرب العالمية الأولى. إذ قام الخبراء والباحثون بزيارات للمنطقة وبناء على المعلومات المستقاة رسموا الخريطة الحقيقية حيث نرى فيها وبكل وضوح أن مساحة أرتساخ وأرمينيا الحالية وناخجيفان والقسم الشرقي من تركيا الحالية هي الدولة التي اسمها أرمينيا بمساحة 300 ألف كم مربع ولها ميناء على البحر الأوسد. وكما قلنا فإن تركيا احتلت منطقتي كارس وأرداهان منها.

-وأخيراً لن أتكلم عن المجازر التي قام بها الأتراك بحق الشعب الأرمني وذهب ضحيتها مليون ونصف المليون أرمني وحوالي 500 ألف سرياني بالإضافة الى مئات الآلاف من البوندوس واليونان.

أسئلة كثيرة يمكن أن تسألها، ولكن نكتفي بهذا القدر الآن.

كان يمكن وضع عنوان آخر لهذا المقال، وهو حقائق تاريخية ثابتة ومفيدة لمن يهمه الأمر.

أحد قراء موقع “أزتاك العربي للشؤون الأرمنية”

معرض “ولادة أمة من جديد”تنظمه “Noah’s Arch غاليري”…

$
0
0

ولادة أمة من جديد” في “مركز بيروت للمعارض” حيث الارتفاع بالتراجيديا الأرمنية إلى المستوى الفني اللائق

قال الحكماء ان “البلد الذي ليس لديه ذاكرة معرض للموت من الصقيع”. في “مركز بيروت للمعارض”، البيال، “ولادة أمة من جديد”، هو عنوان المعرض الذي يستمر إلى آخر أيار، وتقيمه الاجيال الارمنية التي لم تنس ذاكرتها، إيماناً منها بأن الحق سيعود الى الضحايا وذريتهم الموزعة في اقطار المعمورة. فهؤلاء يقيمون في الذاكرة الجماعية؛ تشهد لذلك المعلومات والوثائق والمدوّنات والشهادات المكتوبة والحية. مئة لوحة وعشرون منحوتة لفنانين أرمن من الكبار والشباب يروون بالرسم والنحت ما عاشوه أو سمعوه من أهلهم وقرأوه في التاريخ والشهادات والوثائق عن المجازر.

ندخل الى المركز بعد أن نمر أمام مجسم – مركب يحمل توقيع الفنان اللبناني شربل عون الذي شيّد بالخشب المحروق خيمة سطّر تحتها طريقاً تعيد الى الاذهان الجلجلة التي عاشها الارمن قبل أن يصلوا الى شط الامان. في مكان آخر ينبعث صوت يروي ذكريات لم يقض عليها الزمن. نشعر بأن هذا الصوت يأتي من وراء العصب الحياتي لا يتوقف عن تمتمة كلمات لا تزال حيّة منذ المجزرة وقد تستمر مدة أطول من عمر الارض، ترندح أو تندب أو تنادي أطفالاً لم يكبروا ولن يروا النور ولو افتراضيا.

بالفن تستمر الشهادة للحقيقة، التي لم تستطع أن تمحوها يد الاستبداد العثماني التي لم تتحمل وجود شعوب وإتنيات من غير التي تقدم الولاء المطلق للحكم المتسلط في تلك الحقبة من التاريخ. في “مركز بيروت للمعارض” يؤكد الفنانون الأرمن انهم يعرفون تاريخهم، ويعيدون إحياءه في نتاجهم الفني والادبي والتاريخي. انهم ابناء القضية الذين يواصلون سرد ما عاناه الاباء. انهم جيل الايمان الذي يرفض النسيان.

نعرف الكثيرين من هؤلاء الفنانين: بول غيراغوسيان، غوفدير، زافين شارت، انيتا توتيكيان، ارازاد، رافي يداليان، اسادور بزدكيان (الموهوب جدا والبعيد عن لبنان)، طوروسيان، وطبعا هرير وملائكته المكللة رؤوسها بالشعر البراق. كثر من النحاتين والرسامين والمطرزين والعمال اليدويين جيء بأعمالهم من الخارج، وهم من الكبار في بلدانهم، ولا ننسى الاجيال التي رافقت تطورات الاساليب الفنية في العواصم صاحبة الابتكارات والابداعات والشهرة العالمية.
وكان النحات البارع زافين سجل في النصب المرفوع على تلة متنية قرب بكفيا تحية للمجموعة الهائلة من الشهداء الذين سقطوا بسبب ايمانهم بهويتهم وتراثهم وحضورهم في الارض. لا نستطيع تسمية جميع المشاركين في هذه التظاهرة الضخمة التي تقدم باقة كبيرة من الاعمال لها حضورها الابداعي. نذكر نوريكيان، جانسيم، اغوبيان، شارت، غوف، وغيرهم ممن كانوا ينبتون خلال السنوات ونحن نرافقهم نشجعهم او ننصحهم.
يحتضن المعرض جميع من ذكرناهم وغيرهم كثر جاؤوا من انحاء المعمورة ليشهدوا لإيمانهم بالماضي وليمجدوا الذكريات الاليمة وليؤكدوا انهم يحملون، على مر الزمن، الارث التراجيدي الذي صبغ الحلم الارمني منذ مئة سنة بسواد القدر وجعله ضحية بريئة تدفع ثمن التسلط والاستهتار بالحياة وبالشعوب التي شاءت ان تبقى مسمرة في تراب ارضها لانها تفضل الاستشهاد على الهجرة وادارة الظهر لارض الاجداد. فنانون مميزون ومؤمنون بالقضية يساهمون في رفع الحدث التراجيدي الى مستوى العطاء المطلق، لإبقائه متوهجا ولو مؤلماً، من أجل أن يكون مثلاً تتعلم منه الشعوب التي تواجه المصير نفسه، بأن عليها الاستشهاد من اجل المحافظة على الهوية والارض والتاريخ مهما كانت التضحيات كبيرة ومكلفة.
زيارة المعرض ضرورية ومفيدة، من حيث قيمته الفنية الخلاّقة، ومن أجل الحرية والحقيقة.

لور غريب

النهار

طاولة مستديرة في مركز عصام فارس عن مآسي 1915: الإعتراف أساس للمصالحة

$
0
0

ذكرت “النشرة” أن الطاولة المستديرة التي نظمها مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية تحت عنوان “مآسي 1915: كي لا تتكرر”، خَلُصت إلى تأكيد أهمية الإعتراف بالمجازر التي حصلت آنذاك في أراضي السلطنة العثمانية وذلك انسجاماً مع القيم الإنسانية، وضرورة إنهاء هذه الصفحة المؤلمة من التاريخ. وكان لافتة إشارة النائب آغوب بقرادونيان إلى أن الجمهورية التركية الحالية ليست مسؤولة عن المجازر التي حصلت، لكن انطلاقاً من أنَّ الحكم استمرارية فهي مطالبة اليوم بالإعتراف بالمجازر والإعتذار والتعويض بأشكاله كافة.

وشدَّد المتحدثون في الطاولة التي جمعتْ سياسيين ومؤرخين وأكاديميين وإعلاميين، على أنَّ جوهر الأزمات قديماً وحديثاً يبقى في الفكرِ الأحادي سواء كان قومياً أم دينياً أم عرقياً، وعلى أنَّ الحل يكمن في بناء المجتمعات والدول على قاعدة التعددية المجتمعية والإعتراف بها والإلتزام بالمواطنة والدستور من أجل مشاركة جميع المكونات سواء كانت أقليات أم أكثريات. ولفتوا إلى الأهمية الكبيرة في لبنان لبناء ذاكرة جماعية مشتركة بين جميع المواطنين وإزالة العنصر الطائفي منها، خاصةً وأن الشهداء الذين سقطوا في تلك الفترة في لبنان هم مسلمون ومسيحيون كما أنَّ كل المناطق اللبنانية بما فيها تلك التي كانت خارج المتصرفية في الحرب العالمية الأولى، عانت من المجاعة والحصار البري والبحري الذي فرض آنذاك من قبل السلطنة العثمانية والقوى الغربية على السواء.

وشدَّد المتحدثون على أهمية الإعتراف بالمجازر التي ارتُكبت ضد الأرمن وغيرهم في مطلع القرن العشرين، ولفت بعضهم إلى أهمية التمييز بين “الإبادة” وبين الأعمال الحربية، على اعتبار أنَّ المجازر التي حصلت تمثل “إبادة” و”جريمة ضد الإنسانية” بحسب المعايير الدولية، كما شدد على ذلك كل من النائب آغوب بقرادونيان، والكاتب في جريدة “السفير” الأستاذ نصري الصايغ الذي رأى أنَّ ما يمنع الإعتراف بتلك المجازر هو ازدواجية المعايير الدولية القائمة على أساسٍ سياسي وليس أخلاقياً إنسانياً، وذلك لأن هناك قوى دولية عظمى لا تريد الإعتراف بإبادات نفذتها أو بماضيها الإستعماري.

وقدَّم بعض المشاركين مقاربة تاريخية لوضع أزمة السلطنة العثمانية مع الأرمن، ولفتوا إلى أنَّ السلطنة في عهد السلطان عبد الحميد في القرن التاسع عشر اعتبرت المكوّن الأرمني خطراً قومياً بعد استقلال البلقان عنها بدعمٍ روسي وأوروبي، كما قال المؤرخ الدكتور عبد الرؤوف سنو الذي شدَّد في المقابل على أهمية عدم تبرير ما قامت به السلطنة معتبراً أنه يحق للأرمن الإستقلال كما يحق للعرب الذين جاهروا بهذه الرغبة آنذاك، إذ لا يحقق للمؤرخ التخلي عن إنسانيته بغض النظر عن موقف الإعلام التركي.

في إطار فعاليات الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية، حفل توقيع كتاب “أرمن الأحياء”لهادي مراد

$
0
0

برعاية نائب رئيس المجلس النيابي إيلي فرزلي وحضوره، وبتنظيم من دار “فاهي سيتيان” للهاماسكائين، جرى في قاعة “لوس توتونجيان” للهاماسكائين حفل توقيع كتاب وCD “أرمن الأحياء” للشاعر اللبناني هادي مراد.

قدمت الحفل نورهان مرسل، وبعد النشيدين اللبناني والأرمني والوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الابادة الأرمنية تحدث عدد من الشخصيات عن الكتاب والشاعر.

حيث أشار الشاعر حبيب يونس أن الشاعر هادي مراد وضع كل مآسي الأرمن في هذا الكتاب، وهو إذ يشارك كل آلام الناجين.

ثم تحدث النائب السابق حسن يعقوب ونائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي اللذان هنأا الشاعر على كتابه المميز، خاصة وأنه الكتاب السادس من بين مؤلفاته. كما أعربا عن إعحابهما بإرادة الشعب الأرمني في النضال والكفاح، من أجل متابعة القضية الأرمنية المقدسة.

كما شكر هادي مراد في كلمته مدير دار النشر “فاهي سيتي” للهاماسكائين هاكوب هافاتيان، وألقى بعضاً من أشعاره. وفي النهاية هنأ مدير دار النشر الشاعر على مبادرته الاستثنائية والمميزة وشكر كل من ساهم في إنجاح الكتاب.

الامين العام للاتحاد المسيحي الديموقراطي اللبناني: “عصر الإبادات.. لو دينت ربما تجنبنا غيرها”

$
0
0

أصدر الامين العام للاتحاد المسيحي الديموقراطي اللبناني الدكتور جوزيف كريكر بياناً في صحيفة النهار حول قضية إدانة الإبادة الأرمنية وغيرها من الابادات، أكد فيها أنه “لا ولن ننسى ان لبنان الذي اصبح اليوم موطنا للتعصب والحقد، سيبقى دائما وابدا، معقلا للتميز الثقافي والعيش معا.نحن في لبنان، ابناء واحفاد كبار مفكري هذا العالم، القديم منه والحديث، منذ اقلعت من هذه الشطآن، لآلاف خلت من العصور، مراكب من خشب الارز تنقل الابجدية والحرف الى الاقطار والبلدان، حتى عالم جبران خليل جبران، أمين الريحاني، ميخائيل نعيمة، عالم ميشال شيحا، شارل مالك، بيتر مدور، ميخائيل دبغي، عالم أمين معلوف، عالم وديع الصافي، صباح وفيروز.

وطن أبصر فيه النور كبار صنعوا تاريخ الانسانية، وطن غني بالرجال، رجال الفكر والعلم والادب والشعر والصحافة، في الوطن والمهجر. هل من الجائز ان يطرح هذا الارث الفريد في مزاد علني لاهل السياسة والتسييس؟”.

وأوضح أن لبنان كان دوما ارضاً مضيافة للشعوب المضطهدة، ولضحايا حروب الابادة البربرية: أرمن، فلسطينيين، آشوريين، عراقيين وسواهم كثر، وسط عاصفة لولبية لعنف قاتل يلف العالم، كيانات واقاليم وبلدان، ويخترق وطننا وارضنا، بهبات حروب وحشية تتقاطع معها احيانا فترات من الهدوء والترقب ما قد يكون اقسى واكثر ايلاما.

مشيراً الى أنه اليوم تنتصب ذكرى ابادة منسية، موضع تجاهل وتعتيم: فمنذ عام 1915 حتى 1918 حلت بالبلاد مجاعة كبرى ضربت بخاصة اهل جبل لبنان بغالبية مسيحية، كانت حصيلتها بين 150 و200 الف قتيل. فاجعة كبرى ناتجة من حصار بحري لقوات الحلفاء وبخاصة البريطانيين، وحصار بري فرضه التركي جمال باشا، اضافة الى جشع اكثر، ممن لا وازع من ضمير لديهم. واخيرا جاءت هجمات الجراد التي قضت على كل الغلال. قدر رهيب جعل الانسان والجراد يتواطآن في جرم الابادة، هذا الحصار العثماني المحكم، حال دون ادخال المواد الغذائية متسببا بموت بطيء لمئات من سكان جبل لبنان، فضلا عن انه قوض ركائز كل مؤسسات الادارة المحلية، وجوع الناس مدة ثلاث سنوات متتالية، ما ادى الى وفاة ثلث عدد سكان الجبل، ميتة صامتة دونما حاجة الى مدفع او بندقية. واخذ ثلث آخر من السكان طريق الهجرة، بقي الثلث الثالث الصامد يقاوم هجمات الجوع حتى تاريخ رفع الحصار؛ ونحن اليوم ابناء واحفاد هذا الثلث الاخير.

إبادة حصلت بصمت، دون اية مطالبة بالاقرار بها والتعويض عنها، وكانت الاجساد الهزيلة اصبحت هياكل عظمية، متداعية، تمضي بثبات وهدوء تحت انظار الاهل العاجزين عن تحريك الضمائر والقلوب.

واليوم فإن مسيحيي الشرق، في سوريا، العراق، ليبيا، الحبشة وسواها، مهددون بابادة لم تفصح عن هويتها بعد. ولكنها تتبع اسلوبا مختلفا للقتل: رميا بالرصاص، قطع الرأس او الغرق في قلب المتوسط بطريقها الى بلاد اكثر امانا.

وقال: “عام 1915، كان الاتراك يقطعون رؤوس الارمن الاتراك، ويقتلون الايتام من الارمن في دير عينطورة، حيث قتل الف طفل ارمني على يد رجال جمال باشا السفاح. وقد احيينا بالامس، بتأثر عميق وأسى كبير، ذكرى هؤلاء الاطفال ضحية العسكرتاريا العثمانية المتوحشة، في دير عينطورة حيث تحدث في حفل ذكرى هذا العمل البربري الأب سمعان جميل والنائب نعمة الله أبي نصر والنائب هاكوب بقرادونيان، وذلك في مدرسة القديس يوسف في عينطورة. كان الأرمن ضحية ابادة مثبتة تاريخياً ادت الى قتل وحشي لمليون ونصف المليون من الإرمن. إبادة لا تزال موضوع نكران المرجعيات التركية وبعض اصحاب النيات السيئة، ابادة جنونية دفعت ملايين الأرمن الى الهجرة ومئات النساء والاطفال الى الخضوع والاستعباد. بالامس، سمعنا صوت قداسة البابا، قويا صاعدا يدين هذه الجريمة ضد الانسانية، ولكن على من تقرأ مزاميرك با داود؟ وتبقى الجريمة بلا عقاب.

صار من الاولويات الملحة ان تعترف الدول بالاخطاء المرتكبة، ان تضيء على الماضي وتساعد على عدم تكرار مثل هذه الفظاعات.ولو دانت المرجعيات الدولية، هذه الابادة في حينه لكان بالامكان تجنب حصول محرقة اليهود.إن لا اخلاقية السلطة التركية تنكر حقيقة حصول الابادة الارمنية. واليوم من يتكلم على مجزرة “الغجر” على يد النازيين وعن المجازر التي حصلت بالفلسطينيين ووابل القنابل والمدافع التي نزلت عليهم، فطردتهم من ارضهم ودفعتهم الى الهجرة.
من ابادة الى ابادة لم يعرف الناس: رجالا، نساء، واطفالا على اي نبي يصلون، فهل الله ارمني؟ يهودي؟ مسلم؟ مسيحي؟ غجري؟ لا اعلم! الناس يتناتشونه، يقابلهم صمت جبان ولامبالاة، جمود مخيف ونكران يثير الاشمئزاز أكثر مما تثيره كل الاصوليات، واتساءل ما قيمة تخصيص جمعية الأمم المتحدة يوما للتأمل والذكرى لابادات القرن العشرين؟ فهل يتسنى للضمير العالمي ان يتحرك قليلا للحد من حصول ابادات مقبلة في القرن الحادي والعشرين التي قد تكون اكثر امعانا بالقتل والافناء؟”.

أكد لـ«البناء» و«توب نيوز» أنّ إبادة الشعب الأرمني كان هدفها تتريك المنطقة العربية لخلق دولة طورانية

$
0
0

بقرادونيان: القناع التركي سقط رغم مسرحيات أردوغان الذي حوّل تركيا إلى منصّة للإرهاب في المنطقة

حاورته: روزانا رمّال

أكد الأمين العام لحزب الطاشناق النائب أغوب بقرادونيان أننا «استطعنا إثبات ما نقوله منذ 100 عام بأنّ تركيا لم تتغير»، مشيراً إلى “أنّ القناع التركي سقط رغم مسرحيات الرئيس رجب طيب أرودغان الذي حاول من خلالها الإثبات للعرب أنه مع قضية فلسطين”.

وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، لفت بقرادونيان إلى “أنّ التاريخ يعيد نفسه، لأنّ تركيا تحولت إلى منصّة متقدمة للتكفير والإرهاب اللذين نشهدهما في سورية والمنطقة”.

وأوضح أنّ «إبادة الشعب الأرمني لم تحصل لأسباب دينية بل لتطبيق مشروع سياسي تركي طوراني كبير لتتريك كلّ المنطقة العربية لخلق دولة طورانية من شعوب جذورها طورانية تركية».

وطالب بقرادونيان تركيا بالاعتراف بأنّ «الدولة العثمانية ارتكبت هذه الجريمة الإنسانية والاعتذار ودفع التعويضات»، وقال: “لو تمّ الاعتراف بالابادة التركية للأرمن في ذلك الحين لما حصل العديد من الجرائم في المنطقة والعالم”.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ «نتيجة النضال المستمر من كلّ التنظيمات الأرمنية والدولة الأرمينية والأوضاع في الشرق الأوسط والخطر الإرهابي في المنطقة وتقاطع المصالح وموقف الفاتيكان والاتحاد الاوروبي، عوامل أدت إلى هذا الاعتراف العالمي بالقضية الأرمنية».

وأشار إلى «أنّ العلاقات الأرمنية الإيرانية علاقة صداقة كشعب أرمني وكدولة أرمينية، وتعود إلى العام 2000»، جازماً بأنّ “الموضوع الأرمني هو خارج البحث في أي نوع من العلاقات بين تركيا وإيران”.

ولاحظ بقرادونيان «حرف الأنظار عن الإرهاب الصهيوني»، محذراً من «أننا نذهب اليوم باتجاه انقسام وتشرذم الشعوب ووضع يريح إسرائيل لقرن من الزمن».

وأوضح أنّ «تركيا تقف على أرجلها لوجود توازن في المنطقة وإذا انهار ستفقد دورها».

وفي الشأن الداخلي، استبعد انتخاب رئيس للجمهورية الآن معتبراً «أنّ الرئاسة في الثلاجة إلى أن تحصل تسويات إقليمية أو نضوج لبناني بقبول التمثيل السياسي الصحيح».

وفي ما يلي نصّ المقابلة كاملاً:

-كيف تصفون الدور التركي اليوم؟ هل يشعركم أنكم كنتم على حقّ وجاء الزمن ليثبت ذلك أم أنّ ما يجري فقط هو ضمن لعبة سياسية دولية إقليمية؟

استطعنا إثبات ما نقوله منذ 100عام. اليوم توجد قناعة بأنّ تركيا لم تتغير. ليس لدينا عداء للشعب التركي الذي كان ضحية الأنظمة العثمانية التركية كما الشعب العربي منذ السلطان عبد الحميد إلى جمعية «الاتحاد والترقي» إلى مصطفى كمال أتاتورك وصولاً إلى أوزال وأردوغان. شعورنا اليوم هو الندم كيف ظلّ شركاؤنا في العالم العربي ولبنان عقوداً لا يعرفون ماذا نقول. ففي أول لقاء بيني وبين الرئيس السوري بشار الأسد في العام 2008 كانت حينها العلاقات السورية ـ التركية في أوجها، كانت الحدود مفتوحة وخصوصاً أمام التبادل الاقتصادي. سألت الرئيس الأسد عن الوضع، قال لي: «العلاقة بين سورية وتركيا تاريخية وصداقة شعوب». قلت بصراحة: «آسف يا سيادة الرئيس، آمل بعد 3 سنوات أن لا يسقط القناع التركي، لا أقول ذلك لأنني أرمني بل لأنني لبناني وعروبي والقضايا العروبية قضايانا، لكنّ الفرق بيننا وبين غيرنا أنّ لدينا تجربة مع تركيا».

وفي الواقع سقط القناع رغم كلّ مسرحيات أردوغان التي حاول من خلالها الإثبات للعرب أنه مع قضية فلسطين ومع المقاومين في غزة وأرسل الباخرة الشهيرة «مرمرة» وطلب اعتذاراً من الكيان «الإسرائيلي» بعد التعرض لها، لكن لم نسمع أي بند من البنود العسكرية بين «إسرائيل» وتركيا قد تغير، ولم نسمع استنكاراً من أردوغان وشركائه في الحكم، رغم كلّ الاضطهاد «الإسرائيلي» والاحتلال والمجازر، إلى أن بدأت الأزمة السورية وبدأ الأخير بإعطاء الدروس لكلّ العرب من مصر إلى تونس إلى ليبيا ولبنان، وأصبح في فترة معنية قائداً قومياً عربياً بسبب تخاذل بعض العرب. والآن التاريخ يعيد نفسه، كلّ المنظمات الإرهابية تنطلق من تركيا وليس من مطار دمشق. فكيف دخل تنظيما «داعش» و«النصرة» من الحدود التركية ـ السورية إلى كسب العام الماضي وهناك جيش ونظام تركي من المفترض أنه يحافظ على سيادة الحدود؟ تركيا منصّة متقدمة للتكفير والإرهاب اللذين نشهدهما ليس فقط في سورية بل في كلّ الدول العربية.

هناك خلاف عميق بين الثقافة التركية والعربية، وهناك تباين بين الدول العربية في التعامل مع تركيا لأسباب تكتيكية، اليوم الصور تتكرّر، المشانق والمذابح وحفر القبور والخطف وقطع الرؤوس الذي حصل من مئة عام مع السريان والأرمن والكلدان والآشوريين واللبنانيين ومع المسيحين والمسلمين في مشانق 6 أيار في ساحة البرج والمرج في دمشق. إبادة الشعب الأرمني لم تحصل لأسباب دينية بل لأنه كان هناك مشروع سياسي تركي طوراني كبير لتتريك كلّ المنطقة العربية لخلق دولة طورانية من شعوب جذورهم طورانية تركية يتكلمون اللغة التركية واليوم المقاربة نفسها تتكرّر».

-ثمة من يقول أنكم تظلمون النظام التركي، لأنّ السلطنة العثمانية ولت وهذه المجازر كانت من الماضي والآن تغيرت الحكومات؟

– مستعدون أن نسامح ونغفر لمن يعترف بالخطأ والجريمة، نحن لا نقول إنّ النظام أو الشعب التركيين هما المسؤولان عن إبادة الأرمن، لكنّ الحكم استمرار حسب القانون الدولي، أي هناك واجبات وحقو ، ولا تستطيع الجمهورية التركية الحديثة أن تتمتع بكلّ الحقوق التي ورثتها من السلطة العثمانية من أراض وأموال وكيان سياسي ولا تعترف بواجباتها. على تركيا الاعتراف بأنّ الدولة العثمانية ارتكبت هذه الجريمة الإنسانية وتعتذر، وعليها واجب التعويضات. هم يقولون لم تحصل إبادة بل حصلت المجازر أثناء الحرب العالمية الأولى خلال الاشتباكات، لو تمّ الاعتراف بالإبادة التركية للأرمن في ذلك الحين، لما حصل العديد من الجرائم في المنطقة والعالم، لا سيما جرائم هتلر والجرائم «الإسرائيلية» والإرهابية حالياً. الدولة التركية أنشئت بثروات الشعب الأرمني والقصر القديم لأردوعان كان ملكاً لشخص أرمني، نصف المساجد في الأناضول كانت كنائس للأرمن، الموضوع هو اقتلاع ِشعب كامل من جذوره. عام 1916 تحولت مدرسة عينطورة في كسروان إلى دار أيتام فأتى جمال باشا السفاح بـ 1200 من الأيتام من تركيا إليها وكان من بينهم ألف أرمني، وفي عام 1990 وجد هناك جثة 300 طفل.

الدول العربية تأخرت في الاعتراف بمسؤولية تركيا عن جرائم الإبادة، نتفهم مصالحهم لكنّ أقل واجب هو احترام الشهداء، طلبنا وقفة من الدولة اللبنانية التي اعترف مجلسها النيابي عام 2000 بمسؤولية تركية عن ما جرى في حقّ الأرمن وكان أقوى اعتراف بين كلّ برلمانات الدول العربية وطلبنا تعطيل العمل يوماً واحداً في هذه الذكرى رفضاً للإبادات، فحصل خلاف على ذلك وتمّ رفع الأعلام التركية في الشارع رغم أنّ تركيا ارتكبت المجازر والتهجير في لبنان.

-رأينا هذا العام أكبر حشد دولي للتضامن مع هذه القضية المحقة، كيف قرأتم هذه الوقفة، هل هي مصلحة فقط وتصفية حساب قديم أو جديد مع تركيا لمنعها من دخول الاتحاد الأوروبي؟

لا يمكننا أن نقول أنّ هناك صحوة حصلت في العالم، مصالح الدول تتقاطع، لكن يمكن القول إنه نتيجة النضال المستمر من كلّ التنظيمات الأرمنية والدولة الأرمينية اليوم، وثانياً، نتيجة الأوضاع في الشرق الأوسط والخطر الإرهابي في المنطقة وتقاطع المصالح .

عام 1986 طالب البرلمان الأوروبي الدولة التركية بالاعتراف بإبادة الأرمن وتحسين سلوكها، وخصوصاً ممارساتها داخل تركيا وخارجها في قبرص ودول الجوار التركي، ليوافق على دخولها الاتحاد. اليوم موقف البابا ذكر هذا الأمر وفي اليوم ذاته الفاتيكان تعترف بدولة فلسطين وهذا موقف سياسي وليس دينياً، وموقف الاتحاد الأوروبي في إعادة الاعتراف والتذكير بمسؤولية تركيا والعمل الأرمني عوامل ساعدت لتحصل صحوة عالمية وليتعرف العالم أكثر على منطق الدولة التركية.

رغم هذه الصحوة التي تتحدث عنها ما زالت أميركا ودول إقليمية حليفة للأتراك، هل تتخوفون من أي تسوية إيرانية تركية، رغم أنّ إيران أيضاً حليفة لسورية، وخصوصاً أننا شهدنا زيارات مسؤولين أتراك إلى إيران وتوقيع عقود لصفقات اقتصادية؟

بالنسبة إلى أميركا، هناك دولتان لهما الأولوية في المنطقة هما «إسرائيل» وتركيا وهما جهان لعملة واحدة. لا أرى أي تسوية إيرانية ـ تركية، هناك علاقات نعم، تركيا دولة كبيرة في المنطقة وإيران أيضاً، هذا ما يفرضه الواقع السياسي والتوازنات السياسية والعسكرية والاستراتيجية، لكن نحن لدينا تجربة مع إيران، العلاقات الأرمينية الإيرانية علاقات صداقة كشعب أرميني وكدولة أرمينية تعود إلى عام 2000. عندما أعلن الإقليم الأرمني انفصاله عن أذربيجان، وقفت إيران الشيعية إلى جانب أرمينيا وشعب «كرابا» ضدّ أذربيجان الشيعية، وتركيا السنية وقفت إلى جانب أذربيجان الشيعية لأنّ أذربيجان وتركيا من أصل طوراني، فالهدف الأساسي لتركيا هو إعادة إنشاء الدولة الطورانية وليس الدولة المسلمة. وفي الخلاصة، فإنّ الموضوع الأرمني سيكون خارج البحث في أي نوع من العلاقات بين تركيا وإيران.

كيف تقرأ المكانة التركية التي ما زالت تتمتع بها، وهي التي ستكون شريكاً رئيسياً في أي اتفاق في المنطقة، من يعطيها هذا الدور سواء في جنيف أو في الاتفاق النووي مع إيران، هل هي قائدة السنة في المنطقة؟

كمواطن عروبي أعتبر أنه يجب أن تكون القيادة الإسلامية السنية عند العرب في السعودية أو مصر. تركيا جزء من الحلّ في المنطقة وكذلك إيران، ويجب إيجاد حلول، لأنّ «إسرائيل» اليوم مرتاحة، فلا أحد يتحدث اليوم عن القضايا العربية، القدس وفلسطين والشعب الفلسطيني والجولان، هناك حرف أنظار عن الإرهاب الصهيوني، ونحن نذهب اليوم باتجاه انقسام وتشرذم الشعوب ووضع يريح «إسرائيل» لقرن من الزمن، فهل نفكر نحن العرب في مستقبلنا؟

-كيف تقوّم وضع تركيا اليوم؟

هناك ضعف تركي، رغم إظهار القيادة التركية أنّ الاقتصاد مزدهر والأرقام تظهر غير ذلك. ورغم أنّ القيادة التركية تحاول أن توحي بأنّ الوضع الشعبي مستقر، يوجد اليوم رأي عام تركي يتحدث ضدّ الإرهاب وضدّ موقف تركيا من الإبادة الأرمنية ومن المشكلة الكردية، الكيان التركي مبني على عناصر غير تركية، فنصف سكان تركيا ليسوا أتراكاً، بل أكراد وأرمن وشعوب أخرى، هذه الحقيقة ستنفجر عاجلاً أم آجلاً، تركيا تقف على أرجلها لوجود توازن في المنطقة وإذا انهار ونحا باتجاه العرب تركيا لا دور لها، لكن هل العرب يريدون هذا التوازن لصالحهم أم يتركون لأميركا والغرب اللعب في ميزان بين تركيا وإيران والعرب؟ إيران تناضل وتعمل من أجل المحافظة على استقلالية ما تجاه الغرب والمفاوضات النووية خير دليل على ذلك، فمنذ 10 سنوات، ورغم الحصار والعقوبات، ما زالت إيران دولة مزدهرة وفي تطور مستمر، وحان الوقت لكي يقرّر العرب ونرى صحوة إيجابية.

-كيف ترى الوضع في سورية، هل اقتنع الغرب بأنّ الرئيس بشار الأسد لن يسقط أم أنّ الحرب مستمرة؟

هناك تراجع في الكلام الغربي بأنّ الأسد خسر الشرعية وغير ذلك من شعارات وتصريحات، فأميركا تقول إنها ستسلح المعارضة السورية ضدّ «داعش» وليس ضدّ الأسد. من جهة أخرى، يقولون إنّ الأسد فقد الشرعية هذه مجرد شعارات، الأسد جزء من الحلّ إذا لم يكن هو الحل، في بداية الأحداث في سورية كان هناك انطباع بأنها انتفاضة شعبية لأجل الديمقراطية ولكن بعد شهرين تبين أنّ الديمقراطية لا علاقة لها بهذا الأمر بل الهدف كان وما يزال ضرب سورية وليس فقط الأسد، الجيش السوري هو من أبناء الشعب السوري، من سنّة وعلويين ومسيحيين ودروز وغيرهم من مكونات الشعب السوري.

-هل سنشهد انتخاب رئاسية قريباً ونحلّ المشاكل أم سنمدّد الأزمة؟

هناك صعوبة في انتخاب رئيس الآن، للأسف الشديد منذ الاستقلال وحتى اليوم، باستثناء الرئيس سليمان فرنجية، لم ينتخب رئيس في مجلس النواب، بل النواب كانو يذهبون ليوافقوا على تسوية ما تمت في الخارج للإتيان برئيس، ونحن فتحنا المساحة والساحة لغيرنا ليجري التسويات وينتخب رئيساً.

-يقول الطرف الآخر أنّ طروحات رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون تعقّد الأزمة أكثر، ما رأيك؟

فريق العماد عون يقوم بردود فعل على الفريق الآخر الذي لا يعترف له بتمثيله السياسي العريض على الساحة المسيحية والوطنية، يقولون إنّ رئيس الجمهورية هو مسيحي لكنه يمثل كلّ لبنان، هذه المعادلة يجب أن تطبق أيضاً على رئيسي مجلس النواب والحكومة، لماذا يقرّرون بإجماع سني من هو رئيس الحكومة وهناك إجماع شيعي على شخص رئيس مجلس النواب، وعند المسيحيين لا يحصل ذلك؟ من يعرقل الإجماع المسيحي؟، اتفقنا على القانون الأرثوذكسي فمن عرقله؟ الأطراف الأخرى، وكان يجب أن تدعو بكركي كلّ النواب المسيحيين إلى الاجتماع، نحن كحزب طاشناق مع المشروع الأرثوذكسي لأنه تمّ الاتفاق عليه بين القادة الموارنة الأربعة.

-هل تعتبر أنّ الخلاف المسيحي هو نتيجة غياب دولة خارجية حاضنة وراعية لهم؟

دول الغرب لا تفكر بالمسيحيين بل تفكر في مصالحها، لا الغرب ولا أميركا لديهما الأولوية للتفكير بأمور لبنان. الأمر الوحيد الذي يمكن أن يقوموا به هو أن يفتحوا السفارات ويعطوا تأشيرات للمسيحيين الذين ينزحون من سورية والعراق ليسافروا إلى كندا والبرازيل والولايات المتحدة، ونحن كمسيحيين لسنا طامعين بحماية دول الغرب لمسيحيي المشرق بل حماية دولتنا وعلى شركائنا في لبنان وسورية والعراق ومصر أن يتضامنوا مع مطالب المسيحيين لنحمي أنفسنا لأنّ لبنان لا يبقى بلا مسيحيين وسورية ومصر أيضاً، لذلك الرئاسة اللبنانية في الثلاجة وعيلنا أن ننتظر بعض الوقت، إما تسويات إقليمية وإما نضوجاً لبنانياً أكبر بقبول التمثيل السياسي الصحيح.

دعم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ما طرحه العماد عون، في الوقت الذي يخوض الحزب حرب القلمون، ويتكلم عن تأثير المعركة على المنطقة فضلاً عن أنّ الحزب شريك في تغيير المعادلة في الخارج، فهل يمكن أن يكون الحلّ داخلياً؟

لا شكّ أنّ السيد نصرالله يمثل قوة مهمّة في المشرق وكلمته تسمع من بيروت والضاحية إلى اليمن وواشنطن وموسكو، السيد يقول نحن يجب أن نعود إلى الداخل ونبحث الحلول، ويقول في التحولات الخارجية أنا أساعدكم لتجدوا الحلول في لبنان.

يبثّ هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز»، تردّد 12034.


أرمينيا تشارك في لقاءات منظمة اتفاق الأمن الجماعي ورابطة الدول المستقلة

$
0
0

جرت قبل أيام في وزارة الدفاع الأرمينية الجلسة الدورية للمجلس المنسق للقادة العسكريين في القوات المسلحة للدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة وسكرتارية مجلس وزراء الدفاع في رابطة الدول المستقلة.

أما قيادة القوات الهندسية في القوات المسلحة الأرمينية فقد شاركت بين 19-21 أيار في مركز الدراسات الإقليمية في كسفوت، مع منظمة اتفاق الأمن الجماعي وقيادات القوات الهندسية في الدول الأعضاء في منظمة رابطة الدول المستقلة، وممثلي القيادات المتحدة وسكرتارية رابطة الدول المستقلة في لقاء حول مجال أمن القوات الهندسية.

لجنة القضية الأرمنية في أوروبا تساند انتخابات الحزب الموالي للأكراد في تركيا

$
0
0

قررت لجنة القضية الأرمنية في أوروبا التابعة لحزب الطاشناك قبل أيام مساندةالحزب الديموقراطي للشعوب الموالي للأكراد في تركيا، والذي يشارك في انتخابات في 7 حزيران.

ودعت اللجنة التصويت لصالح هذا الحزب.

كما شددت اللجنة على أن هذا القرار اتخذ على أساس التوافق بين الطرفين في مسائل القيم والمواقف، مشيرة الى أن اللجنة ترى بأن الحزب هو قوة تقدمية في الحياة السياسية في تركيا وتحاول الدفاع عن حقوق الشعوب المظلومة.

الإبادة الجماعية جريمة الجرائم الدولية

$
0
0

شهدت البشرية – ولاتزال – العديد من الجرائم الدولية التى يرتكبها البشر سواء أكان ذلك فى أثناء السلم أم فى أثناء النزاعات المسلحة، وتأتى جريمة الإبادة الجماعية على قمة هذه الجرائم من حيث الخطورة والنتائج الوخيمة والآثار الكارثية التى تفضى إليها تلك الجريمة النكراء، حيث لا تقتصر هذه النتائج على اجتثاث أرواح البشر فقط، وإنما أيضاً تسبب جراحاً غائرة، وآلاماً مبرحة لأسر ضحايا الجريمة، ولم تكن الجريمة مثار اهتمام واستنكار القانون الدولى فحسب، ولكن سائر الأديان السماوية.

لقد تعرض الانسان خلال الحقب والعصور المختلفة الى ويلات القتل والتدمير والاغتصاب واتلاف الممتلكات ، وكان المنتصر يفتخر أنه أوقع بعدوه الفناء والدمار والاذلال، فكانت الحرب فخرا وقوة وسطوة، يتلذذ بها الطغاة العتاة من الحكام، ويتغنىبها كهنتهم من الشعراء والبلغاء، ونصبت لها الأفراح وأنشدت لها الأناشيد والأهازيج .

لقد صدمت جريمة الابادة الجماعية ، البشرية فى ضميرها، والنظام العام العالمى فى جوهره، والكرامة الانسانية فى صميمها، نتيجة لهول الجريمة الشنعاء، وفداحة أفعالها النكراء، والتي دونت بمداد أسود فى حافظة التاريخ، ويكفى الجريمة من تدليل ودلالة على أنها اي الجريمة تعكس “ انكار حق الوجود بالنسبة لجماعات انسانية بأسرها “

مفهوم جريمة الابادة الجماعية

تعني الإبادة الجماعية وفقاً للمادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة الصادرة فى 9 ديسمبر عام 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والعقاب عليها “ أياً من الأفعال الآتية المرتكبة على قصد التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو عنصرية أو عرقية أو دينية “ بصفتها هذه:

1-قتل أعضاء من الجماعة.

2-إلحاق أذى جسدى أو روحى خطير بأعضاء من الجماعة.

3-إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادى كلياً أو جزئياً.

4-فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب أطفال داخل الجماعة.

5- نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

الجماعة السياسية جماعة منسية.

يبين مما سبق، أن تحديد الجماعات المحمية وهي ذاتها المستهدفة بالابادة الجماعية، وفقا للأتفاقية ، هو تحديد حصري، و كان نتاج ذلك التحديد الحصرى – وفقا للكثيرين من المنتقدين للاتفاقية – الاجحاف بحقوق جماعات أخرى لم تتكفل الاتفاقية بحمايتها مثل الجماعات السياسية، والاقتصادية، و الثقافية، بيد أن جل الانتقادات التى وجهت فى هذا الصدد تركزت على الاغفال المتعمد لتضمين الجماعة السياسية ضمن الجماعات المحمية الأربعة الواردة فى الاتفاقية.

خطورة جريمة الابادة الجماعية

ان الأمر الذى لا مرية فيه ، أن الأسباب التى تزيد من خطورة جريمة الابادة الجماعية، و تجعلها – بحق – جريمة الجرائم الدولية ، أن السلوك الاجرامى فى جريمة الابادة الجماعية لا ينتهك قاعدة قانونية وحسب، لكن العديد من القواعد و الحقوق القانونية، يأتى على قمتها الحق فى الحياة أسمى الحقوق الاساسية للانسان، فضلا عن أن ضمائر البشرية كلها تستشعر في وجدانها أن بقاء الجماعة- وطنية كانت أم عالمية -هى أهم المصالح الأساسية للبشرية جمعاء، فجريمة الابادة الجماعية جريمة شديدة الخطورة من حيث أنها تهدد الانسان فى أغلى ما يملك ، حيث تهدد بالخطر حياة الانسان وصحته وكرامته .

وجريمة الإبادة الجماعية شديدة الخطورة من حيث أن الجريمة لا تهدد بالإبادة فرداً واحداً أو مجموعة أفراد، بل تهدد بالإبادة جماعة أو جماعات كاملة لأسباب دينية أو قومية أو عرقية أو عنصرية… الخ.

حرى بالذكر أن القرار 96 )أ ( والذى أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى الحادى عشر من ديسمبر/كانون الأول عام 1946 جسد مدى الخطورة الشديدة التى تمثلها هذه الجريمة للبشرية جمعاء، حين نص القرار على:

“إن إبادة الجنس البشرى هى إنكار حق الوجود لجماعات بشرية بأكملها، كالقتل الذى يمثل إنكار حق الشخص فى الحياة، هذا الانكار لحق الوجود يتنافى مع الضمير العام للجماعة الدولية، ويصيب الإنسانية بأضرار جسيمة الأمر الذى لا يتفق والقانون الأخلاقى وروح ومقاصد الأمم المتحدة”.

ولما كانت قد حدثت أمثلة كثيرة لجريمة الإبادة الجماعية، إذ أبيدت كلياً أو جزئياً جماعات بشرية لصفتها العنصرية أو الدينية أو السياسية أو غيرها، ولما كانت معاقبة مرتكبى جريمة الإبادة الجماعية هي مسألة ذات اختصاص دولي، لذلك تؤكد الجمعية العامة أن إبادة الأجناس جريمة فى نظر القانون الدولى يدينها العالم المتمدن، ويعاقب مرتكبوها سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء فيها، وبغض النظر عن صفاتهم-حكاماً كانوا أو أفراداً عاديين- سواء قاموا بارتكابها على أسس تتعلق بالدين أو السياسة أو الجنس أو أى أساس آخر”.

وإذا كانت جريمة الإبادة الجماعية قبل صدور اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، تعد أحد الجرائم ضد الإنسانية، بيد أنه بعد صدور الاتفاقية صارت الجريمة مستقلة عن الجرائم ضد الإنسانية، حيث ان الهدف من اتيان الجريمة هو إبادة على الأقل لجزء مهم من الجماعة المستهدفة وفى المقابل لا يتحقق هذا الهدف فى الجرائم ضد الإنسانية .

التمييز بين الجريمة والجرائم ضد الانسانية

اذا كان الهدف من وراء ارتكاب جريمة الابادة الجماعية هو ابادة جزء مهم على الأقل من الجماعة المستهدفة ، نجد فى المقابل أن هذا الهدف لا يتحقق في أي من الجرائم ضد الانسانية ، فضلا عن أن القصد الخاص فى ارتكاب جريمة الابادة الجماعية يظل العنصر المميز للجريمة عن سائر الجرائم الدولية الاخرى، و منها الجرائم ضد الانسانية بالطبع .

على النقيض من ذلك ، فيكفى اثبات أن السكان المدنيين كانوا هدفا فى اطار هجوم واسع النطاق أو منهجي، و ذلك من أجل اثبات وقوع أى من الجرائم ضد الانسانية،لذا فالقتل الجماعى لمجموعات أو أفراد، لكن دون توافر القصد الخاص لتدمير كل أو جزء من الجماعات الأربعة المحمية وفقا لاتفاقية الابادة الجماعية، لا توصف الأفعال الاجرامية هذه بالابادة الجماعية لكن بالجرائم ضد الانسانية .

القصد الخاص في ارتكاب جريمة الابادة الجماعية

لكى تتحقق جريمة الإبادة الجماعية، ينبغى أولاً أن يرتكب فعل من الأفعال التى تم تعدادها فى المادة الثانية من نظام المحكمة “المأخوذة حرفياً من المادتين 2 و3 مناتفاقية الإبادة الجماعية”، وثانياً أن يرتكب هذا الفعل ضد جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، مستهدفة بصفتها هذه، وثالثاً أن يرتكب الفعل بقصد تدمير الجماعة المستهدفة كلياً أو جزئياً.

ويشترط لتحقق جريمة الإبادة الجماعية إضافة لركنها المادي، النية الإجرامية فيشترط أن يكون لدى الفاعل نية إجرامية تنصرف إلى تحقيق الإبادة لأنها جريمة، وإن كانت تتفق فى طبيعتها مع الجرائم العمدية كافة، بيد أنه يشترط فيها إلى جانب القصد العام، القصد الخاص، وهو تحقيق الإفناء للجماعة المستهدفة، وبالتالى يمكننا القول إن القصد الخاص لمرتكب جريمة الإبادة الجماعية، يهدف لتحقيق غاية معينة، وهى هنا الهدف البعيد للإرادة، والمتمثل فى افناء الجماعة المستهدفة.

وفيما يتعلق بإثبات القصد الجنائى الخاص لجريمة الإبادة الجماعية، يشير بعض الفقهاء إلى أنه يمكن استجلاء ذلك القصد بالنظر إلى دمار الجماعة، وأعمال الإبادةالثقافية والإبعاد القسري، ورغم أن تلك الأعمال الأخيرة لا تعد أعمالاً إبادية، إلا أنها يمكن أن تدل بشكل كبير على ثبوت نية الإبادة.

المسؤولية الدولية عن ارتكاب جريمة الابادة الجماعية

يعترف القانون الدولي المعاصر بمبدأ مسئولية الفرد الجنائية عن ارتكاب الجرائم الدولية، ويعتبرها من ضمن مبادئه العامة ويستوى فى ذلك الجرائم التى يرتكبها الفرد بصفته الشخصية أو تلك التى يرتكبها بصفته مسئولاً رسمياً فى هذه الدولة. وحين يرتكب الفرد جريمة دولية، ومنها جريمة الإبادة الجماعية، يدفع ذلك الفرد حين ثبوت مسئوليته والادعاء عليه بعدة دفوع قانونية، وذلك لنفى الجريمة عنه وإعفائه من المسئولية عن ارتكاب الجريمة، وبالتالى مطالبته بعدم توقيع العقوبة عليه. إذاً فالقصد المباشر ضرورى للجرائم ذات القصد الخاص، والتى منها جريمة الإبادة الجماعية.

أهمية كشف حقيقة ابادة الأرمن في عام 1915

إن الحق فى معرفة الحقيقة عن الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان لا يقتصر على كونه حقا قانونيا أصيل من حقوق الإنسان الأساسية بل يتخطى ذلك لكونه حقيقة إنسانية لصيقة بالفرد.، و الحق فى معرفة الحقيقة لا ينصرف أو يعنى بالماضي، بل يرتبط بإدراك الحاضر الواقع ويمتد ليتحكم فى تشكيل واقع المستقبل.

بالرغم من ذلك،لا تزال الحكومات التركية المتعاقبة تنكر حقيقة ما جرى للأرمن علىيد السلطات العثمانية فى عام 1915، ويعد ذلك الانكار الذي يتنافى مع القيم الأخلاقية والانسانية والقانونية العقبة الأكبر فى تطبيع العلاقات الرسمية وغير الرسمية بين الدولتيين التركية والأرمينية، فضلا عن رفض الاتحاد الاوروبى انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبى .

يأتى ذلك العناد التركى لرفض حقيقة ما وقع للأرمن عام 1915 بالرغم من عقد الدولة العثمانية ذاتها، المحكمة الخاصة فى أسطنبول عام 1919 لمحاكمة القادة العثمانيين الذى ارتكبوا جرائم حرب، وجرائم بحق الانسانية، وتحديدا بحق الأرمن أثناء الحرب العالمية الاولي، وبالرغم من الشهادات والتقارير الموثقة للسفراء و المبعوثيين الرسميين لدول أجنبية عديدة للخروقات الجسيمة لحقوق الانسان التى ارتكبتها السلطات العثمانيةبحق الأرمن أثناء الأحداث الابادية، وبالرغم أيضا من الاقرارات الرسمية العديدة التى صدرت عن حكومات وبرلمانات العديد من الدول، والتى تقر أن ما وقع للأرمن على يد العثمانيين فى عام 1915 يعد جريمة ابادة جماعية بموجب القانون الدولى .

فالحكومة التركية الحالية، تزعم أن القتلى من الأرمن فى عام 1915 لا يتجاوز 300 ألف قتيل، وقضوا نحبهم أثناء ترحيلهم الى صحراء الشام فى العراقو سورية، ونتيجة الجوع والعطش والظروف الجوية السيئة، ولم تطلق عليهم رصاصة واحدة من القوات التركية التى كانت ترافقهم و تؤمنهم .

يشار فى ذلك الصدد الى أن اتفاقية الابادة الجماعية التى تحظر أفعال الابادة الجماعية، لم تتحدث فقط عن قتل أعضاء الجماعة باعتبار القتل هو النمط الوحيدالمستخدم لابادة جزء أو كل الجماعة المستهدفة ، لكن الاتفاقية، كما سبق أن وضحنا تحدثت أيضا عن إلحاق أذى جسدى أو روحى خطير بأعضاء من الجماعة، و اخضاع الجماعة لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا، جلى أن، التعداد الوارد فى الاتفاقية المشار اليها، للأنماط اى الأشكال الخمسة للابادة الجماعية، يتغيى الحفاظ على الجنس البشرى من الافناء، بواسطة الأنظمة المستبدة، التى لا تقيم للانسانية وزنا، ولا تنظر للجماعات البشرية فى لحظة تاريخية نظرة انسانية مجردة و متجردة من اى تمييز أو اذدراء .

لا غرو أن كشف ومعرفة الحقيقة مسألة قانونية أولية مهمة، ليس فى حد ذاتها بل توطئة لتحقيق غايات سامية متعددة الجوانب، حيث تختلف هذه الغايات سواء كانتغايات نبيلة – مثل المساهمة فى استعادة السلام وصيانته- وغايات أخرى – مثل محاربة الإفلات من العقاب، وردع انتهاكات حقوق الإنسان فى المستقبل أو الحيلولة دون حدوثها، وتلبية مطالب الضحايا والدفاع عن حقوقهم، وإبعاد اللاعبين السياسيين السابقين عن الساحة السياسية، وإعادة تأسيس سيادة وحكم القانون.

إن معرفة الحقيقة عن الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان، تمنح المجتمعات القدرة على منع تكرار أحداث مماثلة للتى وقعت، وتسهل فى حالات أخرى عمليات المصالحة وإعادة البناء حيث ينظر إلى معرفة الحقيقة على أنها ضرورة جوهرية لمعالجة التصدعات والانقسامات التى تحدث فى السياقات المحلية فى الفترة التى تلى إقصاء النظم الشمولية والاستبدادية، و هذا ما ينطبق تماما على السياق التركي .

د. أيمن سلامة

الأهرام

الموسوعة البريطانية تستبدل عبارة “مجازر الأرمن”بمصطلح “الإبادة الأرمنية”

$
0
0

استبدلت الموسوعة البريطانية “Encyclopedia Britannica” مؤخراً عبارة “مجازر الأرمن” بمصطلح “الإبادة الأرمنية” حيث جاء في المقالة “الإبادة الأرمنية هي حملة بربرية وحشية نفذت ضد الأرمن في الإمبراطورية العثمانية على يد حكومة تركيا الفتاة خلال الحرب العالمية الأولى.

وكانت الحملة محاولة من أجل إفناء الشعب الأرمني. وتزعم تركيا بأن الأحداث جرت دون أن يكون هناك سياسة رسمية لإفناء الأرمن بشكل جماعي”.

استفتاء يوضح موقف الشعب التركي والأكاديميين الأتراك من القضية الأرمنية

$
0
0

ذكرت صحيفة “نور مارمارا” أن “مركز الدراسات المحايدة” في تركيا أجرت استفتاء وطرحت بعض الأسئلة على المواطنين الأتراك والأكاديميين بخصوص موقفهم من أرمينيا والأرمن، بين 17-20 نيسان الماضي، أي بتاريخ قريب من الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية.

وجرى الاستفتاء في 38 ولاية على 1420 مواطن وأكاديمي برئاسة المحاضر في التاريخ الدكتور قدير أولوسوي.

وفي سؤال “لماذا الغربمهتم الى هذا الحد بالقضية الأرمنية؟”، أجاب 18.5 بالمئة من المشاركين “لإثارة البلبلة”، أما 52.8 بالمئة أجاب “لوضع تركيا في وضع حرج، أي بسبب العداء ضد تركيا”.

وفي سؤال حول “كيف ينظر الأتراك الى أرمينيا؟”، لم يختر أحد من المواطنين الإجابة “بلد صديق”. وظلت إجابة الأكاديميين تشكل 2.1 بالمئة للخيار “بلد صديق”، لكن الأغلبية فضلت الخيار “بلد جار”.

وكذلك لم يتجاوب أحد حول “اقتراح تسليم أحداث 1915 الى المناقشة في المحكام الدولية”، لأنهم مقتنعون بأن المحاكم الدولية لن تتخذ قرارات محايدة بشأن القضية الأرمنية.

وفي سؤال عن “موقف الشعب من العضوية في الاتحاد الأوروبي والقرار الأخير حيال تركيا”، أجاب 62.8 بالمئة من المشاركين بأنهم يرغبون بأن تقوم تركيا بتعليق طلب انضمامها في الاتحاد الأوروبي كرد على قراراتها. وفضل 28.9 بالمئة إنهاء المفاوضات حول العضوية. في حين 39 بالمئة من الأكاديميين فضلوا الاستمرار في المفاوضات، وكان 29.3 بالمئة الى جانب تعليق المفاوضات بشكل مؤقت.

انطلاق مؤتمر “الاعتراف بإبادة الأرمن خطوة نحو السلام العالمي”في بغداد

$
0
0

برعاية مطرانية الأرمن الأرثوذكس في بغداد وبمشاركة سفارة جمهورية أرمينيا في بغداد انطلقت أعمال المؤتمر الدولي الخاص بالذكرى المئوية للابادة الأرمنية بعنوان “الاعتراف بإبادة الأرمن خطوة نحو السلام العالمي”.

يشارك في المؤتمر عدد من المؤرخين من أرمينيا مثل الدكتور أرمين ميلكونيان والبروفسور نيكولاي هوفانيسيان والدكتور آرا أشجيان، بالإضافة الى مؤرخين من العراق.

يذكر أن المؤتمر يعقد بتنظيم من اللجنة المركزية لإحياء الذكرى المئوية للابادة الأرمنية في العراق، ويتضمن المؤتمر عدة محاور، منها: السياسية والشخصية والانتروبولوجية واللغوية وغيرها.

وزارة الإسكان العراقية تنفّذ إنشاء كنيسة الأرمن في كركوك

$
0
0

ذكرت صحيفة الزمان العراقية بقلم تمارا عبد الرزاق أن دائرة المباني التابعة لوزارة الاعمار والإسكان العراقية نفذت مشروعي بناية مديرية المباني ومشروع إنشاء كنيسة الأرمن الأرثوذكس في محافظة كركوك.

وقال وكيل الوزارة دارا حسن رشيد في بيان تلقته (الزمان) امس ان (المشروعين يعدان من المشاريع التي تفخر بإنجازها الوزارة لجمالية التصميم والدقة في التنفيذ وقد شارفتا على الانجاز).

واضاف ان “شركة الفاو التابعة للوزارة تنفذ مشروع ماء المحافظة لصالح وزارة البلديات والاشغال العامة ويعد هذا المشروع من المشاريع المهمة ويجب الاسراع في التنفيذ والانجاز لاهميته الكبيرة في خدمة اهالي المحافظة”.


فيلم “لا تقولوا لي أن الصبي كان مجنوناً”يتذكر إبادة الأرمن ويشارك في مهرجان كان السنمائي

$
0
0

تناول موقع “ميدل ايست أونلاين” مشاركة فيلم “لا تقولوا لي أن الصبي كان مجنونا” في مهرجان كان السينمائي. وذكر أن الفيلم الذي تدور أحداثه حول ابادة الأرمن هو للمخرج الفرنسي الأرمني روبير غيديغيان يشارك في مهرجان كان السينمائي، والبطولة للممثلة رزان جمّال.

وأوضحت المقالة بعض التفاصيل عن مذابح الأرمن مشيراً أنها تعرف أيضا باسم المحرقة الارمنية والمذبحة الارمنية أو الجريمة الكبرى، وتشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى.وتم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل، والترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية تؤدي إلى وفاة المبعدين.

وأن الأرمن يقومونسنويا في لبنان باحياء الذكرى المئوية الأولى “للإبادة الجماعية” التي مارستها السلطنة العثمانية بحقّ الأرمن والسريان والأشوريين عام 1915.ورُفعت خلالها الأعلام الأرمينية ولافتات كُتب عليها “نريد العدالة”، “لن ننسى أبداً الإبادة الأرمنية” و”الإبادة الأرمنية.. لن ننسى ولن نتسامح”.

وجاء في المقالة: “ويعرض الفيلم عواقب تغييب حوادث الإبادة الأرمنية لدى الأجيال الجديدة.ويصوغ المخرج غيديغيان بطاقة هوية جيل حاول استعادة تاريخه من خلال طيف الانتقام.واستمد الفيلم احداثه من قصة السيرة الذاتية “لابومبا” أو “القنبلة” للصحافي الإسباني خوسي أونتوني غورياران، الناشط الكبير في الاعتراف بإبادة الأرمن بإسبانيا.

وكان غورياران أصيب في عملية للجيش السري الأرمني لتحرير أرمينيا بمدريد سنة 1982، وبعد أن اطلع على القضية الأرمنية قرر لقاء المسؤول عن العملية وتبني أفكاره.وظهرت رزان جمّال بفستان من المصمم اللبناني العالمي ايلي صعب وسرقت أضواء العرض بعد أن كانت حضرت عام 2010 مع فريق فيلم “كارلوس” وفي عام 2013 مع فيلم “جن””.

قصة “أسدغيك وهاروت ساراجيان”.. من كتاب “شهادة مدى الحياة”للكاتب كيفورك أبيليان

$
0
0

الأرمنية المعروفة باسم “أسدغيك كارجيكيان” لم تكن لا “أسدغيك” ولا “كارجيكيان”.

حتى هي لم تكن تعرف من أين أتت أو من هم والداها. كانت تتذكر فقط أن “العم أدور” أتى بها الى هناك الى كسب مع ثلاثين يتيماً وفتيات صغيرات تبنتها عائلات محلية. وكانت هي من نصيب عائلة “أبراهام كارجيكيان”، وتم ذلك من تدبير الخال “كارا دايي أوفسيا”. أوه، ذلك الرجل هو أحد أبطال جبهة “أرارا” (في فلسطين. المترجمة) ترك بيته وعائلته ومضى في جمع الأيتام. فكان يتابع كل يتيم عند العائلة التي تبنته لكي يحصل على أفضل رعاية، أحياناً كان يمكث تحت النافذة ليستمع الى الأحاديث، والويل لتلك العائلة التي تسيء معاملة الولد الذي تبنته.

قام “ابراهام كارجيكيان” بتبني “أسدغيك” حيث كانت عائلة “كارجيكيان” قد فقدت بناتها الثلاث أيام الترحيل، واستخبرت أن إحدى بناتها توفيت وفقدت الأخريان في الصحراء، وقد قام ابنهم “سديبان” بالبحث عنهن حيث عمل في بيع الخردة حاملاً على كتفه أقمشة ثياب متنوعة وقام يجول من قرية الى أخرى ومن مدينة الى أخرى، ويسأل الناس بشكل مباشر وغير مباشر. لم يجد أختيه إلا أنه وجد آخرين فقدوا أو على الأقل عثر على آثار لهم.

في ميتم حلب، أعطيت الفتاة التي تبناها “أبراهام” اسم “أسدغيك”، وأعطيت كنيتها في كسب عندما كانت من نصيب عائلة “أبراهام كارجيك”. وهكذا سجلت في دائرة النفوس الحكومية على أنها “أسدغيك أبراهام كارجيكيان”، لكن هويتها الحقيقية بقيت في السر لوقت طويل. وصارت طالبة مجتهدة في مدرسة اللاتين، وكان رفاقها في المدرسة يسخرون من أنفها المجروح والذي خيط بشكل وضيع مما يجعل وجهها الجميل قبيحاً، لكن قبح أنفها سيكون دليلاً لا يُدحض على هويتها الحقيقية.

خرجت “أسدغيك” من بيت والدها “أبراهيام كارجيكيان” وتزوجت من “جرجي الفاري”، رغم بخل “أبراهام” المعروف كان يتصرف بسخاء تجاه ابنته “أسدغيك” التي كان يحبها كثيراً واشترى لها جهازاً وأعطاها بضعة ليرات. ففي البيت كان يستأمن “أسدغيك” على ماله.

كان “جورج الفاري” قد وصل الى كسب كمهاجر وشرب من مرارة سنين التهجير، فهناك في العش الأرمني كان يعمل طاهياً في دير اللاتين، وبعد أن تزوج “أسدغيك” بعدة سنوات انتقل الى بيروت. خلال أيام الحرب العالمية الثانية، أثار تفريغ الاسكندرونة خيبة أمل كبيرة بين الناس، فالكثيرون تركوا كسب وتوجهوا الى بيروت واستقروا فيها. وكذلك وصل “جورج” و”أسدغيك” الى بيروت مع ابنهما الوحيد “مراد” الى بيروت ليبدأوا حياة جديدة.

انتقل “سديبان كارجيكيان” الى حمص لكي يؤمن لقمة عيشه، وكان هناك يجول في القرى القريبة والبعيدة على أمل أن يجد أختيه الحقيقيتين. في نهاية الحرب العالمية الثانية عاش الأرمن في سوريا ولبنان بلبلة من جديد، فقد دعا الجد ستالين بابتسامته الأبوية والطيبة الأرمن المهاجرين الى أرمينيا، فباتت صوره في كل مكان، والأغاني المهداة لشخصه على شفاه الكثيرين، أوه، كم كان يحصل ذلك الوحش على التمجيد. انقسم الأرمن على جبهتين: الماضون الى أرمينيا والباقون. وقد كانت العظات الحانقة وحتى الضرب تثقل الحالة الى حد كبير. وكانت حركة الهجرة الى أرمينيا تخلق تنافراً حتى في العائلة الواحدة فينكر الأخوة والأخوات بعضهم، حتى الآباء ينكرون أولادهم. كان الجو لا يحتمل.

* * *

وفي أحد الأيام، حمل “سديبان” كيس الثياب على ظهره وصار ينادي في شوارع حمص. يومها كان الحظ حليفه، فقد استطاع أن يبيع الكثير. كانت أخته “أسدغيك” عند عائلتها، وقد تدبر “سديبان” الأمر على أن تأتي أخته من بيروت البعيدة لتزورهم، وكأن مجيء “أسدغيك” جلب له الحظ، فكان وضع عمله حسناً جداً في تلك الأيام.

ظهر بائع خردة آخر أمام “سديبان” يبيع ثياباً بالية، فهذا الرجل يحمل شيئاً غريباً على وجهه، ذقنه موشوم باللون الأزرق. يبدو أنه بدوي. فتبادلا التحية وتوقفا للحظة ليستريحا ويتعرفا على بعض.

كان “سديبان” يحدق بوجه الرجل ويجد أنه منجذب تجاهه، أين رأى هذا الرجل يا ترى؟ من المؤكد أنه رآه في مكان ما ولكن أين. ربما لم يره أبداً لكن وجهه أليف جداً، ويبدو أن هذا الرجل بوجهه الموشوم يشبه أخته “أسدغيك” كثيراً.

يا خال، كيف تعيش؟

هل أنت أرمني؟

نعم، أنا من كسب واسمي “سديبان كارجيكيان”. فاندهش “سديبان” الأرمني من سؤال هذا الرجل باللغة الأرمنية.

أنا أيضاً أرمني، اسمي “أرتين ، هاروتيون”.

أنت؟

نعم، نعم، أنا أيضاً أرمني، لا تنظر الى وجهي، فبعد التهجير وبعد أن نجوت من القتل مرات كثيرة، استطعت أن أنجو بنفسي وألتجئ عند بدوي.

الله يعطيك العمر الطويل.

أشكرك، يا خيّ، وقد نسيت لغتي، ليس من السهل التحدث باللغة الأرمنية بعد أن عشت ثلاثين سنة بين البدو.

هل فقدت أماً أو أباً أو أختاً أو أخاً أثناء التهجير.

طبعاً، فقدتهم جميعاً، فليجازي الشيطان الشرير الأتراك، ويجعلهم يستحقون نار جهنم.

يا “أرتين”.

نادني باسم “هاروتيون”، “هاروتيون سراجيان”، كنت في الخامسة عشر من عمري عندما سلكنا طريق التهجير القسري ومضينا الى سفر برلك. فوقعت الدنيا والجهنم فوق رأسنا، وقـُتلت الأم والأب والأخت والأخ.

أعلم، أعلم، لقد فقدت عائلتنا ثلاثة بنات رائعات، الأولى ماتت وتأكدنا من ذلك، أما الأخريان فها أنا أبحث عنهما منذ ثلاثين عاماً.

الله، الله، أظن أن كل أهلي قتلوا وذبحوا، وبقيت أنا فقط على قيد الحياة.

يا “أرتين”، “هاروت”، أظن أنك لست الوحيد الباقي حياً من عائلتك.

إيه، وماذا تعني؟

هل كانت لديك أخت تدعى “أسدغيك”؟

ماذا قلت، “أسدغـ..” لا، لا، ليس عندي أخت بهذا الاسم.

أعتقد وحتى أني متأكد أنه لديك أخت وهي أختي بالتبني. وهي الآن هنا وتبقى في بيتنا مدة اسبوعين، ستعود الى بيروت الاسبوع القادم.

-وما الذي يجعلك تقول ذلك، أنا مقتنع أنه لم يبق حي من عائلتنا.

-وأنا مقتنع لا بل متأكد أن أختك هي أختي .

-من أين ظهرت لي يا “سديبان”، وقلبّت مواجعي. فليأخذ الشيطان ..

-يا “هاروت”، الأمر عادي، تأتي الى بيتنا وتتأكد بنفسك، إنه ليس صعباً.

-آتي ولكن..

-انظر، أقوم أنا بتهيئة أختي اليوم، فيجب أن أقنعها وغداً صباحاً آتي وآخذك لبيتنا.

-أنا متأكد مثل نور القمر ونور الشمس أن “أسدغيك” هي أختك الحقيقية.

-ولكن أنا لم يكن لدي أخت بهذا الاسم.

-أنا صرت نوعاً ما خبيراً في أمور المفقودين خلال التهجير أثناء بحثي عن أختَي لسنوات طويلة. إذاً غداً انتظرني هنا في نفس الساعة.

-يا خالو، من أي قرية أو مدينة هي أختك؟

-هي لا تذكر فقد كان عمرها ثلاث أو أربع سنوات.

-أنا متأكد وسآتي. وهل يوجد أية علامة على وجه تلك الحرمة ؟

-لا شيء يذكر، لكن أنفها مجروح قليلاً.

-إن كانت كذلك، فتلك الفتاة هي أختي. فأنا دفعتها من أعلى الدرج ووقعت وضربت أنفها بطرف صفيحة من التنك فيها ورد. أخذناها الى الحكيم ولم يكن ماهراً فلم يخيط الجرح بشكل متقن.

-أنت على حق، فوجهها مشوه قليلاً ولكن رغم ذلك أختك فتاة جميلة. غداً تأتي و..

-يا الله، .. وكانت شفتا الرجل ترتعشان.

-يجب أن أهيئها، عليك أنت أن تكون صبوراً.

* * *

لم يعد “سديبان” راغباً في متابعة عمله، فعاد الى البيت. ووقف “أرتين” أو “هاروت” في مكانه ونظر إليه وهو يبتعد. ما هذه الصدفة يا رب.

في البيت، كان على “سديبان” أن يشرح لزوجته وابنته عن سبب عودته باكراً، فالحصول على لقمة العيش ليس سهلاً. ودون أن ينتظر طويلاً شرح أنه التقى ببدوي من مدينة “إيفيريك” وأنه الشقيق الحقيقي لأخته “أسدغيك” دون أدنى شك.

-ماذا تقول يا أخي “سديبان”، فأنا حتى الآن لم أسمع باسم “إيفيريك”، أنا ليس لدي أخوة سواك أنت وأخوتي الآخرين. ومن أين لي بأخ جديد، وفوق كل شيء بدوي. لا أبداً.

شرح لها “سديبان” أن الرجل يصف كيف جرح أنف “أسدغيك” وأنه هو السبب في ذلك.

-لا أريده أن يأتي، لا أريد أن أحيي أوجاعي، أنا ابنة “أبراهام من عائلة كارجيك”، لا غير.

وأخيراً استطاع “سديبان” وزوجته وبعد عناء وصبر أن يقنعا “أسدغيك” كي يأتي “هاروت” ليلتقيا، فلن تخسر شيئاً، فليأتِ.

أعطت “أسدغيك” موافقتها بعد تردد طويل، فهي حالياً مقتنعة وما الداعي لتقليب صفحات الماضي، وماذا لو كان “هاروت” خداعاً.

في هذه الليلة لم يستطع لا “أسدغيك” ولا “سديبان” ولا “هاروت” في بيته أن يغمضوا جفناً. وكم كانت تلك الليلة طويلة.

وفي الصباح التالي، وفي الساعة المتفق عليها، ذهب “سديبان” الى مكان الموعد. وكانت أعقاب السكائر الملقاة على الأرض تدل على أن “هاروت” وصل باكراً، وما إن رأى “سديبان” سأله بصوت عال:

-لماذا تأخرت يا خالو “ستيبان” ؟ أنا لا ألبس ساعة لكن يبدو أنك تأخرت.

-لم أتأخر، فلنذهب.

-لنذهب. أين بيتكم؟

وما إن دخل “سديبان” الى البيت المتواضع احمرّ وجه “هاروت”، فها هو يتذكر تلك الامرأة جيداً، إنها أخته. الله يشهد، أنه متأكد بأن الندبة على أنفها هي من أعمال “إبداعاته”. أخذ ذلك البدوي الضخم “أسدغيك” بين ذراعيه وبكى واعتذر من أخته.

وبعد تردد، رضيت “أسدغيك” أن يضمها ذلك الرجل. هي لا تذكر شيئاً ولكن شيئاً ما في دم ذلك الرجل كان يبدو حميماً.

كان “سديبان” مسروراً بما عثر وأطلق العنان لدموعه، وزوجته أيضاً كانت تبكي. وطال العناق، وروى “هاروت” بعض الأمور عن مدينتهم الأصلية وعائلته. ولكن وأسفاه، فهو لا يتذكر اسم أخته، أهي “تشخون” أم “تاشخون” أم “أشخين”، لكن بالتأكيد ليست “أسدغيك”.

أخذ “هاروت” معه “أسدغيك” و”سديبان” وعائلته، فيجب أن تتعرف زوجته “ماري” وأولادها على أخته “أسدغيك”.

* * *

روى “هاروت” كل ما مرّ عليه من عذاب وشقاء مرير، وأنه نجى من المجزرة والمجاعة والأمراض. وقد أمضى سنوات طويلة في قرية السلمية قرب حمص، وقد أضحت هذه القرية مكاناً استقر فيه كثير من الأرمن نجوا بفضل جهود رجل أرمني يدعى “هوفسيب كارابيديان” الذي جاء الى حلب من أطراف أنقرا. كان رجلاً عملياً ذا نفوذ، اشترى عربة بحصانين أبيضي اللون وأعطى العربة والحصانين رشوة للوالي، واستطاع بذلك أن ينقذ مئة وستين عائلة أرمنية من طريق المنفى بأن يحيّد طريقهم نحو الجنوب. وفي القافلة كان يوجد راهبان ورئيس أساقفة فقدوا أي أمل للنجاة، فقد أمروا بتجهيز أنفسهم للتحرك باتجاه دير الزور، فلعب تدخّل “هوفسيب” دور العناية الربانية وتحركت القافلة نحو حمص بدلاً من دير الزور. وازداد عدد الأرمن في السلمية يوماً بعد يوم، واستقروا فيها وصار لهم بيوتهم وعائلاتهم.

صار “هوفسيب” وجهاً معروفاً، ليس فقط في قرية السلمية، بل في المنطقة بأكملها وكلمته مسموعة، وصار على الفور صاحب قرية في المنطقة سمّاها “لاليه”. وبعد، سمع أن فتاة أرمنية تعيش عند البدو وسيزوجونها قسراً لشاب من عشيرة بدوية فخطط “هوفسيب” ونجح في إبعاد الفتاة التي وجدت في “إزميت” على ضفة البحر الأسود ووصلت الى عشيرة في مكان قرب حمص وقد وشمت يديها ووجهها. وفشلت ترتيبات البدو من أجل العرس عندما هرّب “هوفسيب” “ماري الإزميتية”.

تزوج هو من تلك الأرمنية ولكنه دفع ثمن ذلك، فلم يسامحه البدو وطوقوا البيت المؤلف من طابقين وأطلقوا عليه وابلاً من الرصاص. سجل “هوفسيب” هوية هؤلاء على ورقة ثم أنزل “ماري” من الطابق الثاني وقفز هو الى الأسفل، نجى الإثنان من الموت المحتم، ولكن بقي “هوفسيب” أعرج الى الأبد.

استقر “هوفسيب” و”ماري” في قرية تل أغر بقرب السلمية، وأنجبوا ثلاثة أولاد “هاكوب” و”فيرجين” وآنوش”. توفي “هوفسيب” باكراً وترك خلفه زوجته وثلاث أطفال.

جاء “هاروت ساراجيان” الذي كان يعيش عند عشيرة المسالخ واستقر في تل أغر وتزوج من “ماري” أرملة “هوفسيب”، رغم أن “ماري” كانت تكبره سناً وهي أم لثلاثة أيتام، فضّل “هاروت” أن يتزوجها لينقذها من ترّملها. أنجب “هاروت” و”ماري” أولاداً وعاش الأولاد في عائلة كبيرة دون تمييز، فلم يعش أيتام “هوفسيب” حالة اليتم بفضل شخصية “هاروتيون” الطيبة.

افتتح “هاروت” محلاً للمشروبات الروحية مع أرمني يدعى “الحج بانوس” وأمن حياة رغيدة لعائلته. وبعد ذلك سمع بأن الأرمن يعادون الى وطنهم الى “أرمنستان”، وليست لديه فكرة عن ذلك الوطن واعتقد أنه سيعاد الى مدينته “إيفيريك” لربما يجد أقرباءه هناك، لذلك كان يقسم باسم ستالين بلا هوان. انتقل الى حمص ليلتحق بالمهاجرين الى أرمينيا وتأخرت القافلة، وكان ينزعج لأنه عاطل عن العمل فتدبر أمره ببعض الأغراض ومضى يبيعها خردة.

إن أمله في المهاجرة الى أرمينيا جعله ينهمك في نزع الوشم من على يديه ووجهه، ولكن اللون الأزرق، رمز التهجير والفقدان، كان يأبى إلا أن يبقى ملتصقاً مع كيانه.

تضررت لغته أيضاً في هذه المنطقة، فقد كان يتحدث اللغة العربية بطلاقة، ولكن اللغة الأرمنية تحولت الى لغة ثقيلة ومرّقعة.

* * *

في تلك الليلة عثر “هاروت” و”أسدغيك” على بعضهما بعضاً، وأكلا وشربا ما وجداه، فقد حصل “سديبان” على القليل من الزبيب والجوز والتين المجفف وعدد من الرمان والسفرجل، حتى أنهم أرسلوا له حفنة من التبغ الفاخر. وبعد أن صار “أخ سديبان” و”هاروت” أخين لـ”أسدغيك” شربا نخب كل الأقارب البعيدين والقريبين، المفقودين والموجودين. وبكى “هاروت” و”أسدغيك” لفقدان عائلتهما.

سأل “هاروت”: – يا “أسدغي”، هل تذكرين شيئاً عن بيتنا القديم وأهلنا.

صمتت “أسدغيك” للحظة وأغمضت عينيها السوداوين الجميلتين لتركز، وبعد قليل تذكرت رجلاً ربما كان والدهما كان يعلق شيئاً ما كل يوم.

إيه والله، أنت محقة أختو، والدنا “بولوص” كان يصنع البسطرمة والسجق، وفي كل يوم غير ماطر كان يعلق تلك المأكولات الشهية على حبل. وكان الناس يأتون ليشتروها قبل أن تجف، ويقال إن البسطرمة والسجق التي يصنعها كانت معروفة في مدن بعيدة.

وعندما ابتعدنا عن بيتنا آخر مرة أظن أن أمي صبت الماء على الأرض..

-يا أختو، “أسدغي”، أنت محقة، والدتنا سقت الأزهار، يبدو أن المسكينة كانت تعتقد بأننا سنعود على الفور.

كانوا يحملونني، وكنت دائماً جائعاً وأبكي.. أظن أن الجميع كان يبكي، وثم فقدت والدي والآخرين، وبقيت وحدي، وثم أخذني شخص ومضى، وأذكر أنهم أخذوني الى مكان حيث كنا كثراً، وكنا نبكي جميعاً، بعد ذلك أخذونا الى حلب، ومنها الى كسب ضمن مجموعات، كثيرون بقيوا هناك وآخرون أخذوا الى السويدية..

الله يجازي الأتراك، يا أختو “أسدغي”، ربما كان اسمك “تاشخون” أو “تيغتس” .. لا أذكر، لا أذكر..

-لا يهم، يا أخي، أنا أحب اسمي هذا، المهم أننا عثرنا على بعض.

-الحمد لله، أين أمك يا “أسدغي”.

-في بيروت، نحن نعيش هناك، نحن أيضاً سنغادر الى الوطن.

-أنتم أيضاً ستسافرون الى “إيفيريك”. لنذهب سوياً، لكني سأذبح خروفاً على شرف أختي، وسندعي صهري.

-المجيء من بيروت الى هنا ليس بالأمر السهل يا “هاروت”، لا عليك، تذبح الخروف لاحقاً.

-يا “أسدغي”، نحن قطعنا مسافات طويلة وقمنا برحلات منهكة ووصلنا الى هنا، سنحضر صهرنا الى هنا، وكفى، انتهى الأمر.

تدّخل “سديبان” وقال: – أنا سوف أرسل له برقية لكي يأتي.

-يا أخي “سديبان”، الله يحميك، حسناً تفعل، أشكرك، سأدفع كل التكاليف وليحضر صهري “الخص نص”.

وبعد يومين أو ثلاث، وصل “جورج” زوج “أسدغيك”، فقام “هاروت” بذبح كبش سمين، فأكلوا وشربوا وبكوا وفرحوا لهذا اللقاء بعد فراق دام إثنين وثلاثين عاماً. كانت الأخت والأخ يروون عذاباتهم وكانت القصص قد خلقت من حياتهم المؤلمة. كم كانت المرارة ساكنة فيهم، أما الآن، فهما يحمدان الرب بأنهما وجدا بعضهما بعضاً.

كان “جورج” و”سديبان” يحبان الأكل والشرب، وقام “هاروت” بتحضير المنسف من لحم الخروف والرز بنفسه على اعتبار أنه تربى عند البدو. وكانت الأكلة التي صنعها بالسمن شهية وطيبة المذاق، فأكلوا وشربوا وبكوا وضحكوا.

كان الكبش الثاني يشوى على النار، لم يأكل الجميع تقريباً عدا “هاروت” لحماً بهذا القدر في يومين أو ثلاثة، فالكبوش في حمص طيبة المذاق.

وبعد عدة أيام، عاد “جورج” مع زوجته وولده الى بيروت، وقرر “هاروت” أن ينضم إليهم، فهذه أول مرة يرى فيها بيروت وقد سمع الكثير عن شهرتها. ذهب ليشتري الثياب البالية ليبيعها فهو يعرف تاجراً يعتبر من أكبر تجار المدينة.

بعد أن تعرف على بيروت قليلاً ذهب “هاروت” و”جورج” الى التاجر المشهور، وفي أثناء ذلك كانت “أسدغيك” و”جورج” يحاولان وبقدر ما استطاعا أن يعّرفا أخاهم الجديد “هاروت” على أذواق بعض المأكولات اللبنانية. وكان “جورج” وهو العشّي المعلم ينجح في أن يسّيل لعاب “هاروتيون” ويجعله يشتهي الطعام طيب المذاق الذي يصنعه.

وبعد وصولهم الى بيروت بيومين أو ثلاثة أخذ “جورج” صهره “هاورت” الى متجر التاجر المعروف، وكانت حزم الملابس الضخمة تدهش “هاروت” الذي لفت نظر التاجر بحركاته ولباسه البدوي، وقام الأخير بغمز “جورج” وقال:

– يا “جورج”، هذا الرجل دسم أليس كذلك، حسناً فعلت بأن أحضرته الى هنا، فالذهب الذي يملكه البدو أمثاله في زنارهم يملأ سطولاً بحالها، سطولاً. الآن سأتصرف بحيث ترقص ليرات الرجل أمامي، يا الله، سأحلبه جيداً وأعطيك حصتك، لا تخف..

كان “جورج” قلقاً وأراد أن يفهم التاجر أمراً ما بإشارات عينيه وحاجبه، أما التاجر فأقسم أن يسّيل ليرات البدوي كالعرق المنصب في الحمام.

سعل “جورج” ليلفت نظر التاجر، وقال: – يا صديقي، هذا الرجل ليس بدوياً رغم لباسه.

-وماذا عن الوشم على يديه ووجهه.

-هذا الرجل ليس بدوياً، لقد التجأ عند البدو لكي ينجو أثناء التهجير.

-هذا مثير، أيكون الرجل أرمنياً.

-وهو نسيبي أيضاً، إنه الشقيق الحقيقي لزوجتي “أسدغيك”.

-سبحان الله..

-والله العظيم، فالرجل يستعد للهجرة الى أرمينيا.

-وهل أرمينيا بحاجة لأرمن بدويين مثله؟

-عثرنا عليه حديثاً في حمص.

-إيه، وهل يذكر شيئاً عن أصله ومدينته؟

يتذكر الشيء الكثير، رغم أنه نسي الكثير أيضاً، لقد روى الشيء الكثير عن مدينتهم “إيفيريك”.

ماذا تقول، يعني أن الرجل من منطقتنا “إيفيريك” ؟

يا معلم، يا سيدنا أنا من “إيفيريك”.

يا إلهي، ابن من أنت؟ من أي عائلة أنت؟

سيدنا، أنا “ساراجيان”، بيت “ساراجيان”..

في أثناء ذلك، كان التاجر يجفف العرق على رقبته الغليظة وجبهته، ويجفف.. اكتشف أن الرجل الذي كان سيسلبه هو ابن بلده.

-أنت.. أنت من بيت “ساراجيان” ؟

-والله العظيم أنا “سراجيان” ..

-يا “جورج”، أنا سأجّن، يا رجل، ماذا كان يعمل والدك، هل تذكر؟

-معلوم.. والدي كان يصنع البسطرمة والسجق.

-يا ولد، أأنت ابن “بوغوص البسطرمجي” ؟

-أكيد، البسطرمة والسجق التي يصنعها والدي كانت تصل الى استنبول.

-يا إلهي، يا “جورج” صهرك هذا هو قريبنا أيضاً. سأرسل خبراً لأختي فقد كانت مقرّبة من “بوغوص”، ونادى على صانعه وقال: يا “أرداش” اذهب ونادِ أختي “خانم فارتوهي”.

ولم تمض نصف ساعة حتى دخلت “فارتوهي”، سيدة في منتصف عمرها.

-يا أختي، انظري جيداً لهذ الرجل، هل تعرفينه؟

بعد أن نظرت “فارتوهي” بوجه البدوي قليلاً عانقته.

-“هاروت” يا حبيبي، يا “هاروت” يا غالي…

لم تتمكن الامرأة من التحدث. فالرجل كان صورة طبق الأصل من والده “بوغوص”، قبّلته رغم الرائحة التي كانت تفوح منه.

-أيا أختي، أعرفتِ هذا البدوي إذاً.

-وهل هذا سؤال، يا أخي. هذا ابن “البسطرمجي بوغوص”، كان بيتهم قريباً من بيتنا وكان “هاروتيك” يتربى عندي، وكيف لا أعرفه. يا الله، وهل كنا سنرى هذا اليوم!

كان الغذاء دعوة على حساب تاجر البالية “الإيفيريكي” في مطعم “كوبولي”، وكانت الطاولة عامرة، ولكن الحزن والتأثر كان يخنق الجميع. ولا أحد يستمع الى إصرار التاجر ليأكلوا ويشبعوا.

وقالت “فارتوهي”: – يا “هاروتيك” ..

-وهل تدلعين رجلاً ضخماً مثله باسم “هاروتيك” ؟

-لقد كبر على يدي، وسيبقى “هاروتيك”. هل تعرف يا بني يا “هاروت” ..؟

-ماذا أعرف..؟

-أن والدتك وأخاك حيان، يرزقان!

فتطايرت الشوكة من يده واللقمة من فمه وقال “هاروت” :

-أمي أنا؟ وأخي.. أين هما يا “ماما فارتوهي”.

-إنهما في أمريكا، وبخير.

“أسدغيك” التي دعيت في اللحظة الأخيرة ارتبكت كثيراً، عثرت بسرعة على شقيقها الحقيقي، وها هي الآن تعثر على أمها الحقيقية وأخيها الآخر. كانت يداها ترتعشان، ولا تستطيع فتح فمها لتأكل تلك المأكولات السخية والشهية.

يا عيني، أنا أتيت بكم الى هنا لكي نفرح ونحتفل، ما هذا البكاء والنحيب. هيا، ارفعوا الكؤوس للحب ولنشرب نخب الأموات …

-عفواً، نخب المقتولين والمذبوحين..

-صدقت يا “جورج”، يا صهر، أنت صهرنا بعد الآن. لنشرب نخب الشهداء الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم، نخب ذكرى الشهداء القديسين، وثم نخب “هاروت” و”أسدغيك” ونخب والدتهم وأخيهم البعيدين، نخبكم جميعاً يا أحباء، نخبنا جميعاً.

وتصادمت الكؤوس لتخلق لحناً متناغماً، وثم رفعت نحو شفاه الحضور.. وفي ذات اليوم كتبت “فارتوهي الإيفيركية” رسالة الى زوجة “بوغوص البسطرمجي”. لم يتأخر الجواب، وأرسلت والدة “أسدغيك” صورتها الأخيرة وفي يدها فنجان قهوة. لقد فعلت السنين وكذلك الشقاء المفروض فعلتها.

كتبت الامرأة التي تؤمن بالعثور على “هاروتيون” أن الصبي كان بعزم قوي في أيام التهجير. أما “أسدغيك” فمن الصعب أن تكون ابنتها، لأنه ليس لها ابنة بهذا الاسم، فاسم ابنتها هو “تيغتسانيك”، وثم أنها هي بيدها، وياليتها انكسرت، تركت ابنتها خلال الترحيل تحت شجرة. فكم كانت ضعيفة ابنتها “تيغتسانيك” بسبب الاسهال والاستفراغ. عبرت مناطق شبه صحراوية فلا ماء ولا غذاء. فقد رأت أنه من الأفضل أن تترك ابنتها الحبيبة تحت الشجرة لتواجه قدرها القاسي. وبقدر ما يكون موتها سريعاً بقدر ما هو أفضل بالنسبة لها، ربما نهشت بها الوحوش في نفس تلك الليلة.

وفي الرسالة التالية، أعلمتها أن اسم “أسدغيك” أعطي لابنتها “تيغتسانيك” في الميتم، ورغم الندبة فوق أنفها فهي جميلة وكائن فريد مثل آلهة الجمال عند الأرمن “أناهيد”. وكدليل إضافي، كتبت تفاصيل الندبة على أنف “أسدغيك-تيغتسانيك” التي أبدعها “هاروت”.

بدأت “أسدغيك” تكاتب أمها رغم أنها لا تنوي تغيير اسمها الجميل، والآن هي تملك والدتين ووالدين، أم وأب حسب علوم الحياة وأم وأب تبنياها. ربما هي كائن محظوظ رغم أن والدها “بوغوص البسطرمجي” لن يظهر أمامها أبداً.

وبعد عدة أشهر، عاد “جورج” وزوجته وابنه الوحيد الى الوطن، فقد قصد تلك الخطوة التي بادر بها صهريه “ألبيرت كارجيكيان” و”جوزيف”.

“هاروت” الذي انتظر دعوة الجد ستالين من كل قلبه وروحه للإطاعة والعودة الى الوطن، تراجع عن فكرته عندما تأكد أنهم لن يأخذوه الى “إيفيريك”، وما معنى أرمينيا دون مدينته “إيفيريك”..؟

وبعد 15 عاماً، مضى “هاروت” وحده الى أرمينيا، فشوقه لأخته “أسدغيك” دفعه لذلك.

وابنة “هاروتيون” التي ورثها تزوجت في حلب، بقيت هناك، أما الابن “هاروت” ففضّل أن يبقى في دمشق. انضمت “فيرجين” وأولادها الـ11 لزوجها ووالدها وهاجرت الى أرمينيا، وحازت على وسام “أوكتوبر” من المستوى الرفيع لكثرة إنجابها.

أما “ماري” زوجة “هاروت” فتوفيت بعد شهر من وصولها الى أرمينيا. ولم يبق “هاروت” دون زوجة، فتزوج من جديد.

وصار ابنه “بوغوص” طالباً جامعياً وتخصص باللغة العربية والتاريخ لمعرفته بالعربية. وبعد ثلاثين عاماً انتخب أحد أصدقائه “ليفون” رئيساً لجمهورية أرمينيا واستأمن “بوغوص” على منصب قنصل أرمينيا بحلب. وعثر في سوريا على شقيق “هاروت” وشقيقته “آنوش”، وبناء على طلب عمته الملح عثر على أقرباء شقيق “أسدغيك” “أسديبان” في كسب.

شارك “بوغوص” في الوفد الرسمي الذي رافق رئيس جمهورية أرمينيا أثناء زيارة سوريا كمترجم وقنصل. وحسب المراسم الرئاسية خلال دعوة الغذاء الرسمية يتجنب المترجم البدء بالأكل قبل الانتهاء من ترجمة خطاب الرؤساء، لكن بما أن “بوغوص” يحب الأكل وبما أنه كان يشعر بالجوع تسلح بالشوكة والسكين وبدأ الأكل. وحينها أومأ الرئيس السوري القائد حافظ الأسد قائلاً: – يا بوغوص، مراسمنا لا تسمح لك بالأكل..

أسرع “بوغوص” ابن “هاروتيون” الناجي من الصحراء وأجاب: – سيدي الرئيس، ألم تسمع بما قاله الخليفة العظيم علي بن أبي طالب.

ماذا قال؟

قال ذلك الحكيم أنه لو كان الجوع رجلاً لقتلته.

فرد الرئيس وقال: – كل يا بوغوص، كل، ألف صحة. وأومأ لرئيس أرمينيا ليفون قائلاً: – يجدر بمترجمك هذا أن يكون رئيساً.

* * *

روى لي قصة “أسدغيك” و”هاروت” ابنة “سديبان” شقيق “أسدغيك” “أليس كارجيكيان” التي تبنوها ولكنها قريبة منهم جداً، وهي زوجة “فارتكيس كارامارديان” من كسب، وقد قامت “صونا كوزيليان” ابنة الخياطة (من سيباسديا) “فيرجين كوزيليان” بالتحدث إليها.

خصص لي ابن “هاروت” بالتبني “هاكوب كارابيديان” تفاصيل قيمة وإضافية في مكتبه بدمشق.

قصة من كتاب “شهادة مدى الحياة..من آرام الى آرام” للكاتب كيفورك أبيليان، ترجمة د. نورا أريسيان، عنجر، 2006.

من خلال مؤتمر عن الإبادة الأرمنية في بغداد .. الأرمن في العراق يطالبون تركيا الاعتراف بـ”الإبادة الجماعية”

$
0
0

طالب الأرمن في العراق، الحكومة التركية بـ”الاعتراف بجريمة الإبادة الجماعية” التي وقعت بحقهم قبل 100 عام، وفيما لفتوا إلى أن الجرائم لا تموت “بالتقادم”، أكدوا استمرارهم بالضغط على تركيا لحين تحقيق هدفهم.

وقال وزير العلوم والتكنولوجيا فارس ججو في حديث إلى (المدى برس)، على هامش عقد مؤتمر خاص بإبادة الأرمن في فندق منصور ميليا وسط العاصمة بغداد، إن “هذا المؤتمر عقد ليثبت حقيقتين الأولى، أن الجرائم لا تموت بالتقادم، والثانية أن قدسية حياة الإنسان تسمو فوق كل المسميات”، مبيناً أن “الارمن في العراق بصدى عمل مؤتمرات للضغط على الحكومة التركية للاعتراف بجرائم الإبادة التي أقدمت عليها قبل مئة عام بحق الشعب الأرمني”.

وأضاف ججو أن “الاعتراف بهذا الجرائم ليست إساءة للأتراك وإنما شجاعة”، معرباً عن “اعتقاده بأن الجرح سيلتئم إذا حضر الجانب التركي إلى طاولة الحوار واعترف بهذه الجرائم”.

من جانبه قال رجل الدين جعفر الأسدي في حديث إلى (المدى برس)، إن “دعمنا ومؤازرتنا للأرمن هي ليست بالأولى وما تعرض له الأرمن قبل 100 عام وما تتعرض له الإنسانية اجمع في العراق من جرائم تحت مسميات عدة هي تعطي  الصورة ذاتها للجريمة”.

وأعرب الأسدي عن استغرابه “من عدم اعتراف الجانب التركي بهذه الجريمة رغم وقوعها منذ مدة طويلة”، مؤكداً أننا “كمسلمين ندعمهم لحين الحصول على مبتغاهم”.

وكان العشرات من العراقيين الأرمن في العاصمة بغداد، تظاهروا (23 نيسان 2015)، لمطالبة الحكومة التركية بالاعتراف بـ”الإبادة الجماعية” التي تعرضوا لها عام 1915، واكدوا أن الاعتراف بها “سيفتح آفاق السلام”، فيما لفتوا إلى أن سيطرة تنظيم (داعش) على بعض المناطق في العراق “اعادهم إلى ذكرى الإبادة المليونية للأرمن”.

واتهمت الدولة العثمانية بارتكاب ما يسمى (المحرقة الأرمنية والمذبحة الأرمنية أو الجريمة الكبرى)، بحق السكان الأرمن خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل القسري ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن تتراوح ما بين 1 مليون و 1.5 مليون نسمة عندما هاجمت الامبراطورية العثمانية السريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم، وتعد مذابح الارمن من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ وكان هدفها القضاء على الأرمن، في حين ترفض تركيا وريثة الدولة العثمانية الاعتراف بهذه الابادة.

المدى برس/ بغداد 

أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك: لن ننسى دور الأزهر في احتضاننا ورعايتنا.. سعد زغلول أنقذنا من سقوط ضحايا جدد

$
0
0

أكد المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، أن الاتحاد الأوروبى يرفض طرق تركيا أبوابه، لأنه يراها دولة إرهابية تدعم وتساند الجماعات الإرهابية المتطرفة، مشيرا إلى أن السببين الحقيقيين وراء سعى العثمانيين إلى إبادة الأرمن هما الغيرة والحسد، مشددا على أنه لا مستقبل للعلاقات الأرمنية التركية في ظل رفضهم الاعتراف بجرائم أجدادهم.. وإلى نص الحوار:

*مضت الذكرى المئوية للإبادة الأرمينية والتي جاءت تحت شعار «أتذكر وأطالب».. فما الذي يتذكره ويطلبه الأرمن؟

نتذكر كل ما حدث لآبائنا وأجدادنا، ونطالب بحقوقنا وبعدالة، وأن يعطى الأتراك الاعتراف الكامل بقيامهم بالمذابح الأرمينية قبل مائة عام أمام العالم أجمع، نحن نطالب معنويًا ومن ثم نطالب ماديًا، والمطالبة المعنوية بأن يعطونا قيمتنا والتي تعبر عن وجود الأرمن في العالم في الماضى والحاضر والمستقبل.

*وبكم تقدر ممتلكات الأرمن بتركيا؟ 

أولا تقدر بالأرض التي أخذوها، فتراب الوطن غال، ونريد منهم إعادة الأراضى الأرمنية المغتصبة لنا، وهذا جزء من الاعتراف الذي هو فضيلة في الأساس، وثانيًا إعادة كل ما بنى على أرض الوطن من مدارس ومستشفيات وكنائس وأديرة ودور مسنين، وغيرها.

*وما الجديد في احتفالات هذا العام بذكرى المذابح؟

الاحتفالات المئوية هذا العام بدأت 12 أبريل الماضي في روما حيث أقام الكاثوليكوس البطريرك نرسيس بدروس التاسع عشر مع أساقفة الأرمن الكاثوليك قداسا في بازاليك القديس بطرس بالفاتيكان، وبحضور قداسة البابا فرانسيس، وأقيم القداس باللغة الأرمنية ولغات عديدة وتمت إذاعته مباشرة على عدة قنوات أجنبية وعربية، وبهذه المناسبة تم طبع رسالة رعوية من قداسة البطريرك نرسيس بدروس، لكى نعرف العالم متى وكيف ولماذا حدثت الإبادة الأرمنية، أيضا نشر الفاتيكان ثلاثة طوابع الأول يمثل الصليب المقدس المنقوش على الحجر أو الصخر والذي يثبت تراث الشعب الأرمني ويظهر الإيمان الذي نتحلى به والذي لن يتزعزع ولن ينتزع منا، والثانى في أثناء الإبادة كان هناك أسقف شجاع قتل الأتراك أمامه 417 شخصا بعد صلبهم، ثم طلبوا منه الاعتراف بدولة تركيا ونكران الديانة المسيحية، لكن بهذه الصورة البشعة التي صدرها الأتراك عن الإسلام رفض الدخول فيه، فجميعنا يعلم أنه لا إكراه في الدين، وهنا قتل الأسقف وحمل الطابع الثانى صورته، ثالثا أثناء قداس الإبادة أعلن البابا فرانسيس القديس كريكور ناريكاتسيكريكوار معلما في الكنيسة الجامعة لكتاباته اللاهوتية والشعرية التي تتحدث عن اللاهوت، وهو بمثابة القديس أوغسطينوس لدى الكنيسة اللاتينية، والمعروف بحياته النسكية.

*تعرض الشعب الأرميني لأبشع الجرائم الإنسانية.. في رأيك ما الأسباب الحقيقية وراء سعى الأتراك لإبادتكم؟

السبب الرئيسى هو أن شخصيات كثيرة من الشعب الأرمني كان تتبوأ أكبر المناصب في الدولة العثمانية، وهذه المناصب كانت تدخل الحسد والغيرة في قلوب العثمانيين، وبدءوا من سنة 1891 بتغيير أسماء العائلات الحقيقية للأرمن، حيث لقبوهم بأسماء حرفهم وصناعاتهم والتي تداولت بين الناس، وعرفوا بها كالنحاس والبصمجي والترزي وأصلها ترزيان، أيضا منع العثمانيون اللغة الأرمينية في المدارس وطبع الصحف الأرمينية، وحتى في تركيا –الأرض المغتصبة- منع الأرمن من الحديث باللغة الأرمينية في الشوارع، ومن يتحدث بها يقتل فورًا.
*وهل هذا يعنى أن الأتراك كانوا يخشون العقل الأرميني؟

الإخلاص والأمانة يجريان في قلوب وعروق الشعب الأرميني بشهادة شعوب العالم، ولذلك الأتراك أرادوا أن يبيدونا لكى يبيدوا أيضًا الإخلاص والأمان من تركيا، ولهذا يقتلون فيما بينهم الضمير حيث لا توجد حياة وتدب الفوضى، ونفقد الأمل والسلام، والأرمن معروفون بمهاراتهم الثقافية والفنية والحرفية والرياضية والطبية، نحن نعتني بها جيدًا ولهذا نبقى أمناء على التراث، وهذه المهن الصناعية الفنية اليدوية، وأنا أتذكر جيدا عندما قال أحد الأتراك إنهم سيقتلون الأمة الأرمنية لكن سنترك شخصًا واحدًا نضعه في المتحف، ولكن الأرمن لديهم الإرادة القوية والأمل ولا نخاف من الموت، فقد أباد الأتراك 1.5 مليون قبل مائة عام، واليوم الأرمن منتشرون في شتى أنحاء العالم.

*على الرغم من إبادة 1.5 مليون أرمنى فإنهم لم يندثروا كأمم أخرى.. فكيف حافظوا على وجودهم؟

نحن نحتفل بعيد شهدائنا في 24 أبريل من كل عام، ودائما في هذا الشهر نحتفل بعيد القيامة وهو العبور من الظلام إلى النور من الموت إلى الحياة، وهذا هو رجاؤنا وإيماننا، ولذلك يقول لنا السيد المسيح «لا تخف أيها القطيع الصغير، أنا معك على طول» ونحن متمسكون بهذه الكلمات ونتقوى بها ونضع الأمل أمام أعيننا، فمن يؤمن بالله لا يموت أبدا، حيث نعيش مع أبناء البلاد التي فتحت لنا أبوابها، ونخلص لها.

*وكيف ترى إصرار تركيا على خرس الألسنة التي تنادى بالاعتراف بالإبادة؟

الاعتراف هو فضيلة، ومن يعترف بأعماله ويعتذر يدعى هذا الإنسان كبيرا، لأنه عرف خطأه وتراجع عنه، أما الأتراك فلا يريدون لا التواضع ولا الرجوع عن أعمالهم، وهذا يتضح الآن فيما تفعله تركيا بالدول المجاورة لها من دعم الجماعات والمنظمات الإرهابية بالأموال والسلاح، والسماح لهم بالمرور عبر أراضيها ليشنوا الحروب على مواطنيها.

واليوم تركيا تسعى إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، وهناك صعوبات كثيرة أمام تركيا حيث ترفض أوروبا فتح أبوابها أمام الإرهابيين، حيث ترى أنهم يقتلون ويستخدمون الدين الإسلامى كوسيلة لتحقيق أغراضهم، وجميعنا يعرف أن الدين منهم براء، فنجد في القرآن الكريم والإنجيل المقدس والتوراة وصية الله تعالى “لا تقتل”.

*وبم تفسر محاولات أردوغان إظهار اهتمامه بآلام الشعب الأرميني؟

ما يفعله الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مجرد تمثيلية يجسدها أمام العالم، وتنتهى بكلمة واحدة، وهى «نعتذر» ويطلب من الشعب الأرميني أن يغفر لهم جريمتهم، وذلك لن يكون إلا بعد الاعتراف بالمذابح والإبادة.

*وفى توقعاتك.. هل تعتذر تركيا وتعترف بالإبادة؟

في عام 2009 كانت هناك مساع للمصالحة مع الجانب التركي، وتم الاجتماع بسويسرا، حيث توقع اتفاقية بين أرمنيا وتركيا، وعبر الجانب الأرميني عن استعداده للمصالحة والمسامحة بشرط الاعتراف مع أخذ حقوقنا كاملة، لكن سحبت تركيا يدها ورفضت التوقيع على الاتفاقية، وبالتالى لن تعترف تركيا أبدا بارتكاب جرائمها في حق الشعوب.

*وفى حال اعتراف تركيا بالمذابح.. هل يطوى ذلك صفحة الشهداء من التاريخ؟

بالطبع لا، فالشهيد بطل لا ينسى، والاعتراف لن ينتزع منا الاحتفال بشهدائنا كل عام، فهذا أمر اعتدنا الاحتفال به من مائة عام، حيث يحتفل معنا العالم بأكمله ما عدا تركيا بإحياء ذكراهم، فهم استشهدوا في سبيل حياتنا، ودائما نقول في الإنجيل “حبة الحنطة لازم تقع على الأرض كى تعطى ثمارا”.

*وكيف ترى تعاطف المجتمع الدولى مع القضية الأرمينية؟ وما طلبات الأرمن منهم؟
إذا كانت الحقوق تعطى من الأمم المتحدة والدول الكبرى ومنظمة حقوق الإنسان، والتي تنظر لكل المشردين والمضطهدين والمسلوب أراضيهم، عليها الرجوع بضميرها إلى 100 عام خلت، وتطالب الأتراك بالاعتراف بالإبادة، لأن أول مذبحة شنيعة وكبيرة حدثت في القرن العشرين، هي الإبادة الأرمينية.

ونحن نطلب الاعتراف بها، لأن اليوم تحدث إبادات في بلادنا وأوطاننا، ونطالب بوقف تلك الأعمال الإرهابية، ويعيش الإنسان في سلام ومحبة، وعوضا عن أن نغلق الحدود بيننا ونضع عراقيل تعالوا نبنى الجسور ونمد أيادينا لبناء الأوطان بثقافة المحبة.

*وكيف ترى مستقبل العلاقات الأرمينية التركية ؟

الأرمن دائمًا يمدون جسور النور والمصالحة والمسامحة إلى تركيا التي قامت بإبادتنا منذ مائة عام، ونطالبها بالاعتراف، والأتراك ليست لديهم الشجاعة والتواضع للاعتراف بذلك، فهم شعب عنيد لا يقبل بحقيقة ما فعله أجدادهم، وظهر الآن بعض الأتراك الذين يطالبون حكومتهم بالاعتراف.

كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني: “نتذكر ونطالب بالإنصاف”..إننا نقف معكم في مطالبتكم بالاعتراف والاعتذار

$
0
0

بعثت رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب النائبة آلا طالباني، برقية إلى سيادة المطران د. أفاك أسادوريان رئيس طائفة الأرمن الأرثوذكس في العراق تؤكد فيها وقوف شعب كردستان ضد جرائم الإبادة الجماعية للشعوب، ومساندتها لمطالبة الأمة الأرمنية باعتراف تركيا بالجرائم المرتكبة ضد الأرمن والأعتذار والتعويض.

وجاء في البرقية:

“نحن شعب كردستان الذي استهدفته حملات الإبادة الجمعية بالأسلحة المحرمة الدولية بدون تمييز بين طفل وامرأة حامل ومرضع وشيخ وطفل، في الأنفال وحلبجة وغيرهما كثير، نتفهم معاناة الشعب الأرمني وحجم الخسارة الفادحة التي تعرض لها على يد نظام الحكم العثماني المتخلف.

إننا نقف معكم في مطالبتكم بالاعتراف والاعتذار، ونتفق كلياً معكم في أن الاعتراف والاعتذار والتعويض يشكل درساً ومصداً لمنع تكرار مثل هذه الجرائم الوحشية في استهداف شعوب بكاملها بقصد وآد طموحها في الحرية وحق تقرير المصير.

إن شعب كردستان يكن اصدق مشاعر الاحترام والتقدير لشعبكم، ويثمن عالياً دور الطائفة الأرمنية في العراق منذ آلاف السنين، ونقف معكم في التصدي بحزم لمحاولات تمييع قضية الإبادة الجماعية للأرمن، وسنظل نتذكر هذه المأساة ولن ننساها وسيظل شعارنا معكم مرددين “نتذكر ونطالب بالإنصاف” من الأسرة الدولية ومن ورثة النظام العثماني.

وسيظل مرور قرن كامل على الجريمة شاهداً بان ذاكرة الشعوب لن يمحوها القمع، وما ضاع حق وراءه مطالب”.

Viewing all 6788 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>