Quantcast
Channel: ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية
Viewing all 6774 articles
Browse latest View live

مائة عام على إبادة الأرمن “التواصل الثقافي والمطلب الإنساني”

$
0
0

download 

*د. عبد الوهاب خزعل ود. ياس خضر

تتباين فلسفات العيش والحياة والوجود الإنساني بموقفها من وجوده، فأقرت هذه الفلسفات بأساليب معيشته وتعددها وتباينها وسبل إدراك ماهيته وطبيعة وجوده وحقيقته الفعلية، وعلى الرغم من الاتفاق الإنساني بمختلف تعبيراته على أهمية التعاضد البشري للرقي بمستواه الوجودي، إلا أن هناك بعض التمظهرات دينية كانت أم أيديولوجية أو غير ذلك تبتسر هذا المبدأ (التعاضد البشري) بما يغلًب نزعتها الاستحواذية ومصادرة حقوق الآخر بمنطق سفسطائي المولد عنه أنماط سلوكية تتراجع بحدتها إلى مستوى البهيمية، بل أدنى من ذلك بحسب ما ثبته عالم الانثروبولوجيا الأمريكي جارد دايموند (J. Diamond) في كتابه “صعود الشمبانزي الثالث وسقوطه”.

وعلى ضوء ما تقدم يمكن أن نفسر الفعل الإبادي الجمعي  (Genocide collective action)بوصفه استهدافاً وجودياً تاماً وقصدياً (يفلسف) إبادة وجود إنساني غير متورع بارتكاب ما يحقق هذه القصدية الشاذة عن المتبنيات الأخلاقية السوية.

ولا يخفى على المهتمين بتتبع مراحل التطور الإنساني ما نظًر له كبار المفكرين بشتى مشاربهم بارتقاء الانسان عبر تاريخه (بالضرورة والحتمية التطورية) إلى مرحلة التعايش المجتمعي بعد أن مر بمراحل معتمة سادت فيها الصراعات الدموية، وهذا يعني على ضوء أطروحات (أوغست كونت وفيكو وكارل ماركس وغيرهم) أن الركون إلى الصراعات هو تقهقر بمستوى الإرتقاء الإنساني، وبذلك يكون الفعل الجينوسايدي فعلاً نائياً عما حققته الإنسانية من تقدم بكل الأصعدة لاسيما فيما انبثق عنها من تشريعات وقيم وأديان تعزز وحدة الوجود الإنساني.

وعلى الرغم من (تفاؤلات) المفكرين آنفي الذكر ومن حذا حذوهم بمستقبل كوني مشرق التي تعد بمثابة (القانون)، إلا أن هذه التفاؤلات قد تقوضت بعض ركائزها الطامحة إلى الشمولية، بانبثاق نزاعات التدمير والفتك بمقومات الوجود العيني والثقافي في بعض المجتمعات الحديثة ضد مكونات معينة والمؤطرة بما بيّنا، وكانت الإبادة ضد الأرمن إبان نهايات العصر العثماني أول ما يمكن عدّه (إبادة جماعية) في العصر الحديث (1915) التي يقدّر المهتمون بها وقوع أكثر من مليون ونصف المليون ضحية لم يميز القائمون بها بين رضيع أو مسن، إمرأة أو رجل، سقيم أو صحيح… ناهيك عما صاحب عمليات القتل الجماعي-بأبشع الوسائل- من تهجير وتسخير بربري واستئصال للرموز الثقافية والدينية وما إلى ذلك…

(على قاعدة من فمك أدينك، أثبت كثير من الوثائق التركية وقوع الإبادة الجماعية ضد الأرمن وما رافقها وتلاها من عمليات استئصال منها على سبيل المثال لا الحصر: تانير أكتشام، “عمل مشين، الإبادة الأرمنية وقضية مسؤولية تركيا”، ويوسف حلاج أوغلو، “تهجير الأرمن، 1914-1918 (الوثائق والحقيقة)”، ترجمة أورخان محمد علي، و”مذكرات أنور باشا” التي حررتها حفيدته عام 1914 والمترجمة في عدة دور نشر عربية).

وأمام هكذا أهوال يعجز البيان الكلامي والرمزي عن تمثل صورة من صورها يحق للقارئ أن يتساءل وخصوصاً الأرمني ومن يماثله ممن وقعت عليه أو على أجياله السابقة مروعات الإبادة الجماعية: ما قيمة ما سُطر من مقالات وأبحاث ودراسات وتوصيفات في التاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع والفن ومختلف مخاضات العلوم الإنسانية، وما زالت آثار الإبادة ماثلة، حتى أن مساحة الاعتراف القانوني بها ولو معنوياً ضيقة؟ (بلغ عدد الدول التي اعترفت بالإبادة الجماعية بحق الأرمن 22 دولة فقط).

ونحن مع هذا التساؤل ويحق لنا الإجابة بالاستناد إلى المنطق السياسي العام الذي يقضي بتغليب ما يدره الاعتراف أو الإدانة من مصلحة مع أطراف العلاقة. وبذلك تكون القرارات السياسية محددة بهيئات (رسمية) قد تشط عن الأخلاق العامة ما لم تواجه ضغطاً شعبياً يسيّرها مبدأ (وحدة المصير الإنساني).

ولعل أول خطوة عملية للوقوف ضد أفعال الإبادة الجماعية في مختلف أصقاع الأرض الشروع بتأسيس تشكيل ثقافي عالمي غير رسمي يضم بعضويته كل من يقف ضد هذه الأفعال، ليشكل تنظيماً عالمياً يطمح إلى القيام بحملات تواصلية مباشرة، وافتراضية عبر موقع الكتروني موحد ليصل صوت ملاييني إلى أصحاب القرارات التي تدين كل أنواع الإبادات في العالم، وتمنع تكرارها. هو طموح قد يبدو يوتيوبياً ولكن ما تولد عن اليوتيوبيا عبر التاريخ كثير ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.

* أساتذة في قسم الأنثروبولوجيا التطبيقية – كلية الآداب – الجامعة المستنصرية- العراق، وأعضاء اللجنة العلمية للمؤتمر الدولي لإحياء الذكرى المئوية للإبادة الجماعية الأرمنية في العراق.

(مقالة صدرت في العدد الخاص الذي أصدره ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية في 24 نيسان 2015 بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية)


كيشيشيان في لقاء روحي: مصرون على التعايش الاسلامي المسيحي الا اننا ضد التطرف والارهاب ونحن واثقون ان الاسلام براء من هذه الآفة

$
0
0

1445756283_ 

وطنية – ترأس رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي اللقاء الروحي الذي دعا اليه، لمناسبة عيد شفيع الكنيسة الكلدانية في لبنان الملاك رافائيل، لمناسبة زيارة كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا ارام الاول كيشيشيان لمطرانية الكلدان في بعبدا – برازيليا.

حضر اللقاء ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج، ممثل الرئيس أمين الجميل الدكتور فرج كرباج، ممثل رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون النائب ناجي غاريوس، ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع العميد وهبة قاطيشا، ممثل وزير الخارجية جبران باسيل غازي جبرايل، ممثل النائب سليمان فرنجية بيار بعقليني، ممثل قائد الجيش ومدير المخابرات العقيد الركن رودولف هيكل، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص العقيد انطوان الحلو، الامين العام للجنة الحوار الإسلامي – المسيحي محمد السماك، ممثل لقاء مسيحيي المشرق فؤاد ابو ناضر، القائم باعمال السفارة العراقية في لبنان يبرخان شوقي، السكرتير الثاني في السفارة صباح توما، رئيس بلدية الحدث جورج عون والوفد المرافق، الرؤساء العامون الاباء الكهنة والشمامسة والراهبات، رؤساء وأعضاء مجالس الكنيسة الكلدانية في لبنان وأبناء الرعية اللبنانيين والعراقيين والسوريين.

ترحيب
بداية كانت كلمة ترحيب من رئيس الرعية الذي قال: “ترتدي كاتدرائية بيروت الكلدانية أبهى حللها في استقبال راعي الأمة المسيحية الأولى، يزور لأول مرة مقر الكنيسة الكلدانية في لبنان، شريكة الأرمن والسريان والأشوريين واليونان في حمل صليب التهجير والاضطهاد والإبادة منذ فجر المسيحية، مرورا بمأساة العام 1915 والى يومنا الحاضر!”.
واضاف: “أهلا بكم يا صاحب القداسة، تحملون إلينا بركة القديس غريغوريوس المنوِر وغريغوريوس النازكي معلم الكنيسة الجامعة والمتلالىء بالنسك والهائم بالعشق الالهي مع أخيه افرام السرياني، زينة المتوحدين وكنارة الروح يسطعان كلاهما كنجمين لامعين في سماء شرقنا الداجي ويشفعان بنا لدى الجالس على العرش! أهلا وسهلا بكم جميعا في هذه الكاتدرائية التي تحيي في مناسبة عيد شفيعها، الذكرى العطرة لسحابة طويلة من الشهود، أبطال الإيمانِ، بذلوا دماءهم الزكية على مذبح إيمانهم بالناهض من القبرِ ملاشيا سلطان المنون… لتبقى مآثرهم مصباحا يرشدنا الى مبدأ الإيمان ومكمله… “وإننا لنحسن عملا إذا نظرنا إليه نظرنا الى سراج يضيىء في مكان مظلم، الى ان ينبلج النهار ويشرق كوكب الصبح في قلوبنا… !” (2 بط 1/19) “.

قصارجي
والقى المطران قصارجي كلمة بعنوان “خدمة الشهداء” “الحياة عندي هي المسيح والموت ربح” (فيليبي 2/21) جاء فيها: “الكنيسة الكلدانية معنية الى حد كبير جدا بالمجازر الوحشية التي شنتها قوى الظلام في الامبراطورية العثمانية العام 1915، الى جانب الكنائس الشقيقة، أي الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الآشورية والكنيسة السريانية الكاثوليكية والكنيسة الأرمنية الكاثوليكية، اضافة الى الكنائس ذات التقليد البيزنطي. ما يقارب مئتي ألف شهيد من إكليريكيين وعلمانيين سقطوا على مذبح الدفاع عن إيمانهم بالناهض من القبر في اليوم الثالث، ليسطروا بدمائهم العطرة تاريخ هذا الشرق المشرف، الذي يفوح منه عرف الشهادة الطيب الشذا معطرا الكون كله برائحة المسيح التي انعشت عالمنا الغارق في سبات الظلام وغياهب الموت”.

وتابع: “صاحب القداسة، ان حضوركم المبارك بيننا اليوم، لا يمثل فقط كنيسة عريقة رعت أول أمة مسيحية في العالم، بل يؤكد على تاريخ الشهادة المشترك الذي يوحد جميع الكنائس الشرقية التي نشأت ونمت على هذه الأرض المقدسة، أي في تركيا وأرمينيا وسوريا والعراق وإيران ولبنان الرسالة الذي هو امتداد روحي وجغرافي للأراضي المقدسة التي وطئتها أقدام المسيح وتلاميذه الأطهار. بعد مئة عام على هذه المجازر المأساوية والدموية، لا نستطيع ونحن محتفلون بعيد الملاك رافائيل شفيع الكنيسة الكلدانية في لبنان، الذي أرسل الى عائلة تعاني مرارة التهجير في سفر طوبيا في العهد القديم، إلا أن نتوقف عند حدث جلل طبع تاريخ البشرية بختم الخزي وعار العنصرية والفئوية وكلل رؤوس أبطال في الإيمان استحقوا الطوبى لمدى الأجيال. إن هذه الذكرى الأليمة تمتزج فيها ألوان من العواطف المتشابكة، فبينما نأسف لاستشهاد أجداد وآباء، نعتز بجهادهم ونفتخر بمآثرهم كأبطال في الإيمان يستحقون الطوبى وأكاليل الخلود والمجد… ومن ثم نحزن أيضا لأن التاريخ يكرر نفسه، على ما تشهد عليه مأساة العراق وسوريا… لا بل جلجلة الشرق الحزين الذي ينتظر بفارغ الصبر فجر اليوم الثالث… أما الشعور الأعمق والاكثر تأثيرا والذي تخلفه لنا هذه الصفحة التاريخية المكتوبة بمداد دام، فهو الشوق والحمية والرغبة في التشبث في الإيمان بالمسيح المصلوب بالرغم من العواصف العاتية ونوائب الدهر!”.

واردف: “الكنيسة الكلدانية هي كنيسة الشهداء وبهذا الاسم عرفت. لقد استشهد مبشرها القديس توما الرسول دفاعا عن إيمانه بالرب يسوع، وعلى خطى الشهادة سار البطريرك يوحنا سولاقا وقبله شمعون برصباعي. أما إذا أمعنا النظر في مجازر سفر برلك عام 1915 وقافلة شهدائها، فلا بد لنا من ذكر الأب الشهيد حنا شوحا والمثلث الرحمة المطران أدي شير والمطران يعقوب اوراها والمطران توما اودو ومار توما رشو… اضافة الى المعترفين، أي الذين احتملوا العذابات والآلام في سبيل إيمانهم بالرب يسوع، كمثل المطران مار اسرائيل اودو ومار سليمان صباغ ومار بطرس عزيز ومار اوجين منا … ما عدا الألوف من الإكليريكيين والعلمانيين الذين نالوا إكليل الشهادة وهم يتشفعون بنا اليوم في الملكوت السماوي”.

وتابع: “لم تكن مجازر “سفر برلك” محوا للعنصر البشري المسيحي فقط، بل طالت الحجر أيضا. إذ قد استحالت تلك الأديرة الأثرية النفيسة بكنوزها الروحية والتاريخية خرابا وهباء، كما اندثرت معالم دينية وثقافية وحضارية كبرى في “نصيبيين” وجبل “إيزلا” و “سعرت” و “وان” و “اورمية” و “سلامس” و “دياربكر” و “ميافرقين” و “الرها” و”ماردين” … مخلفة وراءها هشيما وحجارة اضحت اثرا بعد عين”.

وقال: “لقد اعترف قداسة البابا فرنسيس في شهر نيسان الماضي، بحقيقة الإبادة التي شملت الشعب الأرمني والسرياني والأشوري والكلداني. فجميعهم تعرضوا للتهجير والتعذيب والقتل في أماكن متقاربة جغرافيا ما بين العامين 1915 و 1918. هذا من شأنه أن يبعث في قلوبنا الرغبة المتقدة للشهادة معا للمسيح الذي نؤمن به جميعنا كإله ومخلص. إنها مسكونية الشهادة، تجمع أبناء هذه الكنائس، ليهبَ الروح القدس في حياتهم بزخمٍ أكبرَ، فيوحدون جهودهم مع جهود أبناء الكنائس الأخرى التي تفخر هي أيضاً بشهدائها، حتى نواصلَ جميعنا رفع لواء المحبة والمصالحة والتآخي وقبول جميع أنواع الاختلاف من هنا، من على هذه الأرض التي شاركْنا في بنائها ونحن جزءٌ لا يتجزأ من أبنائها وفيها نحن صامدون!

إننا ننضم الى قداسة الكاثوليكوس آرام الأوَل الكلي الطوبى، الى صاحبَي السيادة ممثَلي الكنيستَين السريانيَتين مار تيوفيلوس جورج صليبا ومار باسيليوس جرجس القس موسى، الى الأبوين سرغون زومايا وإيلي يغيايان… نضم صوتنا الى أصوات أصحاب السيادة الذين شرفونا اليوم بحضورهم والرؤساء العامين والرئيسات العامات والآباء والراهبات … الى صوت أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة الحاضرين معنا… نضم صوتنا الى أصوات ثلاثة آلافٍ وخمسمئة عائلة عراقية مهجرة تستقبلها أبرشية بيروت الكلدانية وتؤمن لها الخدمات على المستوياتٍ كافةً… نضم صوتنا الى أصوات جميع ذوي النيات الحسنة، لنطالب مراكز القرار الدولي التي نصبت ذاتها مدافعةً عن العدالة والمساواة وحقوق الإنسان وكرامة الفرد البشري حتى ترفع يد الموت والتهجير والعنف عن شعبنا في العراق وسوريا ولبنان وفي كل مكانٍ على وجه البسيطة يسمع فيه أنينٌ وتنهمر فيه عَبَرات الحزن والأسى!”.
وختم: “نشكر جميع الذين شاركوننا اليوم هذه الصلاة وجميع الذين حضروا لنجاح الاحتفال بهذه الذكرى المئوية لمجازر “سفر برلك”، ونخص بالذكر ولدنا الأستاذ انطوان حكيم رئيس المجلس الأعلى للطائفة الكلدانية في بيروت الذي تبرع بتكاليف النصب التذكاري، كما نشكر ولدنا كاتب الأيقونات بشارة راشد وولدنا ابراهيم حداد وابنتنا ميرا قصارجي وعائلة مطرانية بيروت الكلدانية بكافة افرادها ولا نغفل عن تحية الجوقة التي تواكبنا بترانيمها وجميع وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة. كما نهنىء أبناء الابرشية بحلول عيد الملاك رافائيل شفيع كنيستنا معيدين على وجه الخصوص حاملي اسمه ونذكر بهذه المناسبة المثلث الرحمات البطريرك ما روفائيل الأول بيداويد ونستمطر على جميعكم وجميعكن بركات الثالوث الأقدس، له المجد الى الأبد”.

الكاثوليكوس آرام الأول

وفي الختام، القى الكاثوليكوس آرام الاول كلمة جاء فيها: “بالمحبة المسيحية الحارة نشكر المطران قصارجي لدعوته لهذه الصلاة والتأمل معا واحياء ذكرى شهدائنا. علاقات اخوية قديمة تجمع الكنيسة الارمنية والكلدانية. ابناء كنيستنا في العراق وسوريا وتركيا ولبنان عاشوا معا وصلوا معا وتعاونوا معا وحتى استشهدوا معا في سبيل الحفاظ على ايمانهم المسيحي الراسخ”. وتابع: “لقد عرفنا البطاركة الثلاث الاواخر لكنيستكم وكان بيننا ولا يزال تعاون وثيق . ولنا ملء الثقة بأن هذا التعاون سيستمر وسنواجه معا التحديات والصعوبات الجمة في منطقتنا. كما قلت في مستهل كلامي، اننا هنا في هذه الكنيسة لنتذكر سويا شهدائنا، واود القول ان الشهيد هو الانسان الذي يضحي بحياته من اجل الايمان والقيم والمبادىء المسيحية وفيا لتعاليم المسيحية. كما ان الشهيد ومهما كانت الكنيسة التي ينتمي اليها هو شهيد كل الكنائس المسيحية وان دماء شهدائنا تجمعنا نحن المسيحيين”.  وتابع: “كما تعلمون قبل مئة عام نفذت ابادة جماعية من قبل تركيا العثمانية ضد شعبنا الارمني والى جانب شهدائنا ذهب ضحية هذه المجازر، شهداء سريان ويونان كما واستشهد ابناء كنيستكم العزيزة. نحن لم ولن ننسى شهدائنا. هم ضحوا بدمائهم من اجل الايمان المسيحي لكي نقوى اكثر بايماننا. واليوم تستمر ابادة ابنائنا في سوريا والعراق. وطالما بقيت الابادة بلا عقاب ستستمر الابادات وبالتالي سيزيد الشهداء. يجب على المجتمع الدولي ان يلاحظ بأن المسيحيين هم ضحايا هذه الابادات. الشرق الاوسط هو مهد المسيحية، فالمسيحيون لم يأتوا من الخارج بل جذورهم مترسخة في تاريخ هذه المنطقة. لذا، قرارنا ان نبقى هنا اوفياء لتاريخنا وقيمنا وحقوق وارث شهدائنا. واننا سوف نبقى اوفياء لواجباتنا كما نحن اوفياء ومثبتين بحقوقنا”.

وختم: “لقد عشنا سنين طويلة مع المسلمين في هذه المنطقة. ان التعايش الاسلامي – المسيحي هو ميزة من ميزات هذه المنطقة، ونحن مصرون على التعايش الاسلامي – المسيحي على مبدأ المحبة والاحترام المتبادلين، الا اننا ضد التطرف والارهاب ولنا ملء الثقة بان الاسلام ايضا براء من هذه الآفة التي تهددنا سويا. واليوم نتذكر شهداءنا، تعالوا لنجدد عهدنا للبقاء اوفياء لايمان شهدائنا وايضا لارث اباء كنائسنا الاجلاء. تعالوا نصلي لكي يمنح الله السلام للشرق وفلسطين المحتلة والعراق وسوريا ونصلي من اجل ترسيخ العدالة الآتية من الرب في منطقة الشرق الاوسط لأنه لا يوجد سلام حقيقي من دون عدالة. ونسأل الله تعالى ان يحفظ عائلاتكم ويغمر حياتهم بالصحة والسعادة”.

مناجم مدينة حلب صفحات من كتاب “تاريخ حلب”للأسقف أردافازت سورميان، مطران الأرمن الأسبق في حلب* (5)

$
0
0

aleppo 

الفصل الثالث

مناجم مدينة حلب: مناجم المدينة ـ مناجم الحجر ـ فخار حلب

 

مناجم المدينة

      ليست حلب غنية بمناجم المعادن وبالكاد هناك بعض الصخور التي يبدو أنها تحتوي على الحديد ولم يكتشف أي معدن في القرنين الأخيرين قرب حلب أو في بقية المناطق في سوريا. ولكن هناك على الجهة الغربية من المدينة صخرة كبيرة تدعى “جبل النحاس” يُقال بأنها كانت تحتوي على معدن النحاس ولكن غلاء المحروقات حال دون استثمار الجبل. وبسبب قلة المعادن في البلاد كان الحديد بشكل رئيسي والتنك الأزرق يستوردان من بريطانيا وهولندا قبل قرنين. ومدينة آهلة بالسكان كحلب كانت أنواع النحاس المختلفة تصلها من آسيا الصغرى وخاصة Yevtogiaالغنية بمناجم النحاس والرصاص عن طريق قوافل البغال قبل قرون عديدة محملة بكميات هائلة من الآنية النحاسية ويقوم الحلبيون بتبييضها وتلميعها. وكانت الأشياء النحاسية المجلوبة من يفتوكيا على نوعين:النوع الواحد أغلى من الآخر لأن الحلبيين كانت لهم خبرة منذ القديم بأن النوع الأجود من الآنية يغلي فيه الماء بشكل أسرع.

 

مناجم الحجر

      إذا كانت الطبيعة بخيلة في منح حلب مناجم المعادن لكنها قدمت لها مناجم غنية جداً بالحجر التي ساهمت بشكل كبير في تشييد المدينة وتزيينها. وتوجد قرب المدينة مناجم واسعة للأحجار الحوارية الناصعة البياض وسهلة التقطيع التي تقسو تحت تأثير الطقس مع الوقت. وقد شيدت جميع أبنية حلب وضواحيها البعيدة والقريبة بهذه الأحجار منذ أقدم الأزمنة. والاستثناء الوحيد هو القسم الشمالي من سور المدينة الذي لم يتحمل عوامل الطبيعة والزمن طويلاً لأنه مبني بنوع معين من الفخار القاسي. أما مناجم الحجر القديمة فإنها اليوم عبارة عن تجويفات واسعة ومغارات كبيرة ولبعضها مدخل تحت الأرض.

وقد كانت هذه المغارات طوال قرون عديدة ولا تزال تستخدم كملاجئ في فصل الشتاء من قبل بعض العرب الرحل والغجر الذين كانت لهم عادة نصب الخيام خارج أسوار المدينة في بعض فصول السنة.

وكانت هذه المغارات تستخدم أيضاً كاسطبل للجمال والخنازير بينما في عهد الجنود الإنكشاريين استخدمت
لكل أنواع الرذائل. ومناجم الأحجار الحوارية المستخدمة في البناء تقع على الجهة الشمالية- الشرقية من المدينة وهي مناجم غنية. وعدا عن استخدامه في البناء فإنه يُخلط بكميات كبيرة مع المواد الأخرى على شكل “روبة” لتغطية سطح الأبنية بينما يستخدم الإسمنت في وصل أنابيب الينابيع الفخارية. ويستفاد من مناجم الحجر البازلتي الأسود القاسي
الواقعة على الجهة الجنوبية من حلب في تبليط شوارع المدينة بينما المناجم الموجودة
في الأنصاري والسبيل تستخدم الحجر الحواري. ويستخدم حجر المناجم الواقعة على بعد 2-3 كم إلى يسار طريق حلب-المسلمية (B) في بناء الجدران التي تفصل الغرف في البيوت لأنها بيضاء
وأكثر طراوة لذلك فإنها قابلة للنحت والصقل. وعلى بعد 2 كم من مقابر الأنصارى وفي حي الشيخ مقصود هناك مناجم واسعة تحتوي على نوع من الحجر الحواريpierre de taille يستخدم في أساسات البيوت بسبب قساوته.

وإلى الجنوب من محطة بغداد وبين حلب ومحطة الوضيحي هناك منجم لحجر يميل لونه إلى الأصفر (E) قريب من المرمر في صفاته لكنه أقل قيمة ويستخدم في تزيين الأبنية وتبليط أرضيات باحات البيوت الخاصة والأبنية العامة ودرجات البيوت الفخمة بسبب إمكانية تلميعها. وتقع مناجم المرمر الوردي اللون الثمين حول طريقي الوضيحي والمسلمية (FH) وتستخدم بشكل عام في الأبنية الخاصة والعامة الهامة كذلك في تزيين واجهات الكنائس والمساجد والحمامات وصنع الأعمدة (F,F’,H). ومناجم الأنصاري صغيرة بحجمها وتكفي لإعمار تلك المناطق فقط. وقد شيدت بعد عام 1930 في تلك المنطقة وعلى تلة الفيض مئات الدور الجميلة بالإضافة إلى أبنية المعهد الأمريكي(معهد حلب العلمي-المترجم) الواسعة بأحجار تلك المناجم. والمناجم  الواقعة في السبيل وعلى طريق أعزاز بالكاد تكفي لإعمار تلك المناطق وطرقها. وأوسع المناجم هي مناجم أحجار البازلت السوداء التي تستخدم لتبليط الشوارع والمشار إليها على الخريطة بحرف(A). والرمل الذي يستخدم أثناء تزفيت الشوارع يجهز من هذا الحجر بعد طحنه بالماكينات البخارية الحديثة (C).

مواقع مناجم الأحجار المختلفة

      هذه المناجم هي أملاك خاصة في العموم بينما مناجم الأنصاري والسبيل هي تحت إشراف الدولة. ومستثمر المناجم يقدم عامة قيمة عشر كمية الحجر المستخرج إلى صاحب المنجم وفي أحيان أخرى يتم الاتفاق بين صاحب المنجم والمستثمر على أن يدفع الثاني للأول مبلغ إجمالياً معيناً لمرة واحدة. وأصحاب المناجم بدورهم يدفعون ضريبة معينة تختلف من منجم إلى آخر حسب مساحتها.

     ابتداء من عصور بعيدة لا يمكن تذكرها تُبنى حلب ثم تهدم وتدمر وتتآكل منشآتها ويعاد ترميمها وبناؤها وترتفع مرات ومرات بالأحجار من كل نوع من المناجم التي لا تنضب كالفحم الحجري والبترول ومناجم المعادن في بلاد أخرى. ومن المناظر الجميلة رؤية الجمال وهي تحمل بلوكات الأحجار الكبيرة المنحوتة على سنامها في شارع السليمانية العريض الدائم الحركة والجمل هو المسافر الأبدي الصامت بين مناجم الحجر وطرق المدينة. وقبل عشرين عاماً عندما كنت أرى تلك الحيوانات الأنيسة تحمل الأحجار كنت أقول بيني وبين نفسي بأن مدينة حلب شيدت على سنام الجمال مدينة تمتاز بهندستها وذوقها الفني حيث كل شيء مبني بالحجر. ومع ذلك لا تقتنع الأذواق الناعمة بجميع هذه الأحجار المحلية الجيدة الثمينة لذلك تستورد أنواع المرامر من أمكنة بعيدة وذلك منذ أزمنة بعيدة. ومثالنا على ذلك أن المهندسين المعماريين الحلبيين يحصلون على المرمر الأحمر من دمشق ونوع آخر خشن من دمشق أيضاً وكلّس. ومدينة أنطاكيا كانت تصدر أحجارها الثمينة إلى حلب. واستورد الحلبيون المرمر الأبيض الإيطالي الثمين لاستخدامه في دورهم الغالية وذات الذوق العالي. والطلب بالنسبة للمرمر الأحمر والأسود كبير وغال إلى درجة يقوم المهنيون الحلبيون بتعريض مرمرهم العادي لظروف حرارية متوسطة في الفرن كي يشبه مرمر دمشق الأحمر بعد تجفيفه وفركه بالزيت.

فخار حلب

     كمية الفخار حول مدينة حلب قليلة وهي من نوعية سيئة وليست مناسبة لصنع أبسط أنواع الفخاريات كالجرار التي تتكسر بسهولة. وكان الفخرانيون الحلبيون يخلطون تراب فخار حلب بالتراب المستورد من دمشق وصيدا ويصنعون منها أجود الأواني الفخارية قبل قرنين.  وعلى الرغم من التوقف في استخدام هذه الأواني الفخارية لكن هناك بعض القرى المتأخرة تستخدم تراب الفخار في أقماط (كانوا يسمونه تراب “هلّلك”-المترجم) الأطفال كما كانت العادة في بعض قرى ومدن أرمينيا.

     إن الفخار المستخدم بشكل عام من قبل النساء في الحمامات هو من نوع معين ولزج ويجلبونه بكميات كبيرة من قرية تبعد عشرين ميلاً عن المدينة محملاً على ظهر الحمير لبيعه في شوارع المدينة. وتقوم نساء المدينة بصنع طابات أو حلقات صغيرة من هذا البيلون ويخلطونه بأوراق الورد اليابسة ويستخدمونه كصابون في الحمام لتنظيف الشعر بشكل خاص.  وصنع البيلون مهنة خاصة بالحلبيين ويرغب حتى سكان اسطنبول بالحصول عليه لاستخدامه عوضاً عن الصابون.

 

*ينفرد “ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر صفحات كتاب “تاريخ حلب” للأسقف أردافازت سورميان.

* من كتاب “تاريخ حلب” للأسقف أردافازت سورميان، مطران الأرمن الأسبق في حلب، (1925 ـ 1940)، ترجمه عن الأرمنية الدكتور ألكسندر كشيشيان، عضو اتحاد الكتاب العرب وجمعية العاديات، حلب، 2006.

أصل تسمية أذربيجان والمعنى السياسي لها

$
0
0

south-caucasus_9-15-15 

كتب الباحث مهير ساهاكيان مقالاً حول أصل تسمية أذربيجان والمعنى السياسي لها مشيراً الى أن خروج روسيا من الحرب العالمية الأولى وثورة أكتوبر عام 1917 في روسيا وتقدم القوات التركية على الجبهة في القوقاز أدت الى تأسيس جمهورية جديدة في ولاية أرني وشيرفاني في المنطقة القوقازية في 28 أيار 1918، والتي سميت أذربيجان وفق اسم مشابه لولاية في ايران.

واستمرت التسمية حتى بعد دخولها الاتحاد السوفيتي. ويوضح أنه تم اختيار تسمية أذربيجان من أجل سلب أحد المراكز الثقافية والتاريخية من إيران، والتي ستلعب الدور الأهم في الربط مع العالم التركي.

ويذكر البروفسور كارنيك أسادريان أن أذربيجان هي ولاية إيرانية قديمة في الشمال الغربي. وتسميتها هي تعريب للاسم الإيراني أدارباكان (أداربايكان) التي جاءت من الشكل الإيراني أدورباداكان، وبالارمنية أدرباداكان.

بدأت الهجرات الكبيرة للقبائل التركية الى أدرباداكان منذ عام 1050-1056. وفي القرن الخامس عشر بدأت قبائل من أصول تركية مثل شاملو وروملو واوستاجلو وتيكيلو وأفشار وغجر وزولكادار تهاجر من تركيا الى ايران.

فالقبائل التركية التي هاجرت منذ القرن الحادي عشر واستقرت في أدرباداكان صارت تأخذ المناصب ما اسهم في نشر اللغة التركية وتعزيزها في السكان ذو أصول ايرانية. ويشار الى ان هذا الامر الى جانب قضية الازاريين الناطقين باللغة التركية في أدرباداكان استغلت في المصالح السياسية والاتحاد السوفيتي والحرب العالمية الثانية.

الإبادة الأرمنية وقضية الأرشيف

$
0
0

archives_10-21-15 

نشرت صحيفة “نور مرمرا” مقالاً بعنوان “الإبادة وقضية الأرشيف” تناول فيه الكاتب أتيللا طويكان على موقع “دورمجي كارادينيز” موضوع الأرشيف الذي تخلصت منه تركيا وتجميد الطلبات التي يقدمها المؤرخون نافياً ما تشيعه تركيا بأن الأرشيف بمتناول الأيدي.

وذكر محاولات المؤرخ الأرمني آرا صارافيان في البحث في الأرشيف التركي، والذي شكك بتصنيف والأرقام المتتالية للوثائق المستخدمة.

وكان صارافيان كتب في مقالة له حول تجربته مؤكداً أن الطلبات التي تقدم من أجل البحث في الوثائق يتم تحويلها الى موظفين ينظرون فيها، ويمكن رفضها أو يسمح فقط بالبحث في عدد محدود من الوثائق. يشار الى أن التجربة تكررت مع الباحث هلمر كايزر. ويمكن القول بأن الاتحاديين أتلفوا جميع الوثائق الخاصة بالابادة الأرمنية وفق تقرير أعدها السويدي أينار أفيرسين.

أما فيما يخص الأرشيف في أرمينيا شدد الكاتب على أن عدم وجود دولة أرمينية حتى عام 1918 اسهم في اختفاء الوثائق لديها أيضاً.

لكن جميع المعلومات المتدوالة فب الإبادة الأرمنية تم بحثها في أرشيف دول عديدة منها ألمانيا والنمسا وهنغاريا وبريطانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها. وبهذا ركز المؤرخ فاهاكن دادريان عمله على الأرشيف من المصادر التركية والألمانية والنمساوية والهنغارية. ويؤكد طويكان أن الأرشيف في السويد مازال خارج البحث.

منمنمة يغمور دميرباش: سيرة قرن العذابات

$
0
0

March (hi-rez)

 

رستم محمود

التقيتُ يغمور دميرباش في مدينة بدليس ذات الأغلبية السُكانية الكردية في أقصى جنوب شرق تركيا. بمظهره العام وسلوكياته الحركية، وحتى بطريقة توزيعه لنظراته وبسماته على ضيوف الفندق «الغرباء» أمثالي، يبدو يغمور شخصاً كُردياً تقليدياً.

الرجل السبعيني «المربوع»، ذو الوجنتين الحمراوتين والشعر الأشعث الكثيف، بادرني بالسؤال إن كُنت قادماً لحضور مؤتمر «تحولات المُدن الكردية في ربع القرن الأخير» بكردية رصينة، وحين أخبرته بصحة توقُعِه مع شيء غير قليل من الحذر، رصّ على أسنانه وقال بصوت غير مسموع تقريباً «لقد ألغوا المؤتمر». استغربتُ وسألتُ عن الجهة التي فعلت ذلك، طالما أن الأمر برعاية رسمية من بلدية المدينة، وسيُعقد في صالة عامة وبشكل علني.

حين تأكد الرجلُ من «جهلي» العميق ببواطن الأحوال في المدينة والإقليم كله، أطفأ الراديو الصغير على مكتبه الخشبي، ووقف مترنحاً، مدّ يده اليُسرى في إشارة لطلب المرافقة إلى مكانٍ ما.

صعدتُ وإياه إلى جناحه الخاص في الفندق الذي يملكُه.

بعد دقائق من أسئلته الكثيرة عن هويتي ومهنتي وجهة قدومي، واكتشافه السريع لعدم ارتياحي لتلك الطريقة في «الاستجواب»، باتَ يغريني أن أسأل أنا عنه، وما أن طرحتُ عليه السؤال الأول، حتى سردَ كل سيرة عائلته، وهذا نصها بكثير من الأمانة.

***

في صيف عام 1915 كان اليافع الأرمني كيفورك يّركاد يعيش في اسطنبول، طالباً في المدرسة الطبيّة العثمانية، التي كان قد أسسها السلطان محمود الثاني قبل قُرابة نصف قرن. وما كان له أن يدخل تلك المدرسة النُخبوية العثمانية لولا علاقة والده مع تاجرٍ يهودي اسطنبولي، فعائلة يّركاد كانت تنحدر من بلدة صغيرة جنوب شرق مدينة ريزى على البحر الأسود، وكانت تتاجر بالبندق مع هذا التاجر اليهودي، الذي كان يُصدِّره من اسطنبول إلى أغلب المُدن الإيطالية.

من المشفى الطبي/العسكري التابع للمدرسة الطبية العثمانية، كان كيفورك يستطيع الاطلاع إلى حدٍّ معقول على مجريات الاحداث في شرق البلاد آن ذاك. فنزعة الكراهية الممزوجة بكثيرٍ من الأخبار حول الأعمال العسكرية التي كانت تجري في أقصى شرق الامبراطورية بحق الأرمن كانت تتوارد بكثافة، تلك التي بدأت منذ نيسان ذلك العام. وإذا لم تكن أحداثٌ مشابهة منتشرةً في العاصمة اسطنبول، فإن كثيراً من القادمين الأرمن من مختلف أنحاء الامبراطورية كانوا يُخبرون ذويهم في إسطنبول بمجريات ما كان يحدث، من حملات تهجير واقتلاع وعنف بحق سُكان البلدات والقُرى الأرمنية.

كان كيفورك من الذين انقطعت صلاتهم مع ذويهم منذ نهاية شهر أيار، ولم يلتقِ بأي قادم جديد من تخوم ريزى في المقهى الاسطنبولي الشهير الذي كان مقصدهم على الدوام. هو نفسه بات يخشى الذهاب إلى ذلك المكان بشكل دائم، بعدما حذره أصدقاء مقربون من الكشف الواضح عن هويته الأرمنية. ولم يكن البريد يحمل له أي رسالة خاصة توضح له شيئاً مما يجري هناك.

لم يكن لكيفورك من قريبٍ يثق به سوى التاجر اليهودي صديق والده، هذا الأخير نفى له أي علم بما يجري في تلك المنطقة، وأوصاه بأن يختفي عن الأنظار، فشبان المدارس العلمية العثمانية هم الأكثر نشاطاً ومشاركةً في حملات الكراهية في اسطنبول.

فعل ذلك بحزم، لكنه عاد بعد أسبوع للتاجر اليهودي وطلب منه مساعدته للعودة لبلدته. أكد له اليهودي بأن الأمر بمنتهى الصعوبة، وأن أياً من التجار المحليين لم يوافقوا على مرافقته لهم إلى هناك، حتى السُفن التي تُبحر من اسطنبول إلى ميناء ترابظون لن تقبل به، وأن سفره عبر الرحلات التقليدية خطرٌ للغاية. لكنه عرض عليه بالمقابل مرافقة رجال دين يهود من معارفه، الذين يستطيعون إيصاله إلى مدينة أضنة، وعليه أن يتدبر أمره من هناك إلى بلدته.

بقي كيفورك قرابة أسبوعين في منزل التاجر اليهودي/الإسطنبولي، تعلّم خلالها بعض الترانيم الدينية اليهودية، كي لا تُكشف هويته الدينية والقومية فيما لو تعرضت قافلة رجال الدين اليهود للمسائلة الأمنية في طريقها الطويل نحو أضنة.

حينما وصل كيفورك مدينة أضنة، هاله حال الأرمن في المدينة، الذين لم يكن قد بقي أي منهم تقريباً، ساعده متعهد إطعام كُردي على التخفي بهيئة عطار كُردي، وهو الذي لم يكن يعرف عبارة كُردية واحدة، سوى ما تعلمه من أرقام وأسماء لبضاعته القليلة.

سار كيفورك لأكثر من خمسة عشر يوماً في الدروب التي كانت تصل أضنة بشرق الإمبراطورية، وبعد أن غادرَ مدينة أورفا بيوم واحد صادف قافلةً من قُطاع الطريق، الذين كانوا ينهبون القوافل، ومنها قوافل المهجَّرين الأرمن. اقترب كيفورك من القافلة كي لا يوحي بأنه يُخفي شيئاً ما، وحين كلمه بعضهم بالكردية واكتشفوا جهله البالغ بها، وتحت الضغوط، اعترف بهويته وحقيقة أمره، خصوصاً أنهم هددوه بالكشف عن «عورته» لمعرفة أصله لو لم يعترف. كاد الاعتراف أن يُنهي حياته، لكن أعضاء القافلة طلبوا منه مداوة إبن كبيرهم الذي سقط من على ظهر الفرس في الليلة الفائتة، وكُسرت قدمه اليُسرى. اعتنى كيفورك بالمراهق، وسهر على مداواته لأسبوعٍ كامل.

بعد أسبوع وصلت القافلة إلى قرية جلبي آغا، وهي كانت تقع -حسب مروية كيفورك- في منطقة وسطى بين مُدن ماردين وديار بكر وباطمان. اطمأن إلى حاله في بيت هذا «الزعيم» العشائري، الذي ارتاح له بدوره لأنه أنقذ ابنه من موت مُحتم.

خلال أيام قليلة هناك، أدرك كيفورك حقيقة الفظائع التي جرت في إقليم بلدته الأرمنية، وكلما كان يريد أن يُغادر، كان جلبي آغا يمنعه من ذلك بدافع الحفاظ عليه، طالباً منه الانتظار حتى أوائل الربيع، ليستطيع مرافقة البدو الكُرد نحو سهول الشمال الشرقي من البلاد.

خلال الشهور الستة التي فصلت بين وقت وصوله وبين موعد مغادرة قوافل البدو الكُرد الذين كانوا يجتمعون في قرية جلبي آغا، كان أمران قد طرآ على يوميات كيفورك، وغيرا من حياته وهويته تماماً.

تعلم كيفورك الكردية إلى حد معقول، وبات يستطيع عبرها تنظيم جميع شؤون حياته مع هؤلاء «الغُرباء»، فقد طلب منه هذا الزعيم إدارة دفاتر حساباته الزراعية، فأرضه كانت تمتد على مساحة عشرات القرى، ولم يكن أي من أبناءه أو أخوته يعرف القراءة والكتابة بالتركية، وبات ذلك مع بعض أعمال التطبيب البسيطة لسكان القرية والقُرى المجاورة يُحرز له دخلاً يتجاوز ما كان يحلم به على أي حال.

من جهة أخرى كانت النظرات والبسمات تزداد بينه وبين ناريمان زلفو، ابنة أخت جلبي آغا من زواجها الأول، ولحظه العاثر -وربما السعيد- فإن أول محاولة منه لمسك يديها حين كانت تأتي له بالفطور كل صباح، وهي بكامل أناقتها والكحل الذي يفيض من عيونها، قد التُقطت من جلبي آغا نفسه، حينما دخل فجأة ورآه بعينيه يفعل ذلك. وقتها سقطت «سُفرة» الإفطار من يد اليافعة ناريمان زلفو وهمّت بالاختباء من نظرات خالها القاسي، وهرولت إلى قسم الحريم. حين حاول كيفورك فعل ذلك، نهره جلبي آغا قائلاً «عيب الزُلم يهربوا يا أبني». كانت الكلمة الأخيرة قد أدخلت شيئاً من الطمأنينة إلى قلب كيفورك.

ما أن صلّى جلبي ظهر ذلك اليوم، حتى أمسك يد كيفورك وسار به إلى بيت عبدالله رشكاني، زوج أم ناريمان زلفو، ثم أرسل في طلب بعض رجال القرية. حين أكتمل الحضور، توجه جلبي آغا لعبدالله رشكاني طالباً يد ناريمان لكيفورك، وحين تنحنح «ملا القرية»، رد عليه جلبي آغا وهو يوجه نظراته لكيفورك قائلاً «مُسلم سيدا مُسلم». حيث أخفض كيفورك رأسه حينما تلقى كلمات جلبي آغا تلك، وباتَ اسمه منذ ذلك اليوم «كامران يّركاد».

***

عاشَ أبي كيفورك يّركاد/كامران دميرباش كل حياته الباقية كُردياً بين الأكراد، لكنه كان في لحظات خلوته يدندن الأغاني الأرمنية، ويسرد حكاياتهم وأساطيرهم ومخيلاتهم وأوجاعهم على ذويه وصحبه ورفقة حياته. وفي لحظاتٍ غير قليلة، كنا نلتقط دمعته المنهمرة، في لحظات كنا نظنها عادية للغاية، كأن يتحدث أحدهم عن أمه لحظة وفاتها.

لم يجرب أبي العودة إلى ديارهم التي كانت، بعدما سمع وتأكد بأن أحداً من ذويه لم يبقَ هناك. مرة واحدة جرب السؤال عنهم، وسافر إلى مدينة حلب السورية في أواسط الأربعينات، لكنه عاد بدون أي شيء، فقد أخبره الأرمن هناك بأنهم شاهدوا فقط واحداً من أخوته، وأنه غادر حلب إلى الولايات المتحدة بعد شهرين فقط من إقامته فيها.

كان أبي يحلم بالحفاظ على الشيء الوحيد من أرمنيته، اسم عائلته. لكن حين قررت السلطات التركية في أربعينات القرن المنصرم «تتريك» جميع أسماء العائلات، تخلى عن تسمية «يّركاد» واختار كلمة «دمير»، فكلاهما تعني «حديد». أخبرتنا أمي بعد رحيله بأيام قليلة، بأنه في ذلك اليوم فقط، يوم إجبار والدي على تغيير اسم عائلته، لم ينم أبي في المنزل، نام في البراري.

***

ولدتُ لأبوي بعد خمس بنات، كانت أمي تسميني «وحيد اليتيمين»، وأسماني والدي «يغمور». فحسب ذاكرته القديمة، كانت ليلة ماطرة يوم غادر بيت والده لآخر مرة، و«يغمور» تعني المطر.

لم أرَ «جلبي آغا» أو أياً من ذوي أمي قط، فبعد سنوات قليلة من زواج أبي، ساءت العلاقة للغاية بينه وبين أهل أمي. لم يكن أبي شخصاً ملتزماً دينياً، وأتهمه بعضٌ منهم بأنه لم يُسلم من قلبه، وأن الكُتب الأرمنية والتركية التي في بيته إنما تُحرض على الكُفر بالله، خصوصاً وأن الشك بات يلاحق أبي كـ«شيوعي» منذ أوائل الثلاثينات.

هاجر أبي إلى مدينة ديار بكر، وهناك ولدتُ عام 1941، بالقرب من سور المدينة القديم، وكان والدي يقول لي مبتسماً «هذا السور بناه جدُك الملك الأرمني ديكران العظيم». كنت طفلاً ولا أعي ما يقوله والدي.

لكن السور نفسه تحول إلى مكان غطى كل أيام يفاعتي وصباي، فعشتُ كطفل كُردي عادي، إبناً لمالك حانوت وسط المدينة، شيوعي الهوى والانتماء، وأم كُردية أميّة تماماً، تدور في بيتها اجتماعات نساء الحارة كلهن، صباحاً وظهراً ومساءاً، حتى أن زوجها كان يقول لها مازحاً «لو كان في جامع للنساء، لكنتِ ملا الجامع»، فأمي بالإضافة لدماثتها الاجتماعية الفائضة، كانت تُكثر من العبادات الدينية، فدرجة حُبها لزوجها «الشيوعي» كانت تدفعها لأن تُكثر من تلك الفروض، علَّ الله يتقبّل ذلك عنها وعن زوجها «حبيبها».

***

في المدرسة هالَني بالتقادم حجم القهر، فقد كان ممنوعاً علينا التكلم بالكُردية، أو حتى التعبير عن انتماءنا القومي باللغة التركية، وكان واجباً علينا كل صباح التصريح بسعادتنا لانتمائنا للأرومة القومية التركية، والتعبير الدائم عن الولاء للزعيم مصطفى كمال أتاتورك.

عشتُ سنواتٍ كثيرة من عمري في الحيّزين المتناقضين، ففي المدرسة كنتُ أتلقى -كجميع الأطفال- ضخاً كثيفاً من الدعاية والإيديولوجيا القومية التركية بنمطها الأتاتوركي، الذي يُفسر العالم والتاريخ والحاضر والمستقبل بالسردية القومية التركية، وينكر أي حضورٍ وقيمةٍ ومعنى لأي قومية أو جماعة أخرى، وبالذات الكُرد منهم، حيث لم تكن تعترف الأعراف المدرسية بوجودهم أصلاً، رغم أن الأغلبية المطلقة من الطلبة كانوا كُرداً، ولم يكونوا يعرفون، هُم وذووّهم، النطق بكلمة تركية واحدة حينما كانوا يأتون للتسجيل في المدرسة.

على وجهٍ نقيضٍ لذلك تماماً، كانت حياتي المنزلية والاجتماعية على النحو الآتي: أمي كانت كُردية تقليدية للغاية، لا تعرف كلمة تركية واحدة، تمضي وقتها في الأعمال المنزلية نهاراً، وسرد «الخرافات» الكردية الجبلية الجميلة علينا، وعلى نساء وصبية الجيران ليلاً. كانت أخواتي البنات يتمنينَ أن تكون الحكايات عن الحُب والغرام كل مساء، وكنت أصرُّ أن تكون حكايةً عن المعارك والفرسان والبطولات.

إلى جانب ذلك، كان أبي شيوعياً وقارئاً نهما، يقرأ حتى الجريدة التي تضعها أُمي على طاولة الطعام، رافضاً و«مقاوماً» النزعة الإيديولوجية الرسمية للدولة، مازجاً بين حسٍّ أخلاقي شيوعي مكين، ونزعة قومية كُردية، ترفض هذا القدر من «إهدار» الحق. ومع صبية كُرد كانوا بأغلبيتهم من المنحدرين الحديثين من القرى الكُردية المُحيطة بمدينة ديار بكر. كانوا يعيشون أنماطاً من الحرمان والقسوة التي لا توصف، فأفراد عائلاتهم كانوا غرقى بأنماط من الحياة التقليدية، حيث العشائرية والتبعية لشيوخ الطرق الصوفية، يمنعون الإناث من دخول المدارس، ولا يُكمل الذكور منهم السنوات الأولى من الدراسة، فقط لأن ذويهم لم يكونوا يعرفون التركية، ولا يستطيعون الاهتمام بأطفالهم، ولأنهم كانوا يفضلون عمل أطفالهم في «السُخرة» المدينية، ليستطيعوا توفير قوت العائلة اليومي.

خلال سنوات الدراسة في ديار بكر، تعمّق ارتباطي باللغة والعوالم والمخيلة والمنطق التركي، وتهمَّشت بالتقادم ذاكرتي الكُردية. فقد كنت أقرأ كل العلوم باللغة التركية، ممتثلاً لهواية والدي الرصينة، فالقراءة كانت متعتي الأكبر، وربما الوحيدة. عن طريقها تعرَّفت على أشعار ناظم حكمت، وحكايات يشار كمال، التي كانت تتطابق مع حكايات أمي. عبرها فقط درست تاريخ تُركيا السياسي والاجتماعي، وتلقفت الإيديولوجيا الشيوعية، التي لم تَرُق لي بقدر ما كانت تروق لأبي، حيث وجدت فيها على الدوام ما يخلُّ بالحقوق القومية للأكراد في تركيا، ووجدت أن الحركة القومية/اليسارية الكردية هي الأقرب إلى حسِّ العدالة.

كان عام 1960 عاماً استثنائياً بالنسبة لي، ففي شتائه الأول قُتل أبي عن طريق الخطأ وهو يحاول الفصل بين مراهقين متخاصمين في سوق المدينة، وبُعيد مغادرتي ديار بكر باتجاه إسطنبول لدراسة الهندسة المدينة في جامعة أتاتورك بقرابة شهرٍ واحد حدث انقلاب إلب أرسلان، وما أن مرَّت شهورٌ قليلة من التخفي الذي أجبِرتُ عليه لانتمائي لإحدى التنظيمات الطلابية اليسارية، حتى أتاني خبر وفاة والدتي بمرض «ذات الرئة»، وهربت أختي الصغرى مع شاب قروي كان ذووّه قد نزحوا قبل سنوات قليلة إلى حيّنا في ديار بكر. لم أستطع حضور جنازة أمي ولا عزاءها الذي أقامه بعض أصدقاء أبي والجيران، وكذلك لم ألتقِ بأختي الصغرى بعد ذلك قط.

 عملياً انقطعت علاقتي بديار بكر تماماً، فأختاي الكبيرتان كانتا قد هاجرتا مع زوجيهما إلى ألمانيا قبل عدة أعوام؛ والثالثة توفيت وهي في الخامسة عشرة من عمرها؛ الرابعة كانت تسكن مع زوجها في مدينة أضنة؛ والصغيرة غادرت مع الشاب القروي، ولم نعد نعرف عنها أي شيء. حتى أخواتي البنات لم يعد من صلة بيني وبينهن، فلم أكن أملك عنواناً بريدياً بعد التخفي، وكنت أخشى الاتصال بهن، فالدعاية العسكرية كانت توحي بأن كل هواتف البلاد مراقبة بشكل صارم.

كان عاماً أليماً للغاية، عشت شهوره الست الأخيرة في منزل لأحد الرفاق الذين كانوا معي في المنظمة اليسارية. إلى أن أتى هذا الرفيق يوماً ومعه هوية شخصية لأحد أقاربه، وقال لي إنه يمكنني الخروج بهذه الهوية الشخصية بل والعيش بها مدى الحياة، لأن رفيقي كان قد اتفق مع والد المتوفى على عدم تسجيل حالة وفاة ابنه في الأوراق الرسمية.

***

عشت باسم «دنيز ظافر جانكير» لشهور قليلة، لكن كنت أودّ العودة للدراسة الجامعية بأي شكل، وقتها نصحني قريب دنيز بأن أتقدم لامتحان الشهادة الثانوية من جديد باسم «دنيز ظافر جانكير»، لكن الأمر كان يحتاج للحصول على شهادة تعريف من مختار القرية التي ينحدر من دنيز بالأساس. سافرت إلى قريتهم التي كانت بالقرب من مدينة بورصة في ربيع عام 1961، ولم يكن والد دنيز يستطيع أن يصرح بذلك لمختار القرية بشكل مباشر، فالمختار كان عضواً نشطاً في الحركة اليمينية القومية التركية، وكان والد دنيز شيوعياً.

طلب مني الإقامة في منزلهم لعدة أيام حتى يستطيع إيجاد حل للمسألة، خلال تلك الأيام حدثت علاقة غريبة بيني وبين والدة دنيز، الأم التي كان يغالبها حسّ الأمومة، وباتت تتخيلني ابنها الذي افتُقِدَ في ليلة ظلماء. بدوري لم أكن أقلَّ تواطؤاً وموافقةً على ذلك الأمر، أنا الذي كنت محروماً من أيّ عائلة أو أقرباء، ولم أكن قد بلغت العشرين من عمري بعد.

قبل حصول والد دنيز على شهادة التعريف من المختار بأيام قليلة، تعرفت على «شمس ظافر جانكير» أخت دنيز التي كانت تصغره بعام واحد، وتكبرني بعام. تبادلنا عناويننا في اسطنبول، والكثير من النظرات والأحاسيس غير المفهومة آنذاك.

لم يمضِ شهرٌ واحد حتى طرقت شمس باب بيتي في حيّ «قاسم باشا» الاسطنبولي، طلبتُ منها البقاء حتى الصباح، لأن الوضع الأمني غير مناسب للعودة في المساء. ارتضت بالبقاء دون نقاش، وبقينا في البيت نفسه لسنوات كثيرة، وبقينا سوية لأكثر من أربعين عاماً، الأربعة الأولى منها كأخوين أمام الجيران، وصديقين بحضور الأصدقاء، وحبيبين فيما بيننا، وكزوجين بعد حدوث العفو العام من السلطات الانقلابية، وعودتي لاسمي الأول «يغمور كامران دميرباش».

عشتُ طوال سنواتي الأخرى كمواطنٍ تركي اسطنبولي، أمتهنُ الهندسة المدنية التي كانت تتلقى طلبات كثيرة للعمل، فاسطنبول توسّعت عشرات المرات في ذلك العقد، وتزايد عدد ساكنها لأكثر من خمسة أضعاف. في العمق كنت يسارياً ومواظباً على النشاط السياسي في تنظيم الحركة الماوية الشيوعية، وفي عمقٍ أكبر طفلاً كردياً بعيداً عن كثيرٍ من طفولته وكُرديته البسيطة.

***

دخلتُ تلك الحياة الرتيبة والمستقرة، ذلك الشيء الذي كنت أحتاجه منذ سنوات كثيرة، وبات لي طفلان جميلان، مشكلتي الوحيدة معهما أنهما لا يفهمان الكُردية قط، ولا أستطيعُ أن أوصل لهما أياً من حكايات أمي الشيّقة. وزوجةٌ جميلة ومُحبة، تُتقن كل فنون الحياة الطيبة، ومنها بالذات دندنة أغاني زكي مورن التركية العظيمة.

في ربيع عام 1971 تغير كل شيء في حياتنا، فعاد الانقلاب العسكري بطريقة أكثر وحشية، وبات يهدد كل من يحمل رائحةً يسارية/شيوعية. وقتها لم يكن أمامنا سوى الفرار السريع، غادرنا بمساعدة بعض الأصدقاء إلى سوريا، وهناك على التخوم السهلية بين أورفا وديار بكر كنت أتذكر كل حكاية أبي وعذاباته، أيام الطفولة والصبا في ديار بكر. من هناك غادرنا إلى ألمانيا الشرقية، ومنها إلى مدينة فرانكفورت الألمانية الغربية، حيث كانت تعيش أختي الكبرى منذ عشرات السنوات، مع زوجها وعائلتها، التقينا بعد فُراق دام أكثر من خمسة عشر عاماً.

***

بعد أقل من شهرين من وصولي لألمانيا اندمجتُ في الحياة العملية، وبتُّ مهندساً مشرفاً في شركة زوج أختي، حيث كان كل عُماله من المهاجرين الأتراك، ولذلك السبب بالذات لم أتقن الألمانية بأي شكل، ومن هنا انبعثت مأساتي الثالثة في الحياة.

بينما كان تفاعلي وانشغالي مع عُمالٍ وموظفين أتراك تقليديين، كانَ ولداي ينسيان التركية بالتقادم، وباتت اللغة والثقافة الألمانية تشكّلان أداتهما في الفهم والوعي والتعبير. لم يكن الأمر يتعلق باللغة والثقافة فحسب، بل بنمط الحياة ورؤية العالم والظواهر والسلوكيات.

قبل عشرة أعوام توفيت زوجتي شمس ظافر جانكير بسرطان الدم، وقررتُ بحزمٍ أن أدفنها في ديار بكر وليس في أي مكان آخر. تأخر قدوم ولديَّ أربعة أيام حتى ألتحقا بي في المدينة، ولم تكن بيننا أيُّ لغةٍ مُشتركة، بالذات الأشياء التي تتعلق بالحياة الوجدانية العميقة، كالمواساة والعزاء والفرح وكل الأشياء العميقة.

***

يعيشُ ابني كيفورك الآن في الولايات المتحدة متزوجاً من برازيلية سوداء، ويمتهن تجارة السيارات، يتقن الألمانية لغةً وثقافةً وحياة، بينما لا يتقن أولاده «أحفادي» سوى الإنكليزية والبرتغالية. أما ابني كامران فإنه ما زال يعيش في ألمانيا، ولم يتزوج قط، مُدمنٌ كحولي، ولا نتواصل إلا مراتٍ قليلة كل سنة أو سنتين.

أعيشُ هنا بهدوءٍ معقول، كشخصٍ كردي، وابن لطبيب/حانوتي أرمني، وأب لرجلين ألمانيين، وجدٍ لحفيدين أمريكيين لم أرَهما قط، وأغلب الظن أنني لن أراهما، بالضبط كما لم أرَ أشياءَ بسيطةً وعادية كثيرة جداً طوال حياتي.

الجمهورية

نضال الشعب الأرمني الجبار بين “قتل أمة”و”من يتذكر مذابح الأرمن”بقلم هنري بدروس كيفا

$
0
0

download (1)
لقد منعت الحكومة التركية منذ حوالي ٨ سنوات نشر مجلة التايم TIMEالأميركية تعبير حرب الإبادة  genocide لأن الحكومات التركية المتعاقبة ترفض الإعتراف بتلك الحرب المجرمة التي تعرض لها الشعبان الأرمني و بعده الشعب السرياني الآرامي!

قام المسؤولون عن مجلة TIME بالرد مباشرة على الحكومة التركية بنشر هذه الصفحة مع cd من حوالي ٥٢ دقيقة – في العدد الصادر في  ١٢ شباط سنة ٢٠٠٧ – يتكلم فيه عدد من الأرمن (الكبار في العمر) الناجين من تلك الحرب  المجرمة: هذا الفيلم الوثائقي هو أكبر دليل على جريمة الحكومة العثمانية سنة ١٩١٥ وتخاذل الحكومات التركية التي
تتهرب من الإعتراف ورد الأراضي والتعويضات الى أصحابها الأرمن والسريان .

السفير الأميركي Henry Margenthau قد وصف ما تعرض له الشعب الأرمني في مذكراته بـ “قتل أمة” وقد نشر كتابه سنة ١٩١٩ !

هتلر في كتابه المشهور “كفاحي” الصادر في أواسط العشرينات كان قد كتب “من يتذكر اليوم المذابح التي تعرض لها الشعب الأرمني؟”، وهو يقصد أن العالم لا يهتم بما يجري للشعوب المقهورة والضعيفة وإن إستعمال القوة والفتك بالشعوب القليلة العدد هو ” الحل ” للدول القوية !

إن الشعب الأرمني قد كافح أكثر من ٦٠ سنة من أجل دفع تركيا الى الإعتراف بحرب الإبادة و لكن الحكومات التركية ظلت ترفض مما دفع بعض المنظمات الأرمنية الى حمل السلاح – لفترة زمنية قليلة – لدفع العالم أن يعرف ماذا جرى لأجدادهم الأبرياء !

اليوم هنالك عشرات الدول قد إعترفت بحرب الإبادة ضد الشعب الأرمني وبعضها إعترف بحرب الإبادة ضد شعبنا السرياني الآرامي و لكن تركيا لا تزال تتهرب من الإعتراف و حل هذه القضية بطريقة عادلة .

الأرمن يستعيدون مخيم (أرمين) في إسطنبول

$
0
0

day-175 

ذكرت صحيفة “أرمينيان ويكلي” أنه بعد نضال دام 175 يوماً قادته منظمة (نورزارتوك) الأرمنية أعيد (مخيم أرمين) الى كنيسة الأرمن الإنجيليين كديكباشا في إسطنبول في 27 تشرين الأول الجاري.

يذكر أن “مخيم أرمين” يقع في حي توزلا في إسطنبول وكان مخيماً صيفياً للأيتام الأرمن، وقد ترأست المنظمة حملة تظاهرات لإعادة المخيم الى أصحابه الأرمن.


85 عضو كونغرس يطالبون أوباما بتعزيز السلام في كاراباخ

$
0
0

Congress_102715 

ذكرت صحيفة “أسباريز” أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي إيد رويس وايليوت إنكيل من الحزب الديموقراطي انضموا الى 83 عضو في الكونغرس الأمريكي لمطالبة الرئيس الأمريكي في دعم واتخاذ الوسائل المناسبة من أجل تعزيز السلام على خط النزاع في كاراباخ الجبلية، وتخفيض التوتر على الحدود بين أرمينيا وأرتساخ وأذربيجان.

حيث أكد رويس أنه ينبغي تغيير هذه السياسة، مذكراً بضرورة اتخاذ الخطوات المتوازنة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة مينسك لوقف العنف، حيث أن تلك الوسائل ستساهم في نشر السلام في المنطقة، مشيراً الى أن الوسائل تشمل: تبني اتفاق ينص على التزام الطرفين بإبعاد الأسلحة من خط التماس، وتموضع فريق مراقبين لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وكذلك السماح لممثلي المنظمة بتنفيذ مهمة المراقبة لدراسة خروقات نظام وقف إطلاق النار.

مخطط مدينة حلب وتوسعها ..وتمركز الأرمن في أحيائها (صفحات من كتاب “تاريخ حلب”للأسقف أردافازت سورميان)* (6)

$
0
0

aleppo tagher 

الفصل الرابع

مخطط مدينة حلب وتوسعها: بداية مدينة حلب هي قلعتها ـ أحياء حلب المختلفة

 

بداية مدينة حلب هي قلعتها

     ليس هناك أدنى ريب أن بداية ظهور وتشكل حلب كان من القلعة. وكان التل الأولي يقع في موقع القلعة الحالية حيث شيد حصن توسع وكبر مع الزمن وتحول كامل مساحة التل إلى قلعة دفاعية كبيرة بنيت فوقها تدريجياً قصور الأمراء أصحاب القلعة إلى جانب منشآت عسكرية مختلفة. وكما سنرى مفصلاً في فصول قادمة كانت القلعة محاطة بخندق عميق ويملأونه بالماء في الحقب القديمة أثناء الدفاع عنها. والتلة بيضوية الشكل ويصل طولها إلى 500م وعرضها إلى 400م. وقد خُربت القلعة مرات عديدة ثم أعيد ترميمها أو بناؤها. ولكن عندما زاد عدد السكان في المدينة التي تشكلت حول القلعة أصبح من الحيوي بمكان تعزيز دفاعات القلعة. ولم يكن في وسع القلعة في ذلك الوقت إيواء جميع السكان والدفاع عنهم أثناء الهجوم الخارجي لأن القلعة كانت بعيدة عن أسوار المدينة الأصلية القديمة التي نرى بعض آثارها ماثلة أمامنا حتى يومنا هذا وتقدم لنا معلومات حول حدود المدينة القديمة. وهذا السور المنيع الذي سنتطرأ إليه مفصلاً في فصل قادم أعيد بناؤه دون شك في القرن 12م على أساسات السور البيزنطي القديم الذي تعرض إلى ترميمات عديدة بين القرنين 13-15م وخاصة في القرنين 14م و 15م وزاد جمال القلعة وتحصينها بعد تشييد الأبراج العديدة.

      فُتحت بوابات دفاعية عديدة على سور المدينة الحصين وكانت تغلق عند المغرب ولم يبق منها مع الأسف سوى عدد قليل. وعلى الرغم من زوال بعض هذه البوابات ولكن مع ذلك بقيت أسماؤها باسم أحياء حلب القديمة الحالية. ولسور المدينة شكل مربع شبه منتظم وتقع القلعة في وسط النصف الشرقي للمربع تقريبا. وقد جرى هذا الميل بسبب الرغبة للوصول إلى حوض نهر قويق وتوسيع المدينة غرباً. وأقرب حي للنهر هو حي باب الجنان بينما الباب الذي يتجه شرقاً يدعى بباب أنطاكية. وهذا الباب وباب الحديد باقيان في حال جيدة مقارنة بالأبواب الأخرى بينما لم يبق من بقية الأبواب سوى بعض الأطلال.

     كانت مدينة حلب حتى القرنين 16 و17 تعيش خلف هذه الأسوار المحصنة ولا تزال بعض أحيائها تحافظ على شكلها القديم حتى أيامنا. وهذه الأحياء هي عبارة عن أزقة ضيقة وبيوت قليلة النوافذ. وهذه الدور ذات المظهر البائس من الجهة الخارجية هي في معظم الأوقات قصور واسعة بباحات كبيرة وباهرة وتحتوي في الغالب على حدائق وأحواض ماء. ثم بدأت المدينة بالتوسع على محورين:في الفترة الأولى على محور شمال وشمال-غرب وتشكلت أحياء المسيحيين في الجديدة والكَتَّاب وكان سكانهما من التجار بشكل عام. وظهر الحي الثاني على الجهة الشرقية والجنوبية والجنوبية-الشرقية للقلعة وأنشئت أحياء جديدة للسكان المسلمين قطنها بشكل عام الفلاحون والبدو الرحل وصلوا في المدة الأخيرة إلى حلب واستوطنوا فيها وهم على الغالب من المزارعين. وتوسعت المدينة مرة أخرى في نهايات القرن 19 باتجاه الشمال والشمال-الغربي بشكل رئيسي فتشكل حي العزيزية والجميلية الحديثين وشيد الأخير على ضفة نهر قويق الغربية. وتوسعت الأحياء الإسلامية الجنوبية- الشرقية والشرقية أيضاً.

      تم وصل مدينة حلب في بداية القرن 20 مع بيروت ودمشق من جهة ومع مناطق الأناضول من جهة أخرى بخط حديدي. وقد تأسست محطات قطار حلب على الضفة الغربية للنهر فعاش السكان والأحياء في غربي المدينة ازدهاراً جديداً. واستمر توسع رقعة المدينة بفضل تشييد الأبنية العصرية الجديدة العديدة وبدأت الأحياء الغربية للمدينة تستقبل سكان أحياء حلب القديمة المسلمين رغبة منهم بتملك بيوت مريحة وعصرية. وقد شهدت الجميلية والعزيزية بناء أبنية عصرية عديدة. وكان سكن الضباط والموظفين الفرنسيين في حلب محرضاً لبناء أبنية جديدة من قبل الملاكين وخاصة بسبب الارتفاع الكبير للآجارات. وانطلاقاً من تلك الأوضاع تشكل حي السبيل الجديد كذلك البيوت العديدة الجديدة حول محطتي دمشق وبغداد. وبكلام آخر بدأت المدينة القديمة تنتقل نسبياً وتتحرك غرباً باتجاه الرياح الشمالية-الغربية الباردة الملطفة لقيظ صيف حلب الحار.

    بسبب استيطان عشرات الآلاف من الأرمن المهجرين في مدينة حلب اتخذت المدينة منحى جديداً في مسألة التوسع بعد عام 1922. فقد وصل معظم الأرمن الناجين من مناطق الأناضول وكيليكيا إلى حلب وانتشروا في مدن سوريا ولبنان الهامة المزدهرة. وبسبب أحوال المهجرين التعيسة في حلب قررت عصبة الأمم مساعدتهم في الاستيطان في حلب وتحسين أحوالهم فابتاعت الأراضي ووزعتها عليهم بأسعار رمزية تم إيفائها على دفعات من قبلهم وأصبح معظمهم أصحاب بيوت بسبب نشاطهم وتوفيرهم. وعوضاً عن تلك الأكواخ القديمة المغطاة بسقوف من الخشب أو الصفيح ظهرت في الآونة الأخيرة بيوت جديدة متينة مبنية بالحجر الأبيض وشيدت قرى وأحياء أخرى للمهجرين كحي السريان الذي يسكنه الأرمن بعد خط محطات القطار وقرية “الداودية” الأرمنية (الأشرفية الحالية-المترجم) التي تقع شمالي ثكنة السبيل ثم قرية الشيخ مقصود وقرية بستان الباشا وقرية الهللك وجميعها قرى أرمنية والثلاث الأخيرة تقع خارج محيط المدينة.

     سندرس في الصفحات القادمة بشكل مسهب حول الأوضاع الحالية لجميع أحياء هذه المدينة الهامة ونتطرأ بشكل خاص للتغييرات التي جرت عليها خلال القرون الأخيرة.  وسيكون مفيداً طبعاً تجهيز لوحة إحصاء لتبيان أحوال المنازل التي شيدت منذ عام 1921 والإشارة إلى عدد رخص البناء الممنوحة سنوياً من قبل المحافظة.  

أحياء حلب المختلفة

      بما أن القلعة تشكل قلب ومركز المدينة فمن الطبيعي أن نرغب بالحديث أولاً حول الأحياء التي تحيط بها في المدينة القديمة.

    يذكر ابن الشحنة المؤرخ العربي من القرن 15 أثناء تكلمه حول حارات حلب وشوارعها وقصورها وبساتينها وينابيعها والخانات القديمة والجديدة حول

الحارات الموجودة داخل الأسوار أولاً:

(1) هناك ساحة قرب القلعة حيث قصر الحكومة وسوق الغزل(سوق خيوط الذهب والفضة) الذي قام جكم بهدمها ثم مدرسة السلطان حسن لحفظ القرآن التي بدورها هدمت من قبل جكم ودير القصر والمدرسة السلطانية وزاوية الطواشي ومدرسة الملك الحافظ.  (2) وحارة الغربي(3) وحارة الذهبي (4) وحارة الدلة أو زقاق المبلط (5) وساحة سوق الخيل التي كانت تدعى “بابا القوس” في القرن 15. ونرى في هذا المكان اليوم الحمام الناصري والأسواق الجديدة والمدفن الأرغوني ومدرسة التغري وجامعي الأطروش والدامرداش.  (6) وحارة البحاد (7) وحارة باب النيرب (8) وحارة القصيلة (9) وحارة جامع ألتونباغا حيث كان يقع “الميدان الأسود” لسباق الخيول (10) وحارة باب المقام (11) وحارة الحوارنة (12) وحارة التركمان (13) وحارة ساحة بزة

(14) وحارة الأصفري (15) وحارة طومان (16) وحارة البياضة (17) وحارة جامع الصروي (18حارة الكلداوي) (19) وحارة الجُبيل أو التلة (20) وحارة المعقلية (21) وحارة باب النصر(22) وحارة بحسيتا (23) وحارة الدباغة (24) وحارة اليهود (25) حارة باب النصر(26) حارة المصابن (27) حارة الجنان (28) حارة العقبة (29) وحارة القسطل (30) وحارة باب أنطاكية (31) وحارة قلعة الشريف (32) وحارة باب قنسرين (33) حوارة الجرن الأصفر(34) وحارة الجلوم (35) وحارة البيمارستان (36) وحارة السهلية أو سويقة حاتم (37) حارة فندق العيشة (38) وحارة سوق الهوا (39) وحارة السقطية (40) وحارة بني شداد.

      ثم يعدد ابن الشحنة

الأحياء الواقعة خارج أسوار المدينة وذلك على الشكل التالي:

(1) حارة المقام (2) وحارة الأرشاد (3) وحارة الأكراد (4) وحارة (5) وحارة بن جاجا (6) وحارة الحجاج (7) وحارة باب النصر الخارجية (8) وحارة الهزازة (9) وحارة النصارى التي تسمى “الجديدة” (10) وحارة الزجّاجين (11) وحارة الصفا (12) وحارة المشارقة (13) وحارة الكلاسة (14)وحارة المغاير.

     على الطرف الجنوبي والجنوب-الشرقي للقلعة تقع حارات باب الأحمر وساحة الملح والعجم والقصيلة والحوارنة التي تقع ضمن حدود سور حلب القديم. ونجد هنا أيضاً باب المقام وباب النيرب.

  1. Sauvaget (Les Perles Choisies) Ibn ach-Chihna,I, Beyrouth-1933,p. 185-187

وتقع الحارات التالية خارج سور حلب القديم على محور شرق ـ جنوب:

الكدّانة وبريد المسلخ والدودو ومحمد بك وعلي بك والصالحين والبكّارة والمعادي والسخانة وهي مسكونة بالسكان المسلمين كاملة وهم من أصل فلاحي بشكل عام ويعملون في البساتين حول المدينة. وهناك مزارعون بينهم أيضاً. ونجد في هذه الحارات أهم المنشآت والصروح.

     على الجهة الجنوبية من سفح القلعة شيد قصر جديد أو سراي الحكومة يعمل فيه الحاكم أو محافظ حلب وحيث تركزت جميع المكاتب الحكومية والمحاكم وهو أحدث وأكبر بناء في حلب وله ثلاث طوابق وجناحان. وكانت هناك انتقادات عديدة أثناء بنائه ووجد بعضهم أن المكان غير مناسب لتشييد بناء حديث أمام القلعة. ونعتقد أن سبب بناء السراي على ذلك الموقع هو واضح لأن السراي السابق كان موجوداً قرب السفح الغربي للقلعة ويعتبر السراي رمزاً لوحدة الماضي بالحاضر والأهم من كل ذلك لتسهيل أمور معظم السكان وخاصة تجار السوق المغطاة الكبيرة. وعلى الرغم من عدم تطابق فن السراي الحديث مع الجوار إلا أن القلعة الكبيرة ستبقى دائماً محل انطباع كبير مقارنة بالقصر. ومن المؤسف أن المنتقدين يتناسون بذرائع سياسية ودينية تلك الحقيقة أن المدينة بدأت تخرج من غلافها وتتوسع غرباً وشمالاً لذلك فمن غير المنطقي تشييد هذا السراي المُكلف خارج الدائرة الأهلة بالسكان.

بناء سراي الحكومة

      عدا هذا القصر الرحب هناك عدد كبير من الجوامع في الأحياء الإسلامية بعضها أثري.  وبيوت هذه الأحياء غير مهمة بشكل عام على الرغم من أن بعضها يحتوي على باحات كبيرة وحدائق. وهناك بعض الخانات وصروح تجارية أخرى. وكانت القوافل تبيت في هذه الخانات وتفرّغ بضائعها فيها. وليست بيوت هذه الأحياء مربحة تجارياً بسبب ضيق شوارعها وقلة نوافذ بيوتها المطلة على الشارع.

     الشارع الذي يحيط بخندق القلعة وأمام السراي هو من الشوارع الرئيسية وستقوم السلطات بتوسيعه على حساب تغطية قسم من الخندق بهدف تسهيل السير دون المساس بهذا الصرح التاريخي العسكري.

     يلتقي شارع سوق الجمعة بشارع القلعة وشارع آخر يؤدي إلى باب المقام. ولكن أهم الشوارع هو ذلك الذي يوصل باب المقام بباب النيرب حتى معهد Weigan ودائرة الشؤون الصحية. ولكي يكون هذا الشارع في وضع جيد وآهل بالمارة يجب أن تجرى عليه إصلاحات جدية ضرورية. وبتوسيع الطريق الضيقة المؤدية إلى باب النيرب ومد شارع سوق الجمعة سينتظم السير فيهما بشكل كبير. وعلينا أن نذكر هنا أيضاً المقبرتين الإسلاميتين الأولى منهما على الجهة الجنوبية والأخرى على الطرف الشرقي.

     على الجهة الجنوبية والجنوبية-الغربية للقلعة وداخل الأسوار تقع أسواق المدينة القديمة يسميها الأرمن “السوق الداخلية” أو”المدينة الداخلية”. وهذه البقعة في المدينة هي الأهم من حيث التجارة وهي عبارة عن سوق مغطاة كبيرة تشبه سوق مدينة اسطنبول الكبيرة بجميع ميزاتها.  وهذه الأسواق الشرقية مشكلة من أزقة ضيقة مغطاة وعلى جانبيها دكاكين صغيرة. وقد غطيت الأزقة بطبقة سميكة من التراب للوقاية من الحرارة والبرودة الشديدتين. وهناك في بعض المواقع نوافذ فُتحت على الأقواس ترسل ضوءاً غير كاف. وفي هذه السوق التي تشكل منظومة هندسية غير منتظمة تتقاطع فيها الحارات الضيقة والواسعة نسبياً ومع ذلك فإنها السوق الأوسع والأكثر ارتياداً من قبل سكان المدينة والريف حيث أسواق الحذائين والحبال والخياطين والصباغين واللحامين والتوابل والخضار وغيرها. ومن الصروح الهامة في هذا القسم من المدينة الجوامع وكنيسة سابقة ومستشفى حكومي وميتم-مشغل. ومن المفيد أن نعلم أيضاً بأن هذا الحي المبني على طول السور الغربي القديم للمدينة تسكنه الطبقة العليا من السكان وخاصة التجار مقارنة بالأحياء الشرقية الأخرى حيث يقطن التجار أيضاً إلى جانب المحامين والأطباء. وجميع سكان هذه الأحياء هم من المسلمين عدا الخانات الموجودة حول كنيسة Terra Santa حيث تعيش منذ القديم بعض العائلات الأوروبية المسيحية الغنية كماركوبولي وبوخه وهم على الأغلب من التجار والقناصل الفخريين وتحولت دورهم إلى متاحف عبر السنوات الطويلة.

     على الجهة الشمالية والشمالية-الشرقية من القلعة وداخل الأسوار القديمة توجد أحياء المستاديمية والفرافرة وغيرهما ونجد في الحي الأخير بيوت باهرة على الطراز العربي تشبه القصور في جمالها. وبعيداً عن السور القديم شرقاً تقع أحياء جوز الكرمان وأغاجيك وقاضي عسكر وباتجاه الشمال والشرق نجد حي طاطارلار وقرلق والدلاّلين. وإلى الشمال والغرب من الثكنات التركية يوجد حي قسطل المشط وقسطل الحرامي والأغيول والألمجي وجميع سكانها من المسلمين ويسكنون في بيوت قليلة النوافذ المطلة على الشارع العام لذلك يدخلها الهواء وأشعة الشمس من الجهة الداخلية. ومن حسن الحظ أنه بُديء بفتح شوارع عريضة عديدة في الآونة الأخيرة وأولها شارع الخندق الطريق المستقيمة العريضة التي افتتحت رسمياً في عام 1916. ويبدأ هذا الشارع من الباب الأحمر بالقرب من سور المدينة القديم ويحيط بالقلعة ثم يمتد غرباً ويتقاطع معBoulvard de France (شارع بارون الحالي-المترجم) ويصل حتى محطة دمشق. وشارع السراي يوصل شارع الخندق بالطريق الضيقة المحيطة بالقلعة. ومن الصروح الهامة في هذه المنطقة السراي والمقر الرسمي للشرطة وسجن المدينة. وخارج سور المدينة القديم وعلى الجهة الشرقية منه نجد مقطع الطريق المحلّق Tour de Ville حيث أبنية المسلخ وسوق البقر. وفي هذا الموقع تفترق طريقا الباب ودير الزور الملكيين. ونظرة عامة على حلب ومخططها تكشف لنا كم كمية الهواء وأشعة الشمس قليلة في هذه الحارات لذلك فإن فتح طرق عريضة حاجة ملحة لتسهيل المرور والانتقال. وهذه الأحياء مسكونة بشكل عام من قبل المزارعين ومربي الأغنام والأبقار والعمال والتجار الصغار. وهناك بعض التجار المرموقين,الأمراء الحقيقيون للحي,الذين يعرفون كيف يستخدمون امتيازاتهم. وقد جرت مشادات عنيفة عديدة مؤلمة بين العائلات المتنافسة والحارات المعادية. وتحافظ هذه الأحياء على سماتها الشرقية كاملة دون التعرض لتغييرات التحديث.

      على الجهة الغربية لهذه الأحياء السابقة وداخل السور يقع الجامع الكبير وحارة العقبة وقسطل الحجارين وبحسيتا وبندرة اليهود التي مقارنة بالأحياء السابقة جرت عليها تحسينات كبيرة. وتحيط بالجامع الكبير الأسواق الواسعة وهي المركز التجاري الهام للمدينة. ومن جهة أخرى تتمركز في حي قسطل الحجارين المصارف وتجار الجواهر والصياغ والمنسوجات والسجاد وغيرهم. وقد افتتحت هنا حديثاً طريق هامة قرب خان الجفتليك انطلقت من باب الجنان حتى شارع السراي ومنه إلى باب السجن ويعتير شق هذه الطريق تطوراً هاماً من حيث تسهيل المرور والعناية بالصحة العامة بسبب الهواء النقي وأشعة الشمس الكافية.

      لحي العقبة بانوراما جميلة فقد شيد على تلة صغيرة ويطل على الطريق التي شُقت بمحاذاة سور المدينة القديم بدءاً من الكلاسة وحتى باب الجنان مارة بباب أنطاكية. وهذا الحي الذي كان مسكوناً قبل 30 عاماً من قبل الأغنياء الأرمن الحلبيين من المرجح بسبب هوائه النقي وطلته الجميلة يقطنها الآن مواطنون مسلمون معظمهم من التجار والموظفين. وعلى الرغم من شوارعه العريضة نسبياً إلا أن بيوته تحافظ على طرازها الشرقي.

      يمتد شارع الخندق على طول سور المدينة القديم ويصل حتى باب الفرج أو ساحة الساعة بسبب وجود برج الساعة. وتعتبر الساحة التي شيدت فيها المكتبة الوطنية الحكومية في عام 1940 نقطة التقاء بين المدينة القديمة والجديدة وتحوز على أهمية حيوية كبيرة في تسهيل حركة المواصلات. ويقع حي بحسيتا الذي يمتد حتى باب النصر على الطرف الشرقي من الساحة وهو حي يقطن فيه معظم  يهود حلب وفيه حوانيت عديدة والتجارة فيها نشيطة. لذلك يمكننا التأكيد بأنه كلما ابتعدنا غرباً عن القلعة كلما كانت الأحياء أكثر غنى وهامة من الناحية التجارية. وهناك بعض الأحياء ككرم الجبل وقسطل الحرامي حول ثكنة ما يسمى الأتراك يسكنها السكان المسلمون.

     لنصف الآن أحياء حلب الجديدة التي مرت بمرحلة تطور هامة بعد الحرب العالمية الأولى. الصليبة هي الحي المسيحي الأقدم وتقع على الطرف الشمالي من المدينة وتتمركز فيها كنائس جميع المسيحيين ومطرانياتهم كالأرمن والروم والموارنة والأرمن الكاثوليك والسريان. ويعتبر حي الصليبة من الأحياء الحلبية الشيقة بحاراتها الضيقة المقنطرة والبيوت العربية الباهرة التي تشبه القصور بجدرانها الخارجية العالية ونوافذها المشبكة بإحكام وجمال.  وعلى الرغم من وقوعه خارج أسوار المدينة إلا أن الحي بعيد في طرازه المعماري عن هندسة المدن الجديدة. وأحياء حلب الجديدة بهندستها المعمارية الحديثة مسكونة بالحلبيين من جميع الطوائف وخاصة بالمسيحيين. وقد شُيدت الأبنية هنا على الطراز الأوروبي وشُقت فيها شوارع عريضة انطلاقاً من معايير هندسة العمارة الأوروبية وتتطابق مع ارتفاع الأبنية التي شيدت على طرفيها. ويقع على الجهة الغربية من ساحة باب الفرج حي بستان كل آب الذي إلى جانب أبنيته العديدة والحديثة جداً هو مركز مهني وميكانيكي هام وموقع لمرائب السيارات ومتاجر لبيع جميع أنواع قطع تبديل السيارات. ويقع على الطرف الغربي من هذا الحي شارع غوروRue Gouraud (شارع بارون الحالي-المترجم) وهو من أكبر وأوسع شوارع حلب حيث المقاهي ودور السينما والفنادق الفخمة. ويعتبر هذا الشارع وBoulvard de France (شارع القوتلي الحالي-المترجم) امتداد شارع الخندق ومركز المدينة الرئيسي ويترك هذا المركز انطباع المدن الأوروبية ليلاً بسبب المقاهي ودور السينما العديدة وأضواء المتاجر الباهرة وحركة السير الكثيفة وخاصة في أيام الجمعة عندما يندفع الشبان المسلمون من أحياء حلب القديمة لدخول السينما أو التنزه في حدائق الجميلية. وقد تمت تغطية نهر قويق في هذه المنطقة وتحول سطحه إلى شارع عريض مشجّر يبدأ من بولوار ده فرانس وينتهي عند جسر الناعورة على الجهة المقابلة لمتحف حلب. وقد تغيرت معالم هذه المنطقة وتحولت إلى منطقة تجارية متطورة بفضل الأبنية ذات الخمسة طوابق والبيوت الحديثة البيضاء والمتاجر الواسعة في السنوات 4-5 الأخيرة.

     على الطرف الشمالي-الغربي للمدينة يقع شارع العزيزية الجديد العريض والمشجّر الذي يمتاز بأبنيته ذات 3-5 طوابق مبنية حسب الشروط الصحية والراحة. ويتقاطع الشارع مع Boulvard de France من جهة وشارع التلل من طرف آخر. وهذا الشارع الذي يمتد شرقاً حتى نهر قويق وشمالاً حتى محطة بغداد يحتوي على القنصليات الرئيسية وقصر ممثلية المفوضية العليا والحديقة العامة المرتبة جداً. وهنا تقع أيضاً المقابر القديمة للسكان المسيحيين واليهود التي أزيلت في عام 1926 وشيدت على قطعة من أرضها كاتدرائية اللاتين قبل ستة أعوام إلى جانب الدير. وسنتطرأ أيضاً إلى موضوع بناء الأحياء على ضفة نهر قويق اليمنى.

      على الجهة الشمالية من حي الصليبة المسيحي هناك حي الجديدة وفيه سوق نشيطة يؤمها سكان المدينة الحديثة صباح كل يوم لشراء حاجاتهم الغذائية.

      بعد وصف هذه الأحياء سنقدم الآن صورة مختصرة حول الأحياء الأرمنية التي تشكلت بعد عام 1922 في حلب التي يستمر توسعها (تفاصيل إنشاء هذه الأحياء في الجزء الأول حول أرمن حلب). ونكتفي بالقول بأن أعداداً كبيرة من أرمن الأناضول وكيليكيا الناجين حتى عام 1922 وصلوا إلى حلب براً وبحراً وتمتعوا بالحماية الثمينة للرايتين السورية والفرنسية وابتنوا لهم في الفترة الأولى أكواخاً من الخشب والصفيح في أحياء النيال والسليمانية والرام والجابرية وخاصة الميدان (القرية) ثم هُدمت وشيدت في الموقع ذاته أبنية حجرية من طابق واحد أو إثنين بعد مدة غير طويلة. وقد ساهم وصول 60. 000 مهاجراً أرمنياً إلى توسع المدينة بشكل لا يصدق بسبب حيويتهم ونشاطهم الكبيرين( كان عدد سكان حلب من جميع الطوائف 240,000 في ذلك الوقت-المترجم).

     على الطرف الشمالي من المدينة يقع أيضاً حي المستشفى العسكري وجامع الشيخ أبو بكر القديم على تلة منخفضة وغير بعيد عنه.

     للاستمرار في تبيان طبيعة توسع المدينة نعود إلى الضفة الغربية لنهر قويق. ويقع في هذه المنطقة شارعان كبيران:شارع الجميلية الحديث والبولفار ده فرانس حيث المدرسة السلطانية وليسيه اللاييك الفرنسية. وعلى الطرف الجنوبي من شارع الجميلية أو كامل باشا القدسي هناك حي الكتّاب المسيحي والمشارقة الإسلامي وبذلك ينتهي البولفار ده فرانس عند محطة دمشق. ويمتد شارع الجميلية على الطريق الملكية التي توصل أنطاكية بدمشق. وقد شيدت على طرفي هذا الشارع بيوت حديثة وجميلة عديدة مشكلة استراحة صيفية لحي تل الفيض حيث يسكن المواطنون المسلمون. ونجد قرب سفح هذا التل معمل لحلج القطن والصوف ومستودعات محروقات المحافظة الخاصة كذلك معامل ممكننة للمنسوجات. ومن هنا تتفرع طريق الأنصاري التي تتجه جنوباً نسبة للتل حيث شيدت فيلات جميلة وحديثة من قبل السكان المسلمين بسبب هواء المنطقة النقي واتخاذها سكناً دائماً لهم. وتتفرع طريق مشجرة وعريضة على يمين الطريق الملكية المؤدية إلى أنطاكية غير البعيدة عن الخط الحديدي وتشكل القسم الغربي من الطريق الدائري وتحاذي التلال الصخرية الموجودة على الطرف الغربي من المدينة وتمتاز بموقعها العام الباهر الجميل وهوائها النظيف وخاصة في فصل الصيف لذلك فهي مكان مناسب للتنزه. وبسبب جمال الموقع ومناخه الصحي بُديء ببناء المدرسة الأمريكية(معهد حلب العلمي-المترجم) وبعض المنازل على تلاله الجنوبية. وتقع ثكنات العتاد والهندسة العسكرية وساحة التدريب العسكرية الجديدة وبعض الفيلات على الطريق المحلّق وخاصة على أراضي عائلة هلال الخاصة التي بيعت على شكل قطع.

      على الطرف الشمالي لحي الجميلية وبين الخط الحديدي وحي العزيزية وبعيداً عن Boulvard de France تقرر تشييد حديقة باهرة على قطعة أرض واسعة غير أهلة تعود للأوقاف الإسلامية ويمر عبرها نهر قويق بعد إنهاء أعمال التنظيف والترتيب على ضفتي النهر. وبفضل هذه الحديقة سيتغير مظهر تلك البقعة من المدينة بشكل ملحوظ وستزول المياه الآسنة فيها ويصبح المكان صحياً.

      شُقَّ شارع في المدة الأخيرة على الجهة الشمالية من بولفار ده فرانس وقرب الخط الحديدي ومستودعات شركة الكهرباء والحافلات يمتد حتى حديقة السبيل على الطرف المقابل للخط الحديدي ثم شيدت على طرفيه فيلات وأبنية كبيرة وبدأت المدينة تتوسع في هذا الاتجاه أيضاً. وقد شق شارع السبيل بين تلين وتمر الرياح الشمالية-الغربية من خلال هاتين الكتلتين الصخريتين وترطّب المناح كثيراً وخاصة في فصل الصيف.

      يقع شارع محطة بغداد(باسم محطة القطار)على الجهة الشمالية من المدينة بين نهر قويق والخط الحديدي. ومحطة القطار بناء كبير وواسع وتقع حوله منشآت الخط الحديدي الهامة. وقد شيدت أبنية عصرية على هذا الشارع العريض المشجّر والفروع التي تنطلق منه.

    على الجهة المقابلة للخط الحديدي وإلى يمين طريق السبيل تقع مدرسة Freres Maristes الهامة وثكنة قوات الصباهيين المراكشيين(في حيّيي  VincqوMussy) واسطبلات خيولهم.  وغير بعيد عن هذه المنطقة وعلى تلة صخرية أنشئت قرية للمهجرين السريان الذين نزحوا إلى حلب مع المهاجرين الأرمن من كيليكيا وخربوط وماردين وفضلوا السكن في هذا الحي كمكان آمن. وتسكن إلى جانبهم 60 عائلة أرمنية أيضاً حول الكنيسة-المدرسة المكرسة للقديس يعقوب. وإلى الشمال من هذه المنطقة وعلى تلة صخرية أوسع شُيد حي الداودية الأرمني(حي الأشرفية الحالي-المترجم) الذي تكلمنا عنه سابقاً.

يمتد الخط الحديدي شمالاً. وفي هذا الموقع من المدينة تقع مستودعات القطارات وورشاتها. وبعد هذه المنطقة بمسافة قليلة توجد تسع مقابر مسورة خاصة بالطوائف المسيحية المختلفة والمقبرة الفرنسية الواسعة على الجهة الشرقية منها.
وعلى الطرف الشرقي من هذه المقابر شُيدت في المدة الأخيرة أحياء أرمنية جديدة: الشيخ مقصود وبستان الباشا وكيرمانيك الجديد أو هلّك داغ. ويتصل الشارع الدائري للمدينة بالمقابر المسيحية ويصل إلى حي الميدان عبر جسر الصيرفي الذي بني على نهر قويق في عام 1937.

    هذه هي أحياء حلب في مجملها حارة بعد حارة وهذه هي طبيعة المدينة. وقد شيدت جميع مناطق المدينة الغربية والشمالية بعد الحرب العالمية الأولى 1914-1918 مما يؤكد على توسع كبير وهام تعرضت له المدينة خلال 30 سنة الماضية.

Charles Godard (Alep. Essai de Geographie Urbaine et d’Economie Politique et Sociale) Alep-1938, p. 1-23

      يذكر قنصل حلب الفرنسي Chevalier Laurent d’Arvieux في ثمانينيات القرن 17 في مذكراته جميع أحياء حلب باسمائها وحاراتها مفصلاً قائلاً:((يحتوي حي أسد الله على 290 باباً أو بيتاً بينها المساجد والقصور والخانات(وهذه الأخيرة كانت تستخدم نزلاً للأجانب السابقين) والقيصريات وهي بيوت من نوع آخر للأجانب أو للعرب والبدو الذين يسكنون في المدينة وهناك الحمامات العامة والأفران والطواحين والأسواق وذلك على الشكل التالي:العقبة 162 بيتاً والجلوم الكبرى  542ً والجلوم الصغرى 167 وباب قنسرين 168 وقلعة الشريف 190 وساحة بزة 421 والقصيلة 244 وباب المقام 231. وألتون بوغا 167 والبياضة 161 والبندرة 186 والدباغةالعتيقة 133 141 وحارة المصابن  162 وبحسيتا 477 وزقاق الحجارين 155 وغيرها.

ويستطرد دارفيو قائلاً بأن حيين من أصل هذه الأحياء ال 24 أُلحقت إلى المدينة كونها قريبة منها. وهذا القنصل الذي كان مهتماً بالمدينة وشعبها ونظامها الحكومي طوال سنوات بقائه فيها يقدم معلومات مفيدة ووثائقية حول 40 أو 50 ضاحية من ضواحي حلب التي منذ سنوات تشكل قسماً من المدينة بينما كانت ضواحي منفصلة قبل قرنين من تاريخنا:((المغاير 133 بيتاً والأعشار 145 والخشاشة 166 والدودو 145 وجيوب كرمان 201 والبلاّط 166 والأبرك 194 وطاطارلار 147 وهاينتسه بك 174 والهرلك 223 والمشاطية 225 ودبلان 167 والقازنجي 133 وحارة الجديدة 222 وقسطل عرب 224 وتشاكر محلليسي 116 وحارة شيخ الحياك 192 وحارة ابن عيد 122 والسرّاين 125 وحارة التركمان 98 وحارة الفرن 154 وحارة الشيخ راضي 134 وحارة الشيخ يبرق 116 وأغيول 214 وحارة ابن المرعشلي 220 وزقاق يعقوب 211 وقسطل حرامي 242 وحارة البساتنة 214 وحارة الألمجي 161 وحارة شرعسوس 139 وخان السبيل 117 وحارة الحكاك 100 وحارة باب النصر 279 والجديدة 410 وزقاق الأربعين وحارة الكنيسة وجميعها 339 والقناص 191 وقسطل زيربان 195 وزقاق الشمائين 198 وكفر الزلاحف 159 وكلاسة 523 وحارة أوغلان بك محمود 212 وباب النيرب 208 والصوغانجي  وغيرها 275).

       بناء على دراسات دارفيو في عام 1680 كان عدد الأبنية العامة 777 والخاصة 13,360 والعدد الإجمالي 14,137. وحسب هذه الإحصائية أيضاً كان هناك 272 جامعاً كبيراً وصغيراً و 5 كنائس مسيحية وكنيس يهودي واحد و35 دائرة حكومية و68 خاناً و187 قيسرية و67 حماماً عاماً و 36 فرناً و 37 مطحنة تدار بقوة البغال وصومعتين للدراويش و 8 مدارس ابتدائية وثانوية وسجن واحد و 8 مسالخ و 4 مصانع صابون و 6 مصابغ.

Chevalier d’Arvieux (Memoires) Paris-1734, IV,p. 440

*ينفرد “ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية” بنشر صفحات كتاب “تاريخ حلب” للأسقف أردافازت سورميان.

* من كتاب “تاريخ حلب” للأسقف أردافازت سورميان، مطران الأرمن الأسبق في حلب، (1925 ـ 1940)، ترجمه عن الأرمنية الدكتور ألكسندر كشيشيان، عضو اتحاد الكتاب العرب وجمعية العاديات، حلب، 2006.

محافظة شيراك في أرمينيا

$
0
0

Marmashen4 (1) 

تقع محافظة شيراك على الضفة اليسرى لنهر أخوريان. وتشتهر بغناها بالتربة الخصبة ومناخها البارد. هواء المقاطعة نقي والغطاء النباتي مرجي متنوع، في وديان النهر ينمو السنط والسرو و العديد من أنواع الأشجار الأخرى كما انه هناك الكثير من الينابيع في المقاطعة.

المناخ قاري، متنوع من بارد مثلج (-38 درجة مئوية) في الشتاء الى حار لاذع (36 درجة مئوية) في الصيف. وهو على خط منطقة زلازل ذات 8-9 درجات على مقياس ريختر. يقع مركز المقاطعة كيومري في قلب مرتفعات شيراك، على ارتفاع 1550م عن سطح البحر. كيومري ثاني مدينة في أرمينيا من الناحية السكانية و كانت مركزاً صناعيا هاماً في أيام الحكم السوفياتي، و هي من أقدم مراكز التجمع البشري في تاريخ البلاد. و أكد علماء الآثار أن كيومري سكنت منذ حوالي مليون عام. أظهرت الاستكشافات عن هياكل عظمية لفيلة وثيران وجمال وأحصنة تعود لما قبل التاريخ وتشهد بالحقيقة.

يمكن أن تلقى أول دلالة على كيومري (كومايري) الكتابات المسمارية في مارماراشين (القرن الثامن قبل الميلاد). صارت كيومري بلدة مزدهرة في القرن التاسع عشر مع الانضمام إلى روسيا بعد الحرب الروسية – الفارسية عام 1804.

ذكر المؤرخ الإغريقي كسينوفون كيومري للمرة الأولى كموقع في القرن السابع والسادس قبل الميلاد. تفتخر المدينة بأديرتها الأرمنية الثلاثة وديرها الروسي. يمثل المنتزه التاريخي والأثري لكومايري مركز البلدة ويتألف من 1600 مبنى ومنشأة ومتحفاً للفنون الشعبية. المقاطعة مليئة بالآثار والمزارات الرائعة التي تجذب السياح. تعرف بلدة ارتيك كمركز لمناجم الحجر المسامي. الأحجار المسامية الأرمنية شهيرة بتدرج الألوان حوالي الأربعين لون.

ليس بعيدا عن أرتيك وعلى امتداد سطوح ثلاثة يوجد الموقع القديم للعصر البرونزي، الذي تم خلاله تشيد مجمع الدير هاريجافانك في القرن السابع-الثالث عشر.

على الضفة اليسرى من نهر أخوريان يمكنكم أن تجدوا مجمع الدير مارماراشين الذي شيد في عام 988-1029. على طول النهر وإلى الجنوب تتمركز المواقع التاريخية، هايكاتسور، باغرافانك وبكاتدرائيتها المشيدة في القرن الرابع والخامس. على الضفة اليمنى من المنحدرات سترى عاصمة أرمينيا السابقة المشهورة آني. مدينة سبيداك التي تضررت وعانت كثيراً من زلزال عام 1988 و لكن بفضل الإرادة والروح الأرمنية تشهد المدينة أعمالاً جمة من أجل إعادة البناء منذ ذلك الحين.

من كتاب “جمهوريـة أرمينيـا (دليل ثقافي – سياحي)” ، إعداد وإشراف: الدكتور أرشاك بولاديان، البروفيسور في العلوم التاريخية، وسفير جمهورية أرمينيا لدى الجمهورية العربية السورية. صدر الكتاب عن وزارة الثقافة – دمشق، 2010.

الإبادة الأرمنية: أكبر “قنبلة هيروشيمية”صامتة

$
0
0

Saleh ZahradDin

د. صالح زهر الدين*

في الرابع والعشرين من نيسان هذا العام 2015، تبلغ جريمة الإبادة الأرمنية على يد الطورانيين الاتحاديين عمرها المائة…إنها “مئوية الإفناء” المنظّم والممنهج على يد قادة “جمعية الاتحاد والترقي”، حيث سقط من جرائها أكثر من مليون ونصف مليون أرمني، فضلاً عن مئات الآلاف من المهجّرين والمشرّدين والمختفين، فاستقبلهم العرب بالترحاب، لأن وحده الأصيل يقبل الأصيل.

أمام هذا الواقع، فقد ذهب البعض إلى وصف هذه المجازر الإبادية بحق الشعب الأرمني بأنها “هيروشيما الأرمن”، لكننا نحن نقول بأن هذه “الهيروشيما الأرمنية” صحيحة من ناحية التشبيه المجازي، أما في الحقيقة، فإن هناك فروقات هائلة بين “هيروشيما اليابان” ومجازر الإبادة الأرمنية، نستطيع إيجازها بما يلي:

أولاً: إن “جريمة هيروشيما” في السادس من آب 1945، نجمت عن إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية “القنبلة الذرّية” الأولى على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، نتج عنها سقوط حوالي مائة ألف قتيل ياباني. وكانت “القنبلة الذرّية” الثانية في التاسع من آب 1945 (بعد ثلاثة أيام من قنبلة هيروشيما) على مدينة “ناغازاكي” اليابانية، سقط من جرائها حوالي ثلاثون ألف قتيل.

ثانياً: إن جريمة الإبادة الأرمنية على يد الاتحاديين الطورانيين العثمانيين بدءاً من 24 نيسان 1915، كانت بمثابة “القنبلة الديموغرافية الإفنائية” الأولى على يد بني عثمان في القرن العشرين، وقبل ثلاثين عاماً من “القنبلة الذرّية” الأميركية، ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف مليون أرمني. باعتبار أنه عند الانهيار الكبير تنهار الركائز الكبرى وتغيب: العقل والمعرفة والقانون. وهذا ما فقده العثمانيون الطورانيون عند ارتكابهم للمجازر الأرمنية.

ثالثاً: إذا كانت “القنبلة الذرّية” الأمريكية أول جريمة ذرّية في القرن العشرين، فإن “القنبلة الإفنائية الديموغرافية” العثمانية هي أول وأكبر قنبلة إبادة منظّمة في القرن العشرين ذاته أيضاً، ولكن بكاتم صوت هو أحدث من كل كواتم الصوت المعروفة في عصرنا الحالي.

رابعاً: إن حجم مجازر الإبادة الأرمنية يعادل 15 مرة حجم جريمة هيروشيما الذرّية، من حيث عدد القتلى. وما يوازي 12 مرة حجم جريمة هيروشيما وناغازاكي معاً.

خامساً: إن “القنبلة الذرّية” الأمريكية عام 1945 طالت مدينة هيروشيما في البدء، ثم مدينة ناغازاكي. بينما “القنبلة الديموغرافية الإفنائية” العثمانية عام 1915، طالت مدناً ومقاطعات وولايات أرمنية بكاملها، تعادل أضعاف أضعاف مساحة ناغازاكي وهيروشيما.

 سادساً: إن عمر “القنبلة الذرّية” الأمريكية على هيروشيما عام 2015 يبلغ 70 سنة، بينما  عمر “القنبلة الديموغرافية الإفنائية” العثمانية يبلغ مائة عام في هذا التاريخ.

سابعاً: إن “القنبلة الذرّية” الأمريكية حصرت مفاعيلها الكارثية في هيروشيما وناغازاكي وحدهما، بينما “القنبلة الديموغرافية الإفنائية” العثمانية تجاوزت في مفاعيلها ونتائجها الكوارثية مدن الأرمن وقراهم في أرمينيا الغربية التي سيطرت عليها تركيا – ولا تزال – وقد وصلت مآسيها وفظائعها إلى صحارى سورية ومياه البوسفور والفرات، وبحار وأنهار أخرى. ولا تزال المآسي مستمرة.

ثامناً: إن مسؤولية “القنبلة الذرّية” واستخداماتها لأول مرة في التاريخ، تقع على عاتق الولايات المتحدة الأميركية، بينما مسؤولية “القنبلة الديموغرافية الإفنائية” العثمانية تجاوزت السلطنة العثمانية والطورانيين الاتحاديين إلى مسؤولية دولية مشتركة تمثلت بتواطؤ مباشر من دول أوروبية (كألمانيا مثلاً)، أو بصمتٍ ولا مبالاة من دول أخرى أوروبية كانت أم أمريكية، وإما بموقف المتفرّج من آخرين. وهنا تكبر الجريمة كما تكبر بالتالي المسؤولية إزائها.

تاسعاً: في الوقت الذي بلغ فيه عمر الإبادة الأرمنية مائة سنة، فإن تركيا -الدولة والنظام والحكومات المتعاقبة- لا تزال حتى اليوم تنكر حصول هذه المجزرة الإبادية وترفض الاعتراف بها، نظراً لما يترتب عليها من تبعات وتعويضات، بينما تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بجريمتها الذرّية، وأنها الدولة الأولى في العالم التي استخدمت السلاح الذرّي في الحرب العالمية الثانية ضدّ اليابان، فأجبرتها على الإستسلام عام 1945. وتكفيراً عن ذنبها، فإنها ترسل في كل عام وفداً أمريكياً رفيع المستوى إلى هيروشيما في ذكرى نكبتها كدليل على الاعتراف بالجريمة والاعتذار عنها، بحجّة أنها “الحرب” التي لا تقيم وزناً للأعراف والقوانين الدولية، لا سيما بين الدول بعضها مع بعض، فكيف بالأحرى بين دول وأقليات قومية من نسيجها الوطني والاجتماعي؟.

عاشراً: رغم هول الكارثة اليابانية في هيروشيما وناغازاكي، فإن كارثة الإبادة الأرمنية تبدو أكثر هولاً وإجراماً. لكن حجم الإدانة لم يكن متساوياً بين الكارثتين. إذ أن الإدانة العالمية للولايات المتحدة وقنبلتها الذرّية كان أكبر بكثير من إدانة الطورانيين وجريمتهم الإبادية. إضافة إلى حجم “الطّمس” الذي تعرضت له المجازر الأرمنية بفضل السياسة الدولية المتواطئة أو الصامتة أو المتفرّجة، حيث مرّت عشرات السنين دون أن تظهر الجريمة الإبادية ضد الأرمن إلى العلن، في الوقت الذي لاقت فيه “القنبلة الذرّية” استنكاراً دولياً هائلاً – ولا يزال – على مختلف الصعد والمستويات، ومنذ اللحظة الأولى التي لامست فيها أرض هيروشيما وسكانها.

ومن الطبيعي، ونحن على مشارف “المئوية” من عمر القضية الأرمنية التي كانت “طابة أطفال”، أو “كرة قدم” أو “كرة باسكيت” في أيامها الأولى، فهي اليوم، مرجّحة إلى أن تصبح بحجم “الكرة الأرضية” كلها، وذلك بفضل نضالات وتضحيات أبنائها أولا، ومناصرة الشعوب لها ثانياً، إضافة إلى وقوف معظم برلمانات العالم ومجالس شيوخها وحكوماتها إلى جانبها من ناحية ثالثة. ولن يموت حق وراءه مطالب. فكيف إذا كان هذا المُطالب بهذا الحق، كالشعب الأرمني الذي لا تزيده العواصف والأعاصير والزلازل الدموية، إلا تصميماً على التشّبث بحقه لإحقاقه، مهما بلغت المصاعب والعقبات والتضحيات.

حادي عشر: إن الفارق الأهم بين القنبلتين الذرّية والديموغرافية الإفنائية، (الأمريكية والعثمانية) هو أن قنبلة الأمريكيين الذرّية أفنت الهيروشيميين في مدينتهم وأرضهم، بينما القنبلة الإفنائية العثمانية لم تكتف بقتل الأرمن وإفنائهم في أرضهم التاريخية، بل دفعت الناجين إلى الهجرة والتهجير والتشتيت والمنفى، لقناعتهم أن الهجرة والتهجير هي إحدى طرق الإعدام والإبادة، وأن طريق المنفى هي أيضاً طريق إبادة. والإبادة تصبح ممكنة عندما تترادف مع إبادة الأرض، وأن الهجرة تحمل بذور إبادة الأرض. وهكذا كان.

ثاني عشر: إن فارق الثلاثين سنة بين “القنبلة العثمانية” الإفنائية للأرمن، و”القنبلة الأمريكية” الإفنائية للهيروشيميين، ليس بهذا الفارق الزمني الهائل، حيث ينتميان معاً إلى القرن العشرين نفسه، وتحديداً إلى النصف الأول منه. لكن قاسماً مشتركاً واحداً يجمع “أرباب القنبلتين” ويوحّدهما في “إمتياز الإجرام الإفنائي”، وهو أنهم عاشوا في عالم – هو عالمهم – افترسه السياسيون والعسكريون معاً، والذين تعوزهم “حاسة التاريخ” أي “الضمير”، حيث لا يهمّهم على الإطلاق تحت أي عنوان وفي أية صفحة يدخلون التاريخ.

ثالث عشر: إنطلاقاً من مقولة أحد أضلع المثلث الاتحادي الطوراني (أو الثالوث) وهو جمال باشا السفاح، المعروفة: “سأفني الأرمن بالحديد والنار، وسأفني العرب بالتجويع”، نرى أن هذا القرار “الإفنائي” وكأنه ثأر من شعبين عريقين حضارياً في التاريخ، تجمعهما صداقة تاريخية ومستقبلية، إضافة إلى “الإنتقام” من العرب الذين اخترعوا “الرقم الصفر” وقبلوا علم الحساب، دون أن يدركوا أن الطورانيين الاتحاديين (الفاقدي الحضارة والمعادين لأية حضارة) سوف يحوّلون “مخترعي الصفر” وأصدقاءهم إلى أصفار: الموتى، والجياع، والمهجّرين، والمنفيّين، والسجناء، والمستعبدين. لا سيما في عصر اسمه “عصر الانهيار الكبير” للقيم والأعراف والتقاليد والأخلاق والعقل والضمير والقلب، النابضة جميعها بالمعرفة والعلم. في ظل طغاة لا يتلذذون فقط إلا باختراع فنون جديدة وابتكارات جديدة في “علم الإجرام” وسفك الدماء والتنكيل.

رابع عشر: إن الطيار الأمريكي الذي كانت تحمل طائرته “الولد الصغير”، (القنبلة الذرّية) ولم يكن على علم بهذا السلاح الذرّي الذي ألقى به على هيروشيما حاصداً مائة ألف قتيل وآلاف المشوّهين، لكنه أصيب “بالجنون” بعد علمه بما فعل، محمّلاً نفسه المسؤولية الكبرى، مع أنه كان ينفذ أمراً من القيادة السياسية والعسكرية الأمريكية. بينما أن مهندس “مشروع الإبادة الأرمنية” طلعت باشا (وزير الداخلية الطوراني الاتحادي) كان مع قادة آخرين يخطّط، وينفّذ عن سابق تصوّر وتصميم، دون أن يرفّ له جفن، أو أن يتعرّض لتأنيب ضمير. وفوق كل ذلك، فقد كان يدوّن “مذكراته” التي يعرض فيها بالأرقام والوقائع، فتوضح سياسة حكومته وجمعيته (جمعية الاتحاد والترقي). وقد صدرت هذه المذكرات بالفعل عام 2005، تحت عنوان “الكتاب الأسود لطلعت باشا” – أي بعد 90 عاماً على ذكرى الإبادة الأرمنية – (باللغة التركية في اسطنبول). ولأننا ننظر إلى هذه المسألة بـ “عين الوثيقة” وليس بـ”عين السياسة”، نستطيع أن نتساءل: فماذا عن هذه المذكرات؟ وكيفية نشرها؟

مهما يكن من أمر، تبقى وثائق ومذكرات طلعت باشا (الذي كانت له اليد الطولى في هذه المجازر) بمثابة الضربة المؤلمة على رأس الأتراك وحكوماتهم المتعاقبة لأنها تثبت حقيقة المجازر بحق الأرمن من جهة، كما تفضح المزاعم العثمانية والتركية منذ وقوع المذبحة حتى اليوم من جهة ثانية.

والجدير بالذكر، أن مذكرات طلعت باشا – مهندس المجازر والترحيل – والتي ظهرت ما بين عامي 2005 و 2008، تعدّ أول وثيقة اعتراف رسمي عثماني وتركي بالمجازر الأرمنية، وأول “إثبات دامغ” يعترف به صاحبه بخط يده حول “الحقيقة” من منبعها ومصدرها الأصلي، باللغة التركية أولاً، ونشر بعضها في جريدة تركية ثانياً، ثم في كتاب مستقل ثالثاً داخل تركيا، وليس خارجها. وهنا تكمن الأهمية البالغة لهذه المذكرات رغم الإنكار التركي المتمادي حول هذا الموضوع، وحقيقته البالغة الخطورة باعتراف صاحبها.

هذا، ومن الغرابة أنه بعد حوالي تسعين عاماً على المجازر، لم يكن قد ظهر بعد أيّ دليل أو أي اعتراف رسمي تركي على جريمة بهذا الحجم، ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف مليون أرمني، عدا عن المنفيين والجرحى والمفقودين. إلا أنه في عام 2005 نشرت جريدة “حرييت” التركية أجزاء من مذكرات طلعت باشا، المهندس الحقيقي لترحيلات الأرمن ونفيهم. ثم بعد سنوات ثلاث (أي عام 2008) نشر المؤرّخ التركي مراد بارداكتشي مذكرات طلعت باشا في كتاب عنوانه “الوثائق الباقية لطلعت باشا”. وفي هذا الكتاب توثيق دقيق لحملة الإبادة الأرمنية في عامي 1915-1917، كما أطلق عليه أيضاً اسم “الكتاب الأسود لطلعت باشا”. وهو بالفعل، كتاب بخط اليد، من مذكرات أبرز قادة جمعية الاتحاد والترقي، ووزير الداخلية العثماني في عام 1915 (طلعت باشا). كما يعتبر أهم وثيقة لم يكشف عنها أبداً، تصف تدمير الأرمن في الإمبراطورية العثمانية بين عامي 1915و 1917، ويعترف رسمياً بالمجازر. إن هذا الكتاب يجيب إجابة شافية على الكثير من التساؤلات الخاصة بالسجلات العثمانية. كما يتضمن قسماً أساسياً حول ترحيلات الأرمن في الفترة المذكورة أعلاه. مع العلم أن “الكتاب الأسود” هذا لم يكشف عنه أبداً أثناء حياة طلعت، أو ضمن مذكراته التي نشرت بعد وفاته مغتالاً في عام 1921. وقد احتفظت أرملته “خيرية” بهذا الكتاب ثم أعطته للمؤرخ مراد بارداكتشي سنة 1982، وقد قال: “لم يكن من الممكن أبداً أن أنشر هذا الكتاب من عشر سنوات. ولو فعلت لكنت قد نوديت بالخائن. واليوم تغيّرت العقلية”. هذا، ووفقاً لهذه الوثائق، كان يعيش في الإمبراطورية العثمانية 1.256.000 من الأرمن قبل عام 1915، وهبط الرقم إلى 284.157 بعد عامين. كما أن الإحصاءات الخاصة بالقضاء على الأرمن في “الكتاب الأسود” مقسّمة إلى أربع فئات تغطي 29 منطقة (ولايات وسناجق) من الإمبراطورية العثمانية: 1-السكان الأرمن في كل منطقة في عام 1914، 2-الأرمن الذين لم يتم ترحيلهم (المفترض في عامي 1915 – 1916)، 3-الأرمن الذين تم ترحيلهم ويعيشون في أماكن أخرى (1917) ، 4-الأرمن الذين هم أصلاً من خارج الإقليم الذي يعيشون فيه (1917).

ومما يجدر ذكره هنا، أن الأرقام الموجودة في كتاب طلعت باشا لا تقدّر بثمن، حيث تجيب على كثير من الأسئلة الأساسية حول المجازر، مع العلم أن إثنين من هذه الأسئلة يختصّان بطبيعة الترحيلات الفعلية لعام 1915، والمصير المحدد لهؤلاء المرّحلين وهم يُدفعون إلى صحراء دير الزور، إحدى المناطق الرئيسية المحددة لإعادة التوطين. كما تتناقض معلومات طلعت باشا مع الفرضية التركية الرسمية بأن الترحيلات كانت عملية منظّمة تحكمها القوانين والنظم العثمانية، أو أن المرحّلين تم توطينهم بنجاح فعلاً في دير الزور. ومن المثير للإهتمام أن “الكتاب الأسود” هذا يبيّن أيضاً أن عدد الأرمن في الإمبراطورية العثمانية كان أعلى كثيراً مما تفترضه الأرقام الرسمية.

تؤكد أعداد طلعت باشا أن معظم الأرمن العثمانيين خارج القسطنطينية قد تمّ ترحيلهم بالفعل، وأن معظم هؤلاء المرّحلين قد اختفوا بحلول عام 1917. وفي المتوسط، تم ترحيل 90 بالمئة من الأرمن المقيمين في الأقاليم، و90 بالمئة من هؤلاء المرّحلين قُتلوا. وعدد الناس الذين فُقدوا كان أكثر من 95 بالمئة بالنسبة لمقاطعات مثل طرابزون وأرضروم والرها ودياربكر ومعمورة العزيز وسيفاس.

وهذه الأرقام تبيّن بوضوح أن الترحيلات كانت ترقى إلى حكم الإعدام، حيث أن المرحّلين إلى منطقة دير الزور مثلاً قد مات معظمهم. وفي الوقت الذي تذكر فيه بعض السجلات ترحيل حوالي 400 ألف أرمنياً إلى هذه المنطقة، تظهر سجلات طلعت باشا وجود 6.778 من الأرمن في هذه المنطقة عام 1916. ومما لا شك فيه، أن وجود هذه المعلومات في كتاب مهندس الترحيلات الأرمنية – طلعت باشا – يثير مرة أخرى قضية هامة جداً تتعلق بالحشد الكبير من الوثائق الأرشيفية التي كانت تدعم هذه البيانات (بعد أن بقي الأرشيف العثماني والتركي أكثر من سبعين عاماً بعيداً عن أعين الباحثين وممنوعاً عليهم الإطلاع على محتويات وثائقه وأسراره).

كما يبين من جهة أخرى، تلك التفاصيل الواقعية عن عملية القضاء على الأرمن بين عامي 1915 و1917. ومن جهة ثالثة، يفضح زيف التوكيد الرسمي التركي بأن الترحيلات كانت عملية منظمة لنقل وإعادة توطين الناس وفق القوانين والنظم العثمانية. وباختصار، تؤكد وثائق طلعت باشا هذه اختفاء 972 ألف من الأرمن العثمانيين من سجلات السكان الرسمية في الفترة من 1915 إلى أواخر 1916.

ومهما يكن أمر “الصمت التركي” إزاء نشر هذه الوثائق، إلا أن بعض المراقبين قالوا إن هذا الصمت كان علامة على أن الموضوع لا يزال من الموضوعات المحرّمة. وهذا ما أكده الأكاديمي التركي مراد بيلجيه، في مقال بالصحيفة اليومية “طرف” الليبرالية (في كانون الثاني 2009) قائلاً إن “أهمية الكتاب واضحة من حقيقة أنه لم تكتب أية جريدة سطراً واحداً عنه عدا ملييت”. أما المؤرخ والخبير في الإبادة الجنسية للأرمن هيلمار كايزر، قال إن “السجلات التي نشرت في الكتاب كانت دليلاً دامغاً من السلطة العثمانية نفسها على أنها قد سعت إلى سياسة محسوبة للتخلّص من الأرمن. إذ فجأة تجد على صفحة واحدة توكيداً للأرقام، وكأنك تلقيت ضربة بهراوة على رأسك”. وقال كايزر: إن الأرقام القبلية والبعديّة تعتبر “سجلاً بالموتى”، ثم أضاف: “ليس ثمة سبيل آخر للنظر إلى هذه الوثيقة، فلا يمكنك إخفاء مليون إنسان بكل بساطة”. أما دونالد بولكزام، مؤلف كتاب: “اللعبة الكبرى لإبادة الجنس: الامبرالية، والقومية والقضاء على الأرمن العثمانيين”، قال: “هذا ما يثبت ما كنا نعرفه بالفعل”.

على هذا الأساس، لا يسعنا إلا أن نشكر جرأة مراد بارداكتشي الكاتب المولع بالتاريخ، والخبير في قراءة وكتابة النصوص العثمانية، والملاحة في ماضي تركيا المكتوب. مع العلم أن والده كان عضواً في نفس الحزب السياسي لطلعت باشا، كما عرفت عائلته العديد من الشخصيات السياسية المهمة في تأسيس تركيا. ومن خلال هذا العمل، أثبت بارداكتشي شجاعة فائقة في تسليط الضوء على كنز وثائقي لا يقدّر بثمن، وكشف من جهة أخرى مساوئ الحملة العدائية الرسمية للنسيان، حيث أغلقت تركيا على أقبح جزء من ماضيها بعيداً عن العيون، ومنعت أي ذكر للأحداث في كتب المدارس والروايات الرسمية. وقد استطاع مراد بارداكتشي فعلاً أن ينفض غبار السنين وأوحالها عن حقيقة المجازر التي غطيت بعباءة فقدان الذاكرة هذا الكم من السنوات. ومؤكداً أيضاً أن التنصّل من جريمة المجازر هذه، ورفض الاعتراف بحقيقة وجودها، لا يقللّ من الحقيقة، لأن الحقيقة في النهاية كالجوهرة، تحتفظ بقيمتها وأهميتها مهما يعتريها من غبار الزمن وأوحال السنين. يضاف إلى ذلك، كمّ هائل من الوثائق والبرقيات التي بعث بها طلعت باشا إلى بعض ولاته في الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، بشأن مسألة الترحيل والنفي للأرمن العثمانيين. وهذا ما تضمنته الكثير من المراجع والمصادر الخاصة بالقناصل والسفراء الأجانب، كما بكتابات بعض الموظفين من العرب والأتراك، الذين شغلوا مناصب حسّاسة، وكان معظمهم شاهد عيان على هذه القضية.

وتأتي وثائق “الكتاب الأسود” لطلعت باشا اليوم كدليل موثوق آخر على حجم الكارثة المأساوية ضد الأرمن في ظل النكران المستمر “وعدم الاعتراف” الرسمي بها -تركيا- حتى أيامنا هذه، بالرغم من مبادرات التقارب رسمياً بين أرمينيا وتركيا مؤخراً، كللت بزيارات متبادلة من الجانبين، بعد خطوات جريئة من بعض الجماعات المثقّفة في تركيا، عبّر عنها بيان يحمل اعتذاراً عن إنكار المذابح، وقّع عليه حوالي 29 ألف شخص في شهر كانون الأول 2008.

ويبقى أخيراً أن نقول في ذكرى “مئوية الإبادة الأرمنية” أن هذه القضية دخلت التاريخ وخرجت من الجغرافيا. وليس هناك من قوة في الكون قادرة على إخراجها من التاريخ وإعادتها إلى شرنقتها الجغرافية، لتدفن نفسها فيها كدودة الحرير، لأن الشعب الأرمني خلق ليحيا لا ليموت، باعتباره خلّاقاً وخلوقاً بامتياز… والموت لا يليق به… ولكن مع كل هذا، فالإنسان يغادر الوطن، لكن الوطن لا يغادر إنسانه… فكيف إذا كان هذا الإنسان “أرمنياً” يحمل وطنه في قلبه وعقله ووجدانه وجوارحه تماماً كما يحمل اسمه، أينما كان وأينما رحل؟… وكما يحمل أيضاً “ذاكرته” التي تختصر الزمان، وتخترق الجغرافيا، لتبقى مع التاريخ توأمين، علّها تستفيق “الذاكرة التركية” في ذكرى “مئوية الإبادة” هذه، وتتذكر تلك المأساة -الفاجعة- فيستفيق إثرها الضمير، معلناً الاعتراف بها، كمقدمة ضرورية لمحو عداوات وأحقاد، وفتح صفحة جديدة من المحبة والتعاون والتفاهم، لما فيه خير الشعوب والإنسانية بأجمعها…

أخيراً نستطيع القول، أن الأمة العربية أنقذت الأمة الأرمنية من “الإنقراض”، تماماً كما أنقذتها من “الذوبان”، ولم تكن عملية إحياء مئوية الإبادة هذه إلا الحصيلة الطبيعية لهذا الإنقاذ… وإلا كانت الأمة الأرمنية قد شهدت “هيروشيمات” عدّة، صامتة، أو “بكواتم صوت” مختلفة، وفي قرن واحد هو القرن العشرون. يستحيل بعدها إحياء أية ذكرى إبادية، مئوية كانت أم غير مئوية..

ومن صميم القلب والعقل والوجدان، نخاطب الرئيس رجب طيّب أردوغان (الذي غيّر ذكرى معركة غاليبولي من 18 آذار، كي يحتفل بها في 24 نيسان)، قائلين: إن مال العالم لا يمكن أن يشتري لكم تاريخاً مغايراً… كما أن كل مساحيق العالم لا تقدر أن تبيّض لكم تاريخكم الأسود، الذي يخجل سواد الليل والفحم من سواده… لأنه الصفحة الأكثر سواداً في تاريخ الإنسانية جمعاء…

*باحث ومؤرخ لبناني، له عدد من المؤلفات في التاريخ والسياسة والاستراتيجيا، أستاذ في الجامعة اللبنانية، وفي كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان في الجيش اللبناني، له عدد من المؤلفات عن الإبادة الأرمنية.

(مقالة صدرت في العدد الخاص الذي أصدره ملحق أزتاك العربي للشؤون الأرمنية في 24 نيسان 2015 بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية)

مباحثات بين أرمينيا والإمارات بشأن اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار

$
0
0

emirates 

ذكرت وكالة انباء الامارات أن سفير دولة الامارات لدى أرمينيا جاسم محمد القاسمي ترأس الجلسة الافتتاحية للاجتماع الذي عقد بمقر وزارة الاقتصاد الأرمينية بشأن اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين. وحضر الاجتماع فاهاكن لالايان المدير العام لإدارة الاستثمارات بوزارة الاقتصاد الأرمينية.

واستكمل فريق العمل بين البلدين اجتماعهم بعد ذلك وتوصلا إلى مشروع الاتفاقية التي من المتوقع أن تساهم في زيادة وتطوير الاستثمارات في المجالات كافة في البلدين الصديقين.

مدينة ألدايا الأسبانية تعترف رسمياً بالإبادة الأرمنية

$
0
0

Aldaia_102815 

أفاد مكتب الاعلام في وزارة الخارجية الأرمينية أن مدينة ألدايا التابعة لمقاطعة فالنسيا الأسبانية اعترفت في 27 تشرين الأول رسمياً بالإبادة الأرمنية.

وبهذا تكون قد انضمت الى عشرات المدن الاسبانية التي اعترفت بالابادة الأرمنية وأدانتها.

وكان نص القرار الذي قدمته الجمعية الأرمنية “أراراد” في فالنسيا قد طرح للمناقشة من قبل الناطق الرسمي لجمعية اليسار خوانخو يورنتيه. كما صوت ممثلي الأحزاب الأربعة بالاجماع لصالح القرار الذي يعتبر أن تركيا العثمانية ارتكبت جريمة وينبغي وصفها بالابادة وإدانة نكرانها.

يذكر أن ممثلين عن الجالية الأرمنية في فالنسيا الى جانب شخصيات سياسية واجتماعية حضرت الجلسة.

مدينة دنيبروبتروفسك الأوكرانية تعترف بالابادة الأرمنية

$
0
0

ukrain 

ذكرت وكالة “أرمن برس” أن الأخبار التي تداولتها وسائل الإعلام الأذرية عن أن مجلس مدينة دنيبروبتروفسك الأوكرانية رفض قرار الاعتراف بالابادة الأرمنية لا تتوافق مع الحقيقة.

فقد أشار عضو مجلس مدينة دنيبروبتروفسك الأوكرانية إيديك بغداساريان وهو ممثل الأرمن أن رئيس مجلس البلدية كان قد وقع قبل أسبوع على القرار المنشور على موقع المجلس.

وأكد بغداساريان أن التصويت على القرار تم طرحه منذ شهر أيلول الماضي، وقال: “لقد صعد الأتراك والأذريون الأمر، وطلب قنصل تركيا من المجلس بعدم تبني القرار، وكانوا يزورون المجلس ويبذلون كل جهدهم لمنع تبني القرار. لكن رئيس مجلس البلدية قرر التوقيع على القرار في 24 تشرين الأول، حيث دخل حيز التنفيذ”.


أرمينيا في قائمة أفضل دول العالم لبدء المشاريع التجارية وفق تقرير البنك الدولي

$
0
0

world_bank_102815 

نشر البنك الدولي تقريره السنوية بعنوان (doing business 2016 ) حول تقييمه للأطر القانونية، وأكد فيه أنه في المنطقة التي تقع فيها جمهورية أرمينيا تم تسجيل 58 خطوة في الإصلاحات في 23 دولة من أصل 25.

وأشار مكتب أرمينيا للبنك الدولي أن أرمينيا تقدمت بنقطتين مقارنة بالعام الماضي. حيث ” قامت أرمينيا بتسهيل آلية العمل الإداري في مجال البناء، واختصرت آليات تخص الوقت والتكاليف في التجارة مع روسيا، الى جانب عضويتها في الاتحاد الاروآسيوي الاقتصادي. بالإضافة الى اتخاذ قرارات جديدة لتعيين القضاة وتسهيل الإجراءات في المحاكم”.

يذكر أن أذربيجان احتلت المركز 63 بين الدول البالغ عددها 189 بين رواندا وجامايكا. وفي هذا العام تجاوزت أرمينيا وجيورجيا مرة أخرى أذربيجان. وجاءت لبنان في المرتبة 123.

يذكر أن سينغابور ترأست القائمة في السنوات العشر الأخيرة، وتأتي نيوزنلندا والدانمارك وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ وبريطانيا والولايات المتحدة الأرمريكية والسويد والنرويج وفنلندا في قائمة العشرة الأوائل.

وتترأس استونيا الدول التي مارست التجارة والمشاريع التجارية في الاتحاد السوفيتي السابق، وتليها ليتوانيا (22) وجيورجيا (24) وأرمينيا (35) وبلروسيا (44) وملدوفا (52) وقرقزستان (67)..

مقاطعة أبروتسو الإيطالية تعترف بالإبادة الأرمنية

$
0
0

italy-abruzzo

ذكر موقع (الأرمن في إيطاليا) أنه بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية تبنى مجلس مقاطعة أبروتسو الإيطالية في 27 تشرين الأول قراراً يعترف بالإبادة الأرمنية ويدعم الشعب الأرمني.

وجاء هذا القرار بعد طلب تقدم به مجلس الجالية الأرمنية في روما بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية وضمن فعاليات مختلفة تقيمها بهذه المناسبة، وقد تم توجيه رسائل الى مدن إيطالية عديدة لتنبي قرارات تدعم الشعب الأرمني وتكرم الشهداء الأرمن.

وكان عضو حزب الديموقراطي الإيطالي لوتشيانو مونتيتشيللي قد طرح مشروع القرار وأكد أن السلطات السياسية الإيطالية ناضجة الى حد الاعتراف بالابادة الأرمنية. وقال: “لقد تعرض أكثر من مليون شخص أرمني من نساء وشيوخ وأطفال الى تصفية جسدية عام 1915 على يد الإمبراطورية العثمانية، وأصبحت أول إبادة في القرن العشرين”.

يذكر أنه حتى الآن 91 مجلس بلدية ومقاطعة في إيطاليا قد اعترفت بالابادة الأرمنية.

مجلس الشيوخ في البارغواي يعترف بالإبادة الأرمنية

$
0
0

paraguay 

ذكر موقع قناة “يركيرميديا” وفق لجنة القضية الأرمنية في أمريكا الجنوبية، أن مجلس الشيوخ في البارغواي وافق بالإجماع على قرار يعترف بالإبادة الأرمنية.

وبحسب تصريح عضو المجلس الأعلى السابق لحزب الطاشناك في أمريكا الجنوبية ماريو نالبانديان فإن القرار المنشور ينص على “أن مجلس الشيوخ في الباراغواي يعترف بإبادة الشعب الأرمني الذي ارتكب بين عامي 1915-1923 في الإمبراطورية العثمانية، ويحيي الذكرى المئوية للابادة الأرمنية كجريمة مرتكبة بحق الإنسانية”.

يذكر أن دولاً عديدة في أمريكا الجنوبية اعترفت بالابادة الأرمنية مثل بوليفيا والتشيلي وفنزويلا و البرازيل والأرجنتين والأوروغواي، إضافة الى العديد من المدن والولايات.

الأرمنية آزادوهي صاموئيل أول امرأة درست واعتلت المسرح العراقي

$
0
0

azaduhi

كتبت وداد ابراهيم  في (الصباح الجديد) مقالاً بعنوان (آزادوهي صاموئيل أول امرأة درست واعتلت المسرح العراقي) وأشارت الى أنه لا يخلو المسرح العراقي من الممثلين العالميين، ولا اقصد انه استقطب ممثلين من المسرح العالمي وانما صنع ممثليين عالميين باعمال عالمية وعراقية، وازادوهي صاموئيل واحدة من الممثلات العالميات في المسرح العراقي لانها اول امرأة عراقية تقف على المسرح العراقي وهي مازالت طالبة في المدرسة وأول طالبة في قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة.

سارت في طريق الفن برحلة تصل الى 52 عاماً فكانت رائدة مبدعة عاشقة راهبة متفانية خلاقة مؤثرة وفاعلة ومتواصلة راهبة، سميت قديسة المسرح بعد ان حصدت جوائز وشهادات واسماء والقاب، تعد من الرعيل المسرحي الأول وهي الاكثر ثرائاً والاخطر اسلوباً واكثر المسرحيين شهرة، تكتنز ثقافة مسرحية وتاريخية واسعة وواعية.
ومن جراء ذلك كثيراً ما قامت بتصميم مظهر الشخصية التي تمثلها وهي تختلف عن ابناء جيلها الفنانات بانها متمكنة بصورة دقيق من الدور وهذه الميزة لا تكتسب الا بالثقافة المسرحية والمقارنة والمجاهدة بين الادوار والنصوص التي تقرأها ومع هذا كله فيجب ان نعدها من الجيل المسرحي الاول في العراق جيل الخمسينيات الذي اتخذ صفاته من صفات النهر العميق ,ومثلما نذكر في المسرح يوسف العاني فان ازادوهي ابنة المسرح العراقي ولم تغادر ولم تهاجر بل بقيت مع الخشبة مخلصة لها وللفن العراقي.

ولدت ازادوهي في منطقة رأس القرية في شارع الرشيد عام 1941 من عائلة ارمنية جاءت مهاجرة من تركيا في العشرينيات من القرن الماضي عاشت في عائلة فقيرة، حرص والدها على تعليم ابناءه فادخلهم مدارس انموذجية، فدرست الابتدائية في مدرسة الأرمن الغربية .

وفي المرحلة المتوسطة انتقلت عائلتها الى منطقة راغبة خاتون فاكملت دراستها في مدرسة الاعظمية، كانت الاكثر اجتهاداً في الحفظ ما ساعدها على ان تجسد مسرحية تاجر البندقية وباللغة الانتكليزية على مسرح المدرسة فاثارت اعجاب كل من تابع المسرح بما فيهم صديقتها شقيقة الفنان سامي عبد الحميد فعرضت عليها العمل في المسرح .
لم تكن ماقالته صديقتها مجرد اقتراح بل صار حقيقة لتذهب ازادوهي للتعرف على يوسف العاني لتمثل معه مسرحية (6 دراهم) ضمن فرقة المسرح الفني الحديث عام 1956شاركها التمثيل عبدالرحمن بهجت لتعرض على مسرح الملك فيصل (مسرح الشعب )حالياً شهد هذا العام وهذا المسرح ولادة اول ممثلة عراقية وكان العمل الذي كتبه يوسف العاني من الاعمال التي كانت اللبنة الاولى لمسرح عراقي جاد .

بعد هذا العمل شاركت ازادوهي في مسرحية (حرمل وحبة سودة) مع ليلى عثمان عام 1959وهي في الصف الثالث المتوسط وقدمت هذه المسرحية على مسرح الكلية الطبية الملكية في هذا الوقت كان الفن السينمائي ينعم بوجوه جديدة الا ان هذه الوجوه انشغلت عن المسرح هذا ماجعل ازادوهي تنفرد في الفن المسرحي .
خلال ثلاث سنوات من عام 1956-1959 بقيت فنانتنا هي الوحيدة التي تقدم اعمال على المسرح حتى جاءت للمسرح الفنانة زينب لتشاركها اعمالها المسرحية .

تخرجت ازاودوهي من معهد الفنون الجميلة لتعمل في النشاط المدرسي عام 1963 ,الا انها فصلت من العمل لاسباب سياسية لتنتقل للعمل في مهنة الحلاقة، لكن المسرح بقي ملازماً لها وعدت العمل المسرحي هو اساس حياتها فقدمت مسرحية فوانيس عام 1964 ومسرحية نسيمة عام 1965 ومسرحيات اخرى .اعيدت للعمل في النشاط المدرسي عام 1968لتبدأ رحلتها مع المسرح المدرسي وفي مدن ومسارح المحافظات ومن خلال النشاط المدرسي، فعملت في مدينة الرمادي ووقفت على المسرح في ما يقارب خمسة اعمال حين كان النشاط المدرسي يحتضن اعمال مسرحية لخريجي معهد الفنون الجميلة في الرمادي .

عادت الى بغداد حين كانت الفرقة القومية للتمثيل في بداية تكونيها فانتقلت اليها كممثلة مسرحية عام 1977 وقدمت اعمال مع كبار المسرحيين من مخرجين وممثلين وصناع المسرح العراقي وكتابه مثل محي الدين زنكنة وعادل كاظم، فوقفت في مايقارب اكثرب من 50 عملًا مسرحياً مع كبار المخرجين مثل جاسم العبودي وجعفر السعدي وسامي عبدالحميد وصلاح القصب .

في التسعينيات قدمت اعمال مع مسرحيين شباب مثل كاظم النصار وغانم حميد واحمد حسن موسى واخرين .
حصلت الفنانة على اكبر الشهادات في المسرح العراقي من خلال المهرجانات في الدول العربية، اخر اعمالها مسرحية ( نساء في الحرب) مع المخرج كاظم نصار وشاركت هذه المسرحية في اسبوع المدى الثقافي عام 2006 واخر عمل تلفزيوني لها مسلسل (اولاد الحاج) تأليف قحطان زغير، اخراج جمال عبد جاسم، قدم من الفضائيات العراقية عام 2005 ، في عام 2008 قدمت مشهد احتفاء بالفنان يوسف العاني على خشب المسرح الوطني.
هذه المبدعة تعرضت لوعكة صحة فشغلت الاوساط الفنية، ندعو لها بالصحة والعافية، وعلى المؤسسات الفنية والثقافية والنسوية ان ترعى هذه الفنانة كونها رافد فني عظيم صنعت شخصيات واسست لمسرح المرأة وعملت بجهد واجتهاد وتفاني كبير للمسرح العراقي لتكن احد رموز المسرح العراقي الكبير فعملت كأمرأة وانسانة ومثقفة لتضع لها بصمة مهمة في تاريخ وسفر المسرح العراقي تحية حب واعتزاز واكبار لك ازادوهي راهبة المسرح العراقي.

مدينة رافينا تنضم الى المدن الإيطالية التي اعترفت بإبادة الأرمن

$
0
0

Ravenna_102915

صرح مكتب الإعلام في وزارة الخارجية الأرمينية أن مجلس مدينة رافينا الإيطالية تبنى قراراً  في 22 تشرين الأول الجاري يعترف بإبادة الأرمن، آخذين بعين الاعتبار الطلب الموجه من الجمعية الأرمنية في إيطاليا، وكذلك حقيقة أن الابادة الأرمنية اعترفت بها العديد من الهيئات الدولية مثل لجنة حقوق الانسان في الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومجلس النواب الايطالي والبابا فرنسيس، فقد قرر مجلس مدينة رافينا دعم الشعب الأرمني والاعتراف بالابادة، وذلك بمناسبة الذكرى المئوية للابادة الأرمنية.

Viewing all 6774 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>